نعيش حالياً في ثنايا نسخة مزورة من عالم افتراضي عربي، حيث توقف العمل العربي المشترك عن الاستجابة للمتطلبات بسبب برامج أمنية رخيصة تعارضت مع برامجه الأصلية. ولعل آخر الاختراقات استغلال روسيا لثغرة في أنظمة تشغيل المجموعة العربية وتسللها لثنايا الأزمة السورية بحصان طروادة على شكل مؤتمر جنيف، أو قوات فصل روسية، أو بتوفير S-300 سيد أنظمة الدفاع الجوي بالعالم بصواريخه التي لا تحتاج لصيانة مدى الحياة.
أما الاختراق / الإهانة فاستغلال رئيس الكيان الصهيوني بيريز للعيــوب في نظامنا العربي واقتراحه أمام البرلمان الأوروبي 12 مارس 2013 بتدخل عسكري عربي في سوريا، أما العلة الجديدة في نظامنا العربي فهي النوافذ المنبثقة «Pop-ups»، حيث تتقافز فارضة نفسها بتسلل وقح، مشتتة الجهود ومعيقة كل عمل جاد.
لقد قفزت أحدث النوافذ المنبثقة للمسرح السوري 24 يناير 2012 تحت عنوان جبهة النصرة، وخطب أبو محمد الجولاني قائلاً «هذه بيعة من أبناء جبهة النصرة ومسؤولهم العام، نجدِّدها لشيخ الجهاد الشيخ أيمن الظواهري -حفظه الله-، فإننا نبايع على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والهجرة والجهاد، وألا ننازع الأمر أهله».
فكان على الغرب بعدها انتهاك خصوصيتنا مجدداً والتدخل السافر في نظامنا العربي وتركيب مانع للنوافذ المنبثقة «Pop-up blocker»، حيث قرر مجلس الأمن الدولي في 30 مايو 2013 بالإجماع إضافة «جبهة النصرة لأهل الشام» إلى قائمة الإرهاب. لقد كان لجبهة النصرة رغم حداثة دخولها المسرح السوري إنجازات عسكرية نوعية تظهر إرث القاعدة التعبوي الفذ، بمخاتلتهم أكبر الأعداء ثم التنفيذ بحرفية قوات الصفوة. وقد شاهدنا ذلك في الهجوم على قيادة الأركان السورية والمخابرات الجوية ونادي الضباط والفوج 46. لكن صدى مبايعة الظواهري وإدراجهم على قائمة الإرهاب عادت وبالاً على الثورة السورية برمتها، حيث توقف تدفق الأسلحة وتراجعت خطط الغرب لفرض مناطق حظر جوي. تبعها حملة خليجية لإبعاد النصرة عن هياكل الثورة السورية المدنية والعسكرية.
في الثمانينات قاتل بن لادن قوات بابراك كارمل المدعومة سوفيتياً، وحين ضاقت به مساحات التفجير هناك عاد لزرع الموت في شوارعنا؛ فهل يتكرر ذلك مع نمو جبهة النصرة في سوريا جراء رضاعتها من حسن النوايا الخليجية بالمساجد والديوانيات؟ لقد طفقت النصرة فاستدعت رفاق السلاح في العراق وأفغانستان والشيشان. حيث تلونت نوافذ النصرة المنبثقة حالياً بألوان عربية وتركية وشيشانية وأوزبكية وأوروبية. لكن بصمات الجهاديين الخليجيين ظهرت أكثر من غيرهم.
وقد أعلنت واشنطن أنها ستترك جنودها بالأردن بعد مناورات مشتركة، وأشار حلف الناتو أن تدخله وارد، وعليه لن يكون المشهد الافتتاحي للتدخل العسكري الدولي المرتقب مواجهة بين الأسد والغرب، بل مواجهة بين الغرب والباحثين عن الجنة في جولة جديدة من الحروب الصليبية وأولئك هم جبهة النصرة، ولتفويت مثل هذه المواجهة التي ستقوي الأسد فيتبعها بالضرورة فرار منتسبي جبهة النصرة من الخليجيين إلى شوارعنا، لتفويت ذلك لابد من ترويض جبهة النصرة، فلا نصر إلا عبر النصرة، أما دور الخليجيين في ذلك فيكون كالتالي:
- تروعنا جملة من الوقائع على الأرض السورية، فالتبعات الاستراتيجية تتعدى خطر التواجد الأجنبي والتدخل الإيراني لتصل لخطر خلق مناطق تدريب للقاعدة ولحزب الله وللفصائل العراقية المارقة. ولا نغالي في القول بقدرة دول الخليج على ترويض جبهة النصرة، فقد أظهر الأسبوعان الماضيان هناك ارتفاع مستوى الدور الخليجي ومنسوب الدور السعودي والقطري خاصة.
