لقد تغيرت مهمة السفير عبر العصور ففي عصر النهضة الأوروبية كانت مهمة السفير التجسس والخداع، ولذلك عرف السفير بأنه ذلك الإنسان الذكي والأمين الذي يرسل للخارج ليكذب باسم دولته. وكان السفير معبراً عن رئيس الدولة باعتباره صاحب السيادة المطلقة، وفي هذا الصدد برزت صفات ثلاث للسفير أن يكون حسن المظهر يجيد فن العلاقات الاجتماعية من رقص وحفلات وسهرات، ومن يتابع تاريخ الإمبراطورية القيصرية والرواية المشهورة لتولستوي «آنا كارنينا» يلمس ذلك بوضوح سواء بالنسبة للسفراء أو للسياسيين، أو تاريخ إمبراطورية الهابسبورج (النمسا المجر) وغيرها يجد مثل هذه الحفلات كأداة مهمة من أدوات العمل الدبلوماسي والسياسي في ذلك العصر.
أما الصفة الثانية فهي الحصول على قدر متنوع من الثقافة العامة حتى يكون لبقاً في أحاديثه جاذباً لمن يتحدث إليهم وخاصة العنصر الناعم الذي هو عادة أحد أدوات التجسس الناجحة، والثالثة أن يكون غنياً أو كما قال بعض خبراء الدبلوماسية المشهورين أمثال هارولد نيكلسون في كتابه الكلاسيكي عن الدبلوماسية إن السفير إما أن يكون غنياً أو تكون زوجته غنية، وهذا هدفه توافر القدرة للإنفاق على وظيفته في الحفلات والعلاقات الاجتماعية المثمرة.
هذا المفهوم الدبلوماسي تغير مع نشأة الحركة الاستعمارية والثورة الصناعية فأصبحت المهمة الرئيسة للسفير الترويج لنشر الحضارة والصناعة ومن ثم الاستعمار، ومن هنا ظهر السفير بصفته المبعوث السامي لدولة الاستعمار التقليدية وظهرت دبلوماسية الزوارق الحربية كأداة من أدوات العمل الدبلوماسي، وأحياناً دبلوماسية الدبابات والمدرعات العسكرية، ومن هنا نجد مثال كرومر في مصر والسير هنري ستاك الذي اغتيل عام 1924، وأبرزها في التاريخ المصري المندوب السامي البريطاني الذي طالب الملك السابق فاروق الأول باستدعاء مصطفي النحاس باشا ليتولى رئاسة الوزارة، وعندما رفض الملك حاصر السفير البريطاني القصر الملكي بالدبابات في حادث 4 فبراير 1942 وتم له ما طلبه وتراجع الملك أمام قوة الدبابات البريطانية التي حاصرت قصره.
وكان السفير قد قدم للملك إنذاراً إما تولية النحاس السلطة، وإما التنازل عن العرش فاختار تولية النحاس السلطة والهدف بالطبع ليس الديمقراطية فقد كان النحاس زعيماً لحزب الوفد الذي يمثل الأغلبية آنذاك، وإنما الهدف أن تكون هناك حكومة في مصر تعبر عن الشعب لخدمة المصالح البريطانية أثناء اشتداد الحرب العالمية الثانية، وكانت مصر معرضة للاكتساح من قبل قائد القوات الألمانية في الشمال الأفريقي وتعاطف كثير من المصريين زعماء وأفراداً مع ألمانيا ليس حباً فيها أو في سياساتها، وإنما كراهية في الإنجليز.
وهذا ما تكرر بعد عدة سنوات في الضغط الأمريكي على المجلس العسكري بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك وإجباره وتهديده على إعلان فوز الدكتور محمد مرسي بالرئاسة، ليس حباً في الإسلام الديني أو السياسي، وإنما حفاظاً على العهد السري غير الشرعي بين الإخوان والولايات المتحدة، وإسرائيل بأن يقدموا لها أية تنازلات ترغب فيها ولو على حساب الوطن وأراضي سيناء لتحقيق مزيد من الأمن لإسرائيل الحبيبة المفضلة للولايات المتحدة، وقد تكشفت بعض ملامح هذا التواطؤ السري بعد ذلك كما سنرى، ولعبت السفيرة الأمريكية مارجريت سكوبي دوراً رئيساً في تلك الصفقة بعد أن خابت تقديراتها حول استمرار حكم الرئيس مبارك، وهي التي كانت تؤمل عليه وعلى وريثه غير الشرعي لحكم مصر آمالاً كبيرة، فنقلت الأمل بعد ذلك إلى وريثه الآخر غير الشرعي الحاكم بأمر المرشد.
