ادعاء الدفاع عن العروبة والإسلام وحقوق المستضعفين من الأمتين كان شعاراً دائماً لحزب الله اللبناني؛ الذي هو فعلياً الذراع العسكري لنظام الجمهورية الإسلامية في إيران.
في سنوات ماضية وقف العرب والمسلمون وقفة تحية للحزب على محاربته العدو الإسرائيلي في جنوب لبنان ونجاحه في تحرير الجنوب، بيد أن هذه المسألة تحولت لأشبه بـ «الشماعة» التي يعلق عليها الحزب كل تصرفاته، وكأنه «يمن» على العرب والمسلمين في تلك المواجهة مع الإسرائيليين.
اليوم يستغرب كثيرون مما يفعله حزب الله، خاصة لعبه الدور الكبير في عملية «قتل» الشعب السوري ومساعدة النظام الديكتاتوري لبشار الأسد، يستغرب كثيرون ذلك لأن الحزب الذي طالما أقنعهم بأنه خط الدفاع الأول ضد إسرائيل هو اليوم يترك إسرائيل ويوجه صواريخه وأسلحته إلى صدر الشعب السوري الذي انتفض على الطغيان والظلم والديكتاتورية المتمثلة في نظام الأسد.
المشكلة أن الإعلام العربي هو من ضخم ما حصل في جنوب لبنان، هو من صور حزب الله على أنه جهة تدافع عن حقوق العرب والمسلمين كافة دون تحيز أو تمييز، والإعلام نفسه اليوم هو من يشن الهجوم على الحزب ذاته ويطالب بتصنيفه ضمن المنظمات الإرهابية بعد الجرائم الشنيعة التي ارتكبها حزب الله في سوريا، وكيف لحزب يدعي الدفاع عن حقوق العرب والمسلمين يقبل بأن يستهدف أطفالاً ورضعاً ويقطع الرقاب في مقاربة صريحة لما يفعله الجنود الإسرائيليون في الفلسطينيين.
ما حصل في جنوب لبنان والمواجهة مع الإسرائيليين لم تكن أبداً عملية دفاع عن حقوق العرب والإسلام، بل المتمعن فيما حصل سيكتشف بسهولة أنها مسألة كانت تخدم حزب الله وحده، لكن الحزب وإعلامه لعبها بذكاء بحيث جعل العرب يصطفون حوله ويؤيدونه فيما يفعل لأنه في مواجهة مع إسرائيل وبذريعة الدفاع عن القضية الفلسطينية، بيد أن الحقيقة تمثلت في احتلال جديد للجنوب اللبناني، احتلال لحزب يمثل إيران لا يمثل جزءا ًمن لبنان.
سعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، وجه تساؤلات عديدة للحكومة اللبنانية بشأن سكوتها وقبولها بأن يتدخل حزب الله في سوريا بهذا الشكل الصارخ، إذ كيف تكون الحدود مفتوحة لعشرات اللبنانيين المنتمين لحزب الله للوصول للمناطق السورية والمشاركة في قتل السوريين الذين وصل عدد قتلاهم بحسب الإحصائيات المعلنة إلى 100 ألف شهيد بينهم عشرات الأطفال والرضع. الحريري قال بأن حزب الله تحول إلى حاكم فعلي للبنان، وأن حسن نصر الله نصب نفسه الآمر الناهي في البلد مستنداً على دعم إيران والخامنائي.
نعم؛ حارب حزب الله إسرائيل لكن ليحرر الجنوب ويحتلها هو ويبدأ تأسيس دولة بداخل دولة، والأخطر تأسيس دولة تابعة للجمهورية الإيرانية التي من السخف أن تدعي كذباً أنها حريصة على مصلحة العرب، إذ هي من تعمل على تفتيت العرب وزرع الطوابير الخامسة في بلادهم وتجهد في زعزعة الأمن والاستقرار.
إن كان حزب الله يدعي أن حربه عربية إسلامية أصيلة تمثل جميع المنتمين لهاتين الأمتين، فلماذا حول صراعه مع إسرائيل لحرب «كلامية» بعد أن تمركز في الجنوب؟! وهل إسرائيل بهذه السهولة بحيث تنسحب من الجنوب بالطريقة التي حصلت وكأنها «كسرت» أو «خسرت»؟! ألا يذكركم المشهد بانسحاب الأمريكان من العراق وبالتالي أصبحت العراق «أوتوماتيكياً» تحت سيطرة إيرانية تامة؟!
كيف لحزب الله أن يسكت طوال هذه السنوات على ما يحصل للفلسطينيين من قتل، وكيف لإيران أن تسكت، ألا يمكنهم توجيه صواريخهم تجاه العدو الصهيوني بدلاً من توجيهها في صدور العرب؟!
اليوم حينما يطالب العرب باعتبار حزب الله تنظيماً إرهابياً فإنهم يفعلون شيئاً صحيحاً لكنه متأخر جداً، ولا نلومهم، إذ عملية البحث عن الحقيقة فيما حصل بشأن تحرير جنوب لبنان وبسبب وجود إسرائيل كطرف في المعادلة لم تكن أمراً يسترعي الاهتمام، بيد أن ما يحصل في سوريا اليوم هو ما سبب «الصدمة»، إذ كيف يقتل الحزب الذي يدعي أنه خط الدفاع عن العروبة والإسلام كيف يقتل العرب والمسلمين؟!
مغفل من يصدق بأن ذراعاً عسكرياً لإيران أو جهة تابعة لنظام الخامنائي ستكون جهة مدافعة عن العرب، حتى لو ادعت ذلك وسمت نفسها بأسماء تدغدغ مشاعر العرب. ولكم في سوريا أبلغ مثال.
حزب الشيطان كان ومازال وسيظل حزباً إرهابياً، لم يعمل أبداً لصالح العرب بل لصالحه هو وخدمة لأجندته فقط.