كما يظهر افتتاح طالبان لمكتب لإمارة أفغانستان الإسلامية في الدوحة قدرة الخليجيين على ترويض الفاعلين من غير الـــدول «Non-State Actors»، وقبلهــــم جماعة الإخوان في الكويت والبحرين وقطر، والتي كان التعامل معها سابقاً من الموبقات، فما الذي يمنع من ترويض جبهة النصرة خليجياً بالضغط على منابع دعمهم بالرجال والمال كخطوة لتغيير تأثير الفاعلين من غير الدول في صناعة الأحداث لصالحنا؟
- ولأنه لا قِبل للجيش الحر بإزاحة النصرة منفرداً، ولأن الدول الغربية لا تثق في تسليم أسلحتها مباشرة لثوار يمكن أن ينقلوا بنادقهم من كتف إلى آخر. ومع ضرورة إقامة رأس جسر عسكري عربي يمهد للتدخل الغربي؛ من أجل ذلك كله يمكن إنشاء وتسليح وتدريب لواء أو فرقة من المجاهدين الذين يشكل أبناء الجزيرة العربية شريحة كبيرة منهم قرب أو تحت مظلة درع الجزيرة لتحويل جريان نهر المتطوعين الخليجيين بعيداً عن جبهة النصرة تمهيداً لتحييدها.
الخلاصة الصافية إن القدرة التخريبية لبرامج متعارضة في النظام الأمني العربي هي سبب البؤس غير اللائق الذي يتعرض له إخواننا في سوريا، وجبهة النصرة تحمل قدراً كبيراً من وزر الإحجام الدولي والعربي عن إسقاط الأسد. ولن ننقل استشرافنا القابل للنقاش من دائرة الخلاف في الرأي إلى دائرة التحريض؛ لكن فكر القاعدة عابر للحدود، مما يلقي على عاتق مجلس التعاون الخليجي القادر اقتصادياً وسياسياً مهمة أن يرفع سيفه بدل أن يرفع صوته، ويساعد في ترويض جبهة النصرة من أجل سوريا، وقبل أن تلد النصرة الخليجية.
أما الاختراق / الإهانة فاستغلال رئيس الكيان الصهيوني بيريز للعيــوب في نظامنا العربي واقتراحه أمام البرلمان الأوروبي 12 مارس 2013 بتدخل عسكري عربي في سوريا، أما العلة الجديدة في نظامنا العربي فهي النوافذ المنبثقة «Pop-ups»، حيث تتقافز فارضة نفسها بتسلل وقح، مشتتة الجهود ومعيقة كل عمل جاد.
لقد قفزت أحدث النوافذ المنبثقة للمسرح السوري 24 يناير 2012 تحت عنوان جبهة النصرة، وخطب أبو محمد الجولاني قائلاً «هذه بيعة من أبناء جبهة النصرة ومسؤولهم العام، نجدِّدها لشيخ الجهاد الشيخ أيمن الظواهري -حفظه الله-، فإننا نبايع على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والهجرة والجهاد، وألا ننازع الأمر أهله».
فكان على الغرب بعدها انتهاك خصوصيتنا مجدداً والتدخل السافر في نظامنا العربي وتركيب مانع للنوافذ المنبثقة «Pop-up blocker»، حيث قرر مجلس الأمن الدولي في 30 مايو 2013 بالإجماع إضافة «جبهة النصرة لأهل الشام» إلى قائمة الإرهاب. لقد كان لجبهة النصرة رغم حداثة دخولها المسرح السوري إنجازات عسكرية نوعية تظهر إرث القاعدة التعبوي الفذ، بمخاتلتهم أكبر الأعداء ثم التنفيذ بحرفية قوات الصفوة. وقد شاهدنا ذلك في الهجوم على قيادة الأركان السورية والمخابرات الجوية ونادي الضباط والفوج 46. لكن صدى مبايعة الظواهري وإدراجهم على قائمة الإرهاب عادت وبالاً على الثورة السورية برمتها، حيث توقف تدفق الأسلحة وتراجعت خطط الغرب لفرض مناطق حظر جوي. تبعها حملة خليجية لإبعاد النصرة عن هياكل الثورة السورية المدنية والعسكرية.
