مهما قال الانقلابيون ومهما حاولوا إثارة الغبار الإعلامي في الخارج، ومهما فبركوا وكذبوا وافتعلوا لإيهام العالم أن ما حصل في البحرين «ثورة تبحث عن الديمقراطية»، فإن العارف في شؤون البحرين يدرك تماماً الحقيقة الكاملة وراء كل ما حصل.
هي محاولة انقلابية، ومساعٍ لاختطاف البلد وتحويلها لفرع تابع لإيران. هذه هي الخلاصة من الآخر.
ولأن الإعلان الصريح عن هذا الهدف بمثابة «انتحار سياسي» للانقلابيين، وسيتسبب بتداعيات سلبية عديدة عليهم خاصة من قبل المجتمع الدولي الذي سيصنفهم بلا تردد بإرهابيين وعملاء للخارج، فإن الوصول لغايتهم كان لابد وأن يتم بطريقة ممنهجة وخطوة تلو أخرى.
ليس الحديث هنا عن حقيقة الدوافع، ففي البحرين كل يعرف موقع الآخر ويعرف قناعاته ودوافعه، نعرف تماما من هم الذين ضربوا البلد في ظهرها، ونعرف تماماً من هم الخونة، ونعرف تماماً من هم الذين غيروا خطابهم الانقلابي الطائفي حينما رأوا أن هذه البلد لن تسقط بين ليلة وضحاها، ونعرف تماماً من هم المخلصون.
الحديث هنا عن هؤلاء المخلصين من أبناء الوطن، كل في موقعه. هؤلاء الذين وقفوا خلال الأزمة وضحوا بسلامتهم وأرواحهم لأجل حماية البحرين وصد شر الانقلابيين عنها، ومن اجتهدوا في تعرية زيف وكذب الانقلابيين وشكلوا صوتاً مقابلاً، أقلها صوت تحرك بعفوية ليحمي بلده من أناس «دربوا» أنفسهم لسنوات حتى يطغى صوتهم لحظة الاختطاف.
بالتالي حينما نسترجع ذكريات ما حصل؛ فوضى الدوار، المشانق، دعوات القتل والموت، صور المخلصين الذين تحولوا لمستهدفين، وكل ما حصل هناك من أمور لا تقول إلا شيئاً واحداً في خلاصتها وهو أن ما يحصل في البحرين هدفه إسقاط النظام، شنق رموزه، ترحيل غير المشاركين في الثورة الطائفية، الانتقام منهم، وقد قدموا نموذجاً واضحاً في ممارسات السلمانية واعتداءات المدارس وإرهاب الجامعة.
اليوم أكثر ما يضايق الشارع البحريني المخلص أن يرى شخصيات وطنية دافعت عن البلد وقامت بدورها «الهام» في تلك المرحلة المفصلية وهي تتهم ويحاول الانقلابيون النيل منهم وتصويرهم كمجرمين ووضعهم في قفص الاتهام ساعين لمحاكمتهم.
اليوم أكثر ما يسوء الشارع البحريني المخلص أن يرى المجرم يرتدي رداء البراءة ويحاول أن يلقي بإجرامه على من لولاه لكان