ليست مزحة؛ ولكنها حقيقة، وهوأمر مثير، فقد تم قبل أيام نشر صورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لشاب ملثم يرتدي فانيلة عليها شعار ما صار يعرف باسم ائتلاف فبراير وهو يقدم درعاً تذكارياً لرجل كبير في السن! أرفق بالصورة الخبر التالي: «ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير يكرم رجالات الصمود ببلدة سفالة بعاصمة الثورة ويهديهم دروع تكريمية لنضالهم المتواصل مع أبناء شعبهم ولثباتهم في ساحات الثورة وميادينها»! أوليس هذا الأمر مثيراً فعلاً؟
في السنوات الأولى لانطلاق جمعية الوفاق، خصوصاً أيام خروجهم عن الطوق ومشاركتهم في مجلس النواب، انتشرت دروع التكريم بشكل كبير، إلى الحد الذي قال لي أحد المواطنين إنه اضطر إلى توجيه نقد لاذع لعدد من الوفاقيين النواب والقول إن الناس لا يريدون منكم دروعاً وإنما أعمالاً تجعلهم هم من يقوم بتقديم الدروع تكريماً لكم.
في الفترة الأخيرة توقفت الوفاق عن توزيع دروع التكريم، ويبدو أن ائتلاف فبراير وصلته الفكرة متأخرة بعض الشيء، فدخل في هذه القصة، ولكن من دون أن يلاحظ أن الذي يقوم بالتكريم ينبغي أن يكون جهة معروفة وتعمل في العلن، وأن الذي يقدم الدروع ينبغي أن يزيل اللثام عن وجهه، فأي قيمة لتكريم يأتي من جهة ملثمة ومن شخص ملثم؟
قيام الائتلاف بتكريم كبار السن من أهل سترة التي يتم التسويق لها على أنها «عاصمة الثورة»، يمكن تفسيره على أنه إعلان عن الضعف لا عن القوة، فأي ثبات في ساحات وميادين الثورة يمكن أن يسجل لكبار في السن؟ إلا إن كان التكريم تقديراً لقدرتهم على تحمل أذى «الثوار» وتحمل الأدخنة بأنواعها!
ليست دروع التكريم هي ما يحتاجه أهل القرى، فلا قيمة لهذه الدروع ولا يستفيد منها إلا من صنعها وباعها، ما يحتاجه هؤلاء هو الأمن والأمان اللذان لا يتحققان طالما أن البعض لا يزال مصراً على مواجهة قوات الأمن بإشعال النار في إطارات السيارات ورميهم بزجاجات المولوتوف وممارسة العنف. ما يحتاجه أهل القرى هو أن يعيشوا في هدوء وأمان، ففي مثل هذه الأجواء فقط يمكنهم الحصول على مطالبهم وحقوقهم وتطوير حياتهم. طريق العنف والمواجهات لا يمكن أن يحصل منه أهل القرى على ما يبتغون لأن العنف لا يولد إلا عنفاً، وطريق التكريم بالدروع التي يقدمها ملثمون في حفل خاطف لا يمكن أن يوصل إلى ما يعود بالنفع على هؤلاء البسطاء الذين يراد تلويث عقولهم بالسياسة.
لا يمكن لحق أن يضيع طالما أن وراءه مطالب، لكن المطالبة بالحقوق عبر بوابة العنف وأعمال التخريب سلوك إرهابي لا تجد الدولة إزاءه إلا محاربته للقضاء عليه. الحقوق لا تتحقق عبر هذه الطرق، والحصول عليها ليس صعباً في بلد كالبحرين لا تتحفظ فيه الدولة إلا على طريقة المطالبة بها. طوال الثلاثين شهراً الفائتة ورغم كل ما حصل لم يحدث أن قالت الدولة إنها ضد قيام المواطنين بالمطالبة بحقوقهم، ولم يحدث أن أنكرت عليهم تلك الحقوق. الدولة تحفظت ولا تزال على طريقة المطالبة بتلك الحقوق، خصوصاً في ظل وجود قنوات عديدة يكفلها الدستور وينظمها القانون.
القول إن جمعية الوفاق دخلت البرلمان ولم تتمكن من إحداث تغيير يؤدي إلى الحصول على تلك الحقوق، وبالتالي لا مفر من تجربة الطرق الأخرى وانتزاع الحقوق عنوة قول مردود عليه، ذلك أن إخفاق الوفاق لا يعني أن الطريق خاطئ بقدر ما يعني أنهم لم يقوموا بواجبهم كما ينبغي ولم يفلحوا.