في الثمانينات قاتل بن لادن قوات بابراك كارمل المدعومة سوفيتياً، وحين ضاقت به مساحات التفجير هناك عاد لزرع الموت في شوارعنا؛ فهل يتكرر ذلك مع نمو جبهة النصرة في سوريا جراء رضاعتها من حسن النوايا الخليجية بالمساجد والديوانيات؟ لقد طفقت النصرة فاستدعت رفاق السلاح في العراق وأفغانستان والشيشان. حيث تلونت نوافذ النصرة المنبثقة حالياً بألوان عربية وتركية وشيشانية وأوزبكية وأوروبية. لكن بصمات الجهاديين الخليجيين ظهرت أكثر من غيرهم.
وقد أعلنت واشنطن أنها ستترك جنودها بالأردن بعد مناورات مشتركة، وأشار حلف الناتو أن تدخله وارد، وعليه لن يكون المشهد الافتتاحي للتدخل العسكري الدولي المرتقب مواجهة بين الأسد والغرب، بل مواجهة بين الغرب والباحثين عن الجنة في جولة جديدة من الحروب الصليبية وأولئك هم جبهة النصرة، ولتفويت مثل هذه المواجهة التي ستقوي الأسد فيتبعها بالضرورة فرار منتسبي جبهة النصرة من الخليجيين إلى شوارعنا، لتفويت ذلك لابد من ترويض جبهة النصرة، فلا نصر إلا عبر النصرة، أما دور الخليجيين في ذلك فيكون كالتالي:
- تروعنا جملة من الوقائع على الأرض السورية، فالتبعات الاستراتيجية تتعدى خطر التواجد الأجنبي والتدخل الإيراني لتصل لخطر خلق مناطق تدريب للقاعدة ولحزب الله وللفصائل العراقية المارقة. ولا نغالي في القول بقدرة دول الخليج على ترويض جبهة النصرة، فقد أظهر الأسبوعان الماضيان هناك ارتفاع مستوى الدور الخليجي ومنسوب الدور السعودي والقطري خاصة.
كما يظهر افتتاح طالبان لمكتب لإمارة أفغانستان الإسلامية في الدوحة قدرة الخليجيين على ترويض الفاعلين من غير الـــدول «Non-State Actors»، وقبلهــــم جماعة الإخوان في الكويت والبحرين وقطر، والتي كان التعامل معها سابقاً من الموبقات، فما الذي يمنع من ترويض جبهة النصرة خليجياً بالضغط على منابع دعمهم بالرجال والمال كخطوة لتغيير تأثير الفاعلين من غير الدول في صناعة الأحداث لصالحنا؟
- ولأنه لا قِبل للجيش الحر بإزاحة النصرة منفرداً، ولأن الدول الغربية لا تثق في تسليم أسلحتها مباشرة لثوار يمكن أن ينقلوا بنادقهم من كتف إلى آخر. ومع ضرورة إقامة رأس جسر عسكري عربي يمهد للتدخل الغربي؛ من أجل ذلك كله يمكن إنشاء وتسليح وتدريب لواء أو فرقة من المجاهدين الذين يشكل أبناء الجزيرة العربية شريحة كبيرة منهم قرب أو تحت مظلة درع الجزيرة لتحويل جريان نهر المتطوعين الخليجيين بعيداً عن جبهة النصرة تمهيداً لتحييدها.
الخلاصة الصافية إن القدرة التخريبية لبرامج متعارضة في النظام الأمني العربي هي سبب البؤس غير اللائق الذي يتعرض له إخواننا في سوريا، وجبهة النصرة تحمل قدراً كبيراً من وزر الإحجام الدولي والعربي عن إسقاط الأسد. ولن ننقل استشرافنا القابل للنقاش من دائرة الخلاف في الرأي إلى دائرة التحريض؛ لكن فكر القاعدة عابر للحدود، مما يلقي على عاتق مجلس التعاون الخليجي القادر اقتصادياً وسياسياً مهمة أن يرفع سيفه بدل أن يرفع صوته، ويساعد في ترويض جبهة النصرة من أجل سوريا، وقبل أن تلد النصرة الخليجية.