الحقيقة التي يعرفها البعض أن مارجريت سكوبي كانت من المتصوفة أو من محبي التصوف، إذ كانت تحضر جلسات الذكر والموالد الدينية ومنها مولد السيد البدوي في طنطا، ونشرت بعض الصحف المصرية حضورها، وليس بالطبع لكونها مسلمة أو صوفية، ولكن السياسة والدبلوماسية أحياناً لها أحكامها، والمعني معروف لذوي الألباب، ومن متابعة أنشطة السفيرة سكوبي في مصر يتضح أن تقديراتها حول نظام مبارك لم تكن دقيقة، حيث أطيح بمبارك فكان لابد من استبدالها بالسفيرة القديرة المتخصصة بعمق في القضايا والدول الإسلامية، وهي السفيرة آن باترسون القادمة من باكستان، حيث كانت لها علاقات وثيقة بالقوي الإسلامية في باكستان وأفغانستان ونجحت في تحقيق الوئام وبناء السلام في هاتين الدولتين كما هو معروف، ومما يذكر أن زوجها، كان سفيراً أيضاً وتقاعد.
ومع صعود الإسلام السياسي في مصر كان من الضروري استخدام كفاءتها لمساعدة الإخوان على حكم البلاد، وإقامة المشروع الإسلامي في ظل الشرق الأوسط الكبير ونظرية الفوضى الخلاقة أي الهدامة التي عبرت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس، ووثقت السفيرة باتريسون علاقتها بمركز السلطة الحقيقي في مصر وهو المرشد العام للإخوان ونائبه خيرت الشاطر وبالطبع الرئيس محمد مرسي ووضعت لهم خطط الاستيلاء على مصر، أو بالأحرى ساعدتهم على تنفيذ خططهم للتمكين الديمقراطي وفقاً للصندوق، وهكذا أصبحت مهمة السفيرة نشر الديمقراطية الدينية الشمولية واستبعدت من تقييمها أهمية مجموعة تمرد المصرية بصفتها مجموعة من الشباب الذين لا يمكنهم الصمود في وجه الحكم المسمى إسلامي، وأكدت في تقاريرها استمرار وثبات حكم الإخوان.
وعندما تدخل الجيش وفشلت الخطة الأولى يتردد أنها وضعت الخطة البديلة بالضغط على القوات المسلحة للإفراج عن الرئيس وإطلاق سراحه وأن يتوجه بعد الإفراج عنه إلى ميدان رابعة العدوية، حيث المتظاهرون من أتباعه الذين أعلنوا بالروح بالدم سوف يدافعون عنه، وكما قال أحدهم والذي يحمل لقب شيخ ودكتور، إي يفترض أنه رجل دين يفهم في الإسلام ومبادئه ومثله وقيمه، كما يفهم معنى الديمقراطية والتي ليس من بين أدواتها، أن يرش الناس بالدم، ولكن ربما هذا هو الإسلام الحديث، وليس إسلام سيد الخلق محمد بن عبدالله، الذي لو عاد لتبرأ من أمثال هؤلاء جميعاً فلم يقل إلا بالتسامح والدعوة لدين الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
وتضمنت خطة السفيرة القديرة كما نشرت ذلك جريدة الأهرام في صفحتها الأولى يوم الإثنين 22 يوليو 2013 من واقع التسجيلات الرسمية المصرية أن يعلن الدكتور مرسي قيامه بمهامه الرئاسية من مسجد رابعة العدوية، وبذلك تكون هناك حكومتان في مصر، كما حدث في بلاد الشام التي أغرقت في الفوضى بفضل الخطط المتشابكة التي سوف تتكشف يوماً ما بين القاعدة والنصرة وأجهزة مخابرات الدول المتورطة في الأزمة السورية فما تقوم به النصرة لا يمت للإسلام بشيء ولكنه يخدم أهداف إسرائيل ودول أخرى عديدة منها من يحمل اسم الإسلام ومنها غير ذلك وكذلك الشأن بالنسبة للسلطان العثماني الذي يحلم بإعادة الحياة لرجل أوروبا المريض الذي توفي عام 1924، ولذلك أصيب الجميع بالهذيان منذ سقوط حكم الإخوان وأخفقت السفيرة الأمريكية كما أخفقت سابقتها ويبدو أن القوة الناعمة الأمريكية ليس لها نصيب في مصر، بخلاف ما حدث من نصيب في دول أخرى.
