لم تبقَ شتيمة ولا كلمة بذيئة في «بنك الشتائم والسباب» التابع لـ»المعارضة» إلا وتم توجيهها لأعضاء مجلسي الشورى والنواب منذ الساعة التي عقدوا فيها ذلك الاجتماع التاريخي، والذي وقفوا من خلاله صفاً واحداً ضد عمليات التخريب التي طالت كل زاوية في هذا البلد المسالم، الذي لم يعرف العنف وبقي على مدى السنين الماضيات بعيداً عن كيد الإرهاب وأفعال الإرهابيين وبعيداً عن الضغائن والأحقاد.
لم ينجُ من السباب والشتائم سوى اثنين من النواب واثنين من الشوريين، أما النائبان فهما خالد عبدالعال وأسامة التميمي، اللذان كان من الواضح أنهما «أطربا» جمهور الشاتمين بكلامهما واستغلالهما الموقف على طريقتهما الخاصة. أما الشوريان فهما علي العصفور وإبراهيم بشمي اللذان «اعتبر» الشتامون ملاحظاتهما واقتراحاتهما خلال الجلسة «تذكرة» لإخراجهما من قائمة الملعونين، رغم إدراكهم أنهما لا يقفان ضد التوصيات التي هي في كل الأحوال إعلان عن أن الأحوال في البلاد وصلت حداً لا يطاق ويستوجب وضع حد لما يجري من تجاوزات.
النسبة الأكبر من الشتائم اتجهت صوب النائب عادل المعاودة الذي اعتبروا كلامه معادياً لطائفة بأكملها رغم أنه كان واضحاً، فبيت الشعر الذي استشهد به لم يقصد به الطائفة الشيعية، ولم يقله بقصد التهجم على هذه الطائفة الكريمة، فقد كان كلاماً في السياسة وليس في الدين، أما النائب الآخر الذي نال ما تيسر من شتائم وسباب فهي سوسن تقوي التي لم يعجبهم تلاسنها مع التميمي.
يبدو أن الأعصاب المشدودة نتيجة التحرك القوي للدولة بعقد جلسة المجلس الوطني وإدانة الإرهاب واتخاذ خطوات عملية للحد منه وصولاً إلى القضاء عليه هو الذي وفر الاستعداد للفهم الخاطئ وتفسير الكلام -أي كلام- تفسيراً مغايراً وبعيداً عن المعنى المراد منه، وهو الذي وفر أسباب الحساسية من أي رأي مخالف لرأيهم.
اجتماع المجلس الوطني كان ضربة موجعة لأولئك الذين استهواهم الشيطان فزين لهم أعمالهم واستمرؤوا عمليات تعطيل الحياة وإرهاب الجميع، زاد من وجعهم سرعة إصدار الأمر الملكي والإيعاز إلى مجلس الوزراء لتنفيذ التوصيات الـ22، وسرعة توجيه رئيس الوزراء للوزراء والمسؤولين بالتنفيذ الفوري لتلك التوصيات وترجمتها إلى واقع عملي، ثم الزيارات المتتالية لسمو رئيس الوزراء إلى مجلسي الشوري والنواب ووزارة الداخلية وغرفة تجارة وصناعة البحرين، والتي هي زيارات واضح الهدف منها وتصب في ترجمة التوصيات إلى واقع.
كمية الشتائم التي تم توجيهها إلى أعضاء المجلس الوطني ينوء بحملها البعير، بل إن من شعر سريعاً بالهزيمة لم يتأخر عن «التبحبش» بغية الحصول إلى أي معلومة قد تكون سبباً في إحراج أولئك النواب، فنشروا صورة شاهد لقبر قالوا إنه والد النائب الفلاني كي يشفوا غليلهم، غير منتبهين إلى أن معلومة كهذه لا قيمة لها، ذلك أن أصل النائب وفصله وأهله وعشيرته لا علاقة له بموقفه الوطني، عدا أنه ليس عيباً أن يكون فلان أو علان من النواب أو من غيرهم ينتمي إلى هذه الفئة أو الطائفة أو الفصيل أو العشيرة، فالنائب والمواطن الشريف يوزن بما يقدم لهذا الوطن من حب وعمل.
ليس المحل مناسباً لاستعراض تلك الشتائم التي ملأت مواقع التواصل الاجتماعي عدا أن الذوق لا يسمح باستعراضها، لكنها في كل الأحوال معيبة في حق قائليها، خصوصاً وأن بعضهم من المتعلمين والمثقفين والعاملين في الشأن السياسي والمحسوبين على «المعارضة».
الأكيد أن مسلسل الشتائم الموجهة إلى النواب والشوريين لم يتوقف حتى اللحظة، فهناك من لايزال مقهوراً من موقفهم الذي اعتبروه «معادياً للمواطنين وللوطن»، ففي فهم هؤلاء أن إدانة الإرهاب إرهاب وجريمة وتقصير في حق الوطن وتحالف مع الحكومة يستوجب الإلغاء من «الفورمة»!