لـم نحتــفِ بالتوصيـــات التـــي أطلقهـا المجلس الوطني احتفاء «بصحـــوة» طارئـــــة انتظرناها طويلاً تعيد للسلطة التشريعية بعضاً من هيبتها المهدورة فحسب، بل احتفاء بصدى صوتنا الذي بح وهو يعزف لحن الصولو المنفرد دون مجيب، ممن يفترض أنهم ممثلونا في مواجهة مكائن تفريخ الإرهاب ومنابعه، فجاءت الجلسة لتردد صوتنا من بعد صمت قاتل، وغياب شبه تام، رغم وجود كافة الأدوات الرقابية تحت أيدي السلطة المنتخبة، لهذا انعقدت الجلسة الاستثنائية من أجل فرض إرادة شعبية على مؤسسات الدولة التنفيذية لمواجهة رعاة الإرهاب وحماته.
واتضح أن الجلسة الاستثنائية كانت كبيضة الديك، إذ عاد المجلس بعد أن باضها لسباته، فلا لجان تصرح ولا رؤساء كتل تندد، ولا من متابع من شورى أو نواب لما فرضته الإرادة الشعبية من توصيات، ولا حتى تصريحات تندد بعدم تنفيذ أهمها وهي «تنفيـــذ» و«تطبيق» التشريعات الخاصة بجرائم ومخالفات رعاة الإرهاب وحماته.
ولأن رعاة الإرهاب وحماته يعلمون أن جلسة المجلس ليست سوى بيضة ديك، أمعنـــوا بالتحدي لشعب البحرين، مستهينين يومياً ومنذ انتهاء الجلسة إلى اليوم بالقوانين التي صدرت وبالدولة بمؤسساتها، دون أن يلتفتوا لحظــة وراءهــم، تحدوا سلطتها التشريعيـــة وتحدوا جميع أجهزتها التنفيذيـة، بعــد أن جسوا النبض وعرفوا أن الجدية معدومــة فيما يتعلق بحاضنات الإرهاب، أما فيما يتعلق بتنفيذ القوانين على الإرهابيين فتلك مسألة لا تهمهم، فما هذا الشباب الذي يقبض عليه يومياً سوى حطب لجهنم وقرابين يحرقونها هم وتحرقهم معها الدولة بتخاذلها.
بعد الجلسة وفوراً أصدرت جمعية الوفاق أكثر من بيان وتصريح ومؤتمر وتغريدات أكدت فيه عدم اعترافها بالميثاق أو بالدستور أو بمؤسسات الدولة الأمنية أو بمؤسساتها القضائية ولا بأي قانون صدر ولا بأي قرار صدر بما فيها القوانين الأخيرة المنظمة للعمل السياسي لاتصال الأحزاب بالمنظمات الخارجية، وقالت بالحرف الواحد إن هذه القوانين «كعدمها ولا تلزمها» وعموماً هذه نغمة سائدة الآن حتى عند الأفراد البسطاء وكأنها فتوى عامة تجيز لجماعة الولي الفقيه عدم الخضوع والالتزام بالقوانين البحرينية، هم فقط ملتزمون بالقوانين الدولية!! وما علينا الآن سوى مراقبة وإحصاء الزيادة في عدد المخالفات، والجنح لجميع أنواع القوانين المنظمــة لحياتنــا ســواء كانــت مروريــة أو صحية أوبلدية أوغيرها تلبية لهذه الدعوة «تلومونهم؟»
عموماً تصــدر المجلــس العلمائــي قائمــة المستهينين بالقانون وبالدولة فلم يكتــرث بالتوصية الخاصة بإنفاذ القانون ومعاقبة الأشخاص الذين يقومون بتأسيس كيان خارج الإطار القانوني، وتحدى تلك التوصية بإصــدار بيــــان يذكــر الدولــة بوجوده كمـا إن البيان الذي أصدره نص على رفض مراسيم ملكية خاصة بالأوقاف الجعفرية مثلما رفض سابقاً مرسوماً لكادر الأئمة والمؤذنين وقام بتفعيل رفضه حين منعت مليشيات المجلس المنضمين للكادر من دخول المساجد والمآتم ويومها لم تحرك الدولة ساكناً وها هي لم تحرك ساكناً بعد البيان الأخير، في حين أن مصدر البيــان ومضمونه يدلان على أننا أمام دولة داخل الدولة... ماذا تريدون أكثر من ذلك؟
ثم تبعته جمعية الوفاق التي قالت بالحرف إنها لا تعترف بالقوانين البحرينية تلك المتعلقة بتنظيم عمل الأحزاب السياسية، ورغم هذا التحدي العلني، أيضاً سكتت الدولة ولا كأنها سمعت أو رأت من يتحداها، فماذا تتوقعون من الأفراد؟!
هل تجرؤ كنيسة في العالم أن تقول (طز) في قوانين الدولة التي تقع فيها تلك الكنيسة؟ والله لو فعلها أكبر قس أوحتى أي بابا في أي دولة ديمقراطية لوجد جيب شرطة صغير تابع للولاية التي يقطن فيها يسحبــه لمركــز الشرطة ويحقق معه، فإن ثبتت جريمته فتطبق العقوبة الرادعة فوراً عليه، فلا قدسية فوق قدسية القانون ولا كيان خارج نطاق الدولة.
وهل يجرؤ حزب المحافظين أوحزب العمال في بريطانيا أوحزب الجمهوريين أو حزب الديمقراطيين في أمريكا،أن يقول للقوانين الأمريكية (طز) في قوانينكم والجهة التي أصدرته فأنا أتبع القوانين الدولية لا القوانين الأمريكية أو القوانين البريطانية المحلية؟ أولاً لو قالها عضو في أي حزب مرخص لتبرأ منه الحزب، هذا أولاً، ولو أصدر هذا الحزب بيان استهزاء أو أهان قوانين الدولة أومؤسساتها التنفيذيــة لقامــت قيامــة المجتمــع بصحافته بمؤسساته حتى يعتذر الحزب أو يحل.
يا عمي.. المجتمعات هناك حية تــرزق بشخصياتها الاعتبارية بقواهــا السياسيـــة بإعلامها هؤلاء هم حماة القانون وحماة مؤسساته، مجتمعات حية تحافظ على كيانها وتحترم نفسها، بل وتجبر المسؤولين على تنفيذ إرادتها الشعبية، أصوات تجلد التخاذل فوراً، ومتابعة واعية ودينامكية للحركة لا تغفو ولا تغفــل عينهــا عــن مصالحهــا ومكتسباتها وليست صحوتها كبيضة الديك عندنا!!
ملاحظة:
قال لي أحدهم: لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
أجبته : قادر على أن يحيي العظام وهي رميم!!