في المرحلة الإعدادية، مرحلة التكوين والبحث والفضول والرغبة في أن نكون كباراً، في تلك المرحلة تعرفنا على قانون أو نظرية تدعى قانون الإهمال والاستعمال، والتي تعني أن أي عضو في جسمك لا تستخدمه سوف يصاب بالعطب أو الاضمحلال، وبالتالي لن تكون له قيمة في حياتك.
وما يحدث للجسد يحدث أيضاً في العلاقات الاجتماعية والسياسية والثقافية، فأنت إن قلت أنني سوف أتوقف عن الكتابة وسأعود إليها بعد فترة، لن تستطيع العودة، لأنك ساهمت في إهمال الإمكانية التي حصلت عليها ودربتها إلى أن وصلت إلى ما هي عليه، وابتعادك عنها فترة طويلة سوف يجعل عضلة الكتابة صعبة، بالضبط تماماً كما يحدث للاعب كرة القدم أو أية لعبة رياضية أخرى؛ إذا لم يمارس التمرين اليومي فإنه بذلك يفقد لياقته.
والعلاقات الاجتماعية إن أهملتها طويلاً تصاب بالعطب، وبالتالي بالعجز عن الاستمرارية بصورة جيدة مع الآخرين، وستجد من الصعوبة إعادتها.
هذا يذكرني بحكمة قرأتها قبل فترة، تقول؛ إنه قد سأل أحد الشباب رجلاً حكيماً..
قال له: لقد أغضبت زوجتي حبيبتي، وهي غير متقبلة لأي تفاهم مني لأعتذر عما حدث!!
فقال الحكيم: ماذا سيحدث للزهرة إن سقيناها؟!
قال الرجل: ستنمو!!
قال الحكيم: وماذا سيحدث للزهرة إن أهملناها؟!
قال الرجل: ستذبل!!
قال الحكيم: وماذا سيحدث إن أعطيت الزهرة ماءً بعدما ذبلت؟!
قال الرجل: لن تنمو من جديد لأنها قد ذبلت بالفعل!!
فابتسم الحكيم للرجل قائلاً: لا تجعل قلباً تحبه يصل إلى هذه المرحلة، لأن ما يذبل ويجف يستحيل إحياؤه من جديد!! وإن جفت المشاعر في القلوب فأي اهتمام لن يحييها!!
أعرف الآن، بعد تجربة ليست بالقصيرة امتدت إلى أكثر من نصف قرن، أن الحياة التي نحيا أقصر من قصيرة، وأن الموت لابد أن يأتي لي أو للآخر، الذي انقطعت عن التواصل معه، ولن ينفع الأسف بعد مغادرة أي منا هذا العالم إلى العالم الآخر، لذلك علينا الآن أن نبدأ.
لا تنتظر طويلاً لتعيد علاقاتك مع الآخرين؛ أهلك، أصحابك، وكل من تكن لهم المحبة الواسعة، عليك الآن لأنه لا وجود لفترة غير الآن. الآن هي كل ما تملك.. الآن هي اللحظة التي تحتاجها لإعادة الحياة والحيوية والنشاط والمحبة إلى كل إنسان، ارتفعت حواجز بينك وبينه، لا يهم طبيعة هذه الحواجز، ما أراه هو ضرورة أن تسارع بإعادة الوصلات بينك وبين الناس جميعاً.