أما الصفة الثانية فهي الحصول على قدر متنوع من الثقافة العامة حتى يكون لبقاً في أحاديثه جاذباً لمن يتحدث إليهم وخاصة العنصر الناعم الذي هو عادة أحد أدوات التجسس الناجحة، والثالثة أن يكون غنياً أو كما قال بعض خبراء الدبلوماسية المشهورين أمثال هارولد نيكلسون في كتابه الكلاسيكي عن الدبلوماسية إن السفير إما أن يكون غنياً أو تكون زوجته غنية، وهذا هدفه توافر القدرة للإنفاق على وظيفته في الحفلات والعلاقات الاجتماعية المثمرة.
هذا المفهوم الدبلوماسي تغير مع نشأة الحركة الاستعمارية والثورة الصناعية فأصبحت المهمة الرئيسة للسفير الترويج لنشر الحضارة والصناعة ومن ثم الاستعمار، ومن هنا ظهر السفير بصفته المبعوث السامي لدولة الاستعمار التقليدية وظهرت دبلوماسية الزوارق الحربية كأداة من أدوات العمل الدبلوماسي، وأحياناً دبلوماسية الدبابات والمدرعات العسكرية، ومن هنا نجد مثال كرومر في مصر والسير هنري ستاك الذي اغتيل عام 1924، وأبرزها في التاريخ المصري المندوب السامي البريطاني الذي طالب الملك السابق فاروق الأول باستدعاء مصطفي النحاس باشا ليتولى رئاسة الوزارة، وعندما رفض الملك حاصر السفير البريطاني القصر الملكي بالدبابات في حادث 4 فبراير 1942 وتم له ما طلبه وتراجع الملك أمام قوة الدبابات البريطانية التي حاصرت قصره.
وكان السفير قد قدم للملك إنذاراً إما تولية النحاس السلطة، وإما التنازل عن العرش فاختار تولية النحاس السلطة والهدف بالطبع ليس الديمقراطية فقد كان النحاس زعيماً لحزب الوفد الذي يمثل الأغلبية آنذاك، وإنما الهدف أن تكون هناك حكومة في مصر تعبر عن الشعب لخدمة المصالح البريطانية أثناء اشتداد الحرب العالمية الثانية، وكانت مصر معرضة للاكتساح من قبل قائد القوات الألمانية في الشمال الأفريقي وتعاطف كثير من المصريين زعماء وأفراداً مع ألمانيا ليس حباً فيها أو في سياساتها، وإنما كراهية في الإنجليز.
وهذا ما تكرر بعد عدة سنوات في الضغط الأمريكي على المجلس العسكري بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك وإجباره وتهديده على إعلان فوز الدكتور محمد مرسي بالرئاسة، ليس حباً في الإسلام الديني أو السياسي، وإنما حفاظاً على العهد السري غير الشرعي بين الإخوان والولايات المتحدة، وإسرائيل بأن يقدموا لها أية تنازلات ترغب فيها ولو على حساب الوطن وأراضي سيناء لتحقيق مزيد من الأمن لإسرائيل الحبيبة المفضلة للولايات المتحدة، وقد تكشفت بعض ملامح هذا التواطؤ السري بعد ذلك كما سنرى، ولعبت السفيرة الأمريكية مارجريت سكوبي دوراً رئيساً في تلك الصفقة بعد أن خابت تقديراتها حول استمرار حكم الرئيس مبارك، وهي التي كانت تؤمل عليه وعلى وريثه غير الشرعي لحكم مصر آمالاً كبيرة، فنقلت الأمل بعد ذلك إلى وريثه الآخر غير الشرعي الحاكم بأمر المرشد.
