ما يجري الآن في البحرين هو أن «المعارضة» تبحث عن أي سبب لتهييج الشارع وإدخال البسطاء في مواجهة مع رجال الأمن، لذا فإنها تستغل كل فعل مهما صغر تقوم به الحكومة ويفرضه الواجب لتستمر في نشاطها الذي لا يزيد الوضع إلا تعقيداً.
منطقياً لا يمكن لأي حكومة إلا أن تمارس دورها لأنها مسؤولة عن الجميع، وما «المعارضة» إلا شريحة تظل صغيرة مهما كبرت، فهي شريحة واحدة من بين شرائح كثيرة الحكومة مسؤولة عنها، فكما إن هؤلاء مواطنون كذلك فإن الآخرين مواطنون يفرض وجودهم على الحكومة واجبات لا يمكنها إلا أن تقوم بها.
من غير المعقول أن تحدث فوضى وتحدث احتجاجات لمجرد قيام الحكومة بحجز مواطن، خصوصاً وأنها لا تقوم بهذا الفعل اعتباطاً وإلا فقد المواطنون الإحساس بالأمان. من حق الحكومة أن تقوم بما يفرضه عليها الواجب وبما يشعر الآخرين بوجودها، ومن حقها أن تشعر أنها محترمة ومهابة وإلا ضاعت الدولة، حيث الدولة سلطة، والسلطة لها حقوق مثلما أن عليها واجبات، ورفع الصوت في وجهها بسبب ودون سبب لا يمكن أن تقبل به ولا يمكن أن يستقيم.
من حق الحكومة أن تراقب وتحاسب وتقاضي وتعاقب، ومن حقها أن تفرض النظام وتضع الجميع تحت طائلة القانون، وليس من العدل أن «تثور» المعارضة وتحتج على قيامها بممارسة هذا الحق.
ما يحدث الآن في البحرين هو أن «المعارضة» تريد أن تسير الأمور على كيفها، وأن يكون القرار كل القرار بيدها. هذا وضع لا يمكن لدولة مستقلة أن تقبل به، فليس في العالم كله حكومة تقبل بالتدخل في عملها، وهذا يشمل التدخلات الخارجية التي ازدادت في الفترة الأخيرة إلى الحد الذي دفع إيران إلى استخدام مفردات من قبيل «يجب على حكومة البحرين» و»ينبغي من حكومة البحرين» وغيرها من مفردات لا يمكن إلا رفضها؛ على الأقل لانتفاء العلاقة.
لو كانت «المعارضة» تعتقد أن الحكومة ستسكت إزاء التجاوزات والتدخل في عملها فهي مخطئة، واعتقاد البعض أن الحكومة هي الأب؛ وبالتالي فإن عليها أن تتحلى بالصبر ويتسع صدرها لكل التجاوزات اعتقاد غير واقعي ولا يقبله المنطق، خصوصاً مع ازدياد التجاوزات ووصولها إلى حد محاسبة الحكومة على كل تصرف تقوم به. لا يمكن للحكومة أن تقبل بالتدخل في عملها والاحتجاج على كل فعل تقوم به.
ما يحدث حالياً في البحرين هو أن «المعارضة» تريد أن ترفع صوتها في وجه الحكومة وتحاسبها على كل عمل تقوم به، وتعتقد أن من حقها هي فقط أن تفعل وتفعل وأن رد الفعل من الحكومة ينبغي أن يكون بارداً وسلبياً. هي لا تريد من الحكومة أن تحاسب أحداً تجاوز وأدى تجاوزه إلى الإضرار بالآخرين الذين هم مسؤولية الحكومة، ولا تريدها أن تراقب أو حتى تحتج. هذا أمر غير مقبول وغير واقعي.
لا يمكن للحكومة أن تقبل بالتجاوزات، ولا يمكن للآخرين أن يقبلوا بأن تقف الحكومة مكتوفة الأيدي وترى المخالفات والتجاوزات وتبقى صامتة. لا يمكن للحكومة أن تتجاوز دورها وتتخلى عن مسؤولياتها، لذا فإنها تراقب وتحاسب المخطئ وتعمل جهدها لوضع حد لكل هذا الذي يحدث وإلا فقدت هيبتها ومكانتها.
على «المعارضة» أن تنتبه إلى هذا الأمر إن أرادت أن تحقق مكاسب على أرض الواقع، فهي لن تجد الاحترام والتقدير من الحكومة إن هي لم تعمل ما يعبر عن احترامها وتقديرها للحكومة، وواصلت دورها في تحشيد الناس ضد كل تصرف تقوم به الحكومة.