ليس طريق العنف هو ما سيحصل من خلاله المواطنون على حقوقهم وإن امتلأت بيوتهم بدروع التكريم بكل الأحجام.
{{ article.visit_count }}
في السنوات الأولى لانطلاق جمعية الوفاق، خصوصاً أيام خروجهم عن الطوق ومشاركتهم في مجلس النواب، انتشرت دروع التكريم بشكل كبير، إلى الحد الذي قال لي أحد المواطنين إنه اضطر إلى توجيه نقد لاذع لعدد من الوفاقيين النواب والقول إن الناس لا يريدون منكم دروعاً وإنما أعمالاً تجعلهم هم من يقوم بتقديم الدروع تكريماً لكم.
في الفترة الأخيرة توقفت الوفاق عن توزيع دروع التكريم، ويبدو أن ائتلاف فبراير وصلته الفكرة متأخرة بعض الشيء، فدخل في هذه القصة، ولكن من دون أن يلاحظ أن الذي يقوم بالتكريم ينبغي أن يكون جهة معروفة وتعمل في العلن، وأن الذي يقدم الدروع ينبغي أن يزيل اللثام عن وجهه، فأي قيمة لتكريم يأتي من جهة ملثمة ومن شخص ملثم؟
قيام الائتلاف بتكريم كبار السن من أهل سترة التي يتم التسويق لها على أنها «عاصمة الثورة»، يمكن تفسيره على أنه إعلان عن الضعف لا عن القوة، فأي ثبات في ساحات وميادين الثورة يمكن أن يسجل لكبار في السن؟ إلا إن كان التكريم تقديراً لقدرتهم على تحمل أذى «الثوار» وتحمل الأدخنة بأنواعها!
ليست دروع التكريم هي ما يحتاجه أهل القرى، فلا قيمة لهذه الدروع ولا يستفيد منها إلا من صنعها وباعها، ما يحتاجه هؤلاء هو الأمن والأمان اللذان لا يتحققان طالما أن البعض لا يزال مصراً على مواجهة قوات الأمن بإشعال النار في إطارات السيارات ورميهم بزجاجات المولوتوف وممارسة العنف. ما يحتاجه أهل القرى هو أن يعيشوا في هدوء وأمان، ففي مثل هذه الأجواء فقط يمكنهم الحصول على مطالبهم وحقوقهم وتطوير حياتهم. طريق العنف والمواجهات لا يمكن أن يحصل منه أهل القرى على ما يبتغون لأن العنف لا يولد إلا عنفاً، وطريق التكريم بالدروع التي يقدمها ملثمون في حفل خاطف لا يمكن أن يوصل إلى ما يعود بالنفع على هؤلاء البسطاء الذين يراد تلويث عقولهم بالسياسة.
لا يمكن لحق أن يضيع طالما أن وراءه مطالب، لكن المطالبة بالحقوق عبر بوابة العنف وأعمال التخريب سلوك إرهابي لا تجد الدولة إزاءه إلا محاربته للقضاء عليه. الحقوق لا تتحقق عبر هذه الطرق، والحصول عليها ليس صعباً في بلد كالبحرين لا تتحفظ فيه الدولة إلا على طريقة المطالبة بها. طوال الثلاثين شهراً الفائتة ورغم كل ما حصل لم يحدث أن قالت الدولة إنها ضد قيام المواطنين بالمطالبة بحقوقهم، ولم يحدث أن أنكرت عليهم تلك الحقوق. الدولة تحفظت ولا تزال على طريقة المطالبة بتلك الحقوق، خصوصاً في ظل وجود قنوات عديدة يكفلها الدستور وينظمها القانون.
القول إن جمعية الوفاق دخلت البرلمان ولم تتمكن من إحداث تغيير يؤدي إلى الحصول على تلك الحقوق، وبالتالي لا مفر من تجربة الطرق الأخرى وانتزاع الحقوق عنوة قول مردود عليه، ذلك أن إخفاق الوفاق لا يعني أن الطريق خاطئ بقدر ما يعني أنهم لم يقوموا بواجبهم كما ينبغي ولم يفلحوا.
ليس طريق العنف هو ما سيحصل من خلاله المواطنون على حقوقهم وإن امتلأت بيوتهم بدروع التكريم بكل الأحجام.