الحقيقة التي يعرفها البعض أن مارجريت سكوبي كانت من المتصوفة أو من محبي التصوف، إذ كانت تحضر جلسات الذكر والموالد الدينية ومنها مولد السيد البدوي في طنطا، ونشرت بعض الصحف المصرية حضورها، وليس بالطبع لكونها مسلمة أو صوفية، ولكن السياسة والدبلوماسية أحياناً لها أحكامها، والمعني معروف لذوي الألباب، ومن متابعة أنشطة السفيرة سكوبي في مصر يتضح أن تقديراتها حول نظام مبارك لم تكن دقيقة، حيث أطيح بمبارك فكان لابد من استبدالها بالسفيرة القديرة المتخصصة بعمق في القضايا والدول الإسلامية، وهي السفيرة آن باترسون القادمة من باكستان، حيث كانت لها علاقات وثيقة بالقوي الإسلامية في باكستان وأفغانستان ونجحت في تحقيق الوئام وبناء السلام في هاتين الدولتين كما هو معروف، ومما يذكر أن زوجها، كان سفيراً أيضاً وتقاعد.
ومع صعود الإسلام السياسي في مصر كان من الضروري استخدام كفاءتها لمساعدة الإخوان على حكم البلاد، وإقامة المشروع الإسلامي في ظل الشرق الأوسط الكبير ونظرية الفوضى الخلاقة أي الهدامة التي عبرت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس، ووثقت السفيرة باتريسون علاقتها بمركز السلطة الحقيقي في مصر وهو المرشد العام للإخوان ونائبه خيرت الشاطر وبالطبع الرئيس محمد مرسي ووضعت لهم خطط الاستيلاء على مصر، أو بالأحرى ساعدتهم على تنفيذ خططهم للتمكين الديمقراطي وفقاً للصندوق، وهكذا أصبحت مهمة السفيرة نشر الديمقراطية الدينية الشمولية واستبعدت من تقييمها أهمية مجموعة تمرد المصرية بصفتها مجموعة من الشباب الذين لا يمكنهم الصمود في وجه الحكم المسمى إسلامي، وأكدت في تقاريرها استمرار وثبات حكم الإخوان.
وعندما تدخل الجيش وفشلت الخطة الأولى يتردد أنها وضعت الخطة البديلة بالضغط على القوات المسلحة للإفراج عن الرئيس وإطلاق سراحه وأن يتوجه بعد الإفراج عنه إلى ميدان رابعة العدوية، حيث المتظاهرون من أتباعه الذين أعلنوا بالروح بالدم سوف يدافعون عنه، وكما قال أحدهم والذي يحمل لقب شيخ ودكتور، إي يفترض أنه رجل دين يفهم في الإسلام ومبادئه ومثله وقيمه، كما يفهم معنى الديمقراطية والتي ليس من بين أدواتها، أن يرش الناس بالدم، ولكن ربما هذا هو الإسلام الحديث، وليس إسلام سيد الخلق محمد بن عبدالله، الذي لو عاد لتبرأ من أمثال هؤلاء جميعاً فلم يقل إلا بالتسامح والدعوة لدين الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
وتضمنت خطة السفيرة القديرة كما نشرت ذلك جريدة الأهرام في صفحتها الأولى يوم الإثنين 22 يوليو 2013 من واقع التسجيلات الرسمية المصرية أن يعلن الدكتور مرسي قيامه بمهامه الرئاسية من مسجد رابعة العدوية، وبذلك تكون هناك حكومتان في مصر، كما حدث في بلاد الشام التي أغرقت في الفوضى بفضل الخطط المتشابكة التي سوف تتكشف يوماً ما بين القاعدة والنصرة وأجهزة مخابرات الدول المتورطة في الأزمة السورية فما تقوم به النصرة لا يمت للإسلام بشيء ولكنه يخدم أهداف إسرائيل ودول أخرى عديدة منها من يحمل اسم الإسلام ومنها غير ذلك وكذلك الشأن بالنسبة للسلطان العثماني الذي يحلم بإعادة الحياة لرجل أوروبا المريض الذي توفي عام 1924، ولذلك أصيب الجميع بالهذيان منذ سقوط حكم الإخوان وأخفقت السفيرة الأمريكية كما أخفقت سابقتها ويبدو أن القوة الناعمة الأمريكية ليس لها نصيب في مصر، بخلاف ما حدث من نصيب في دول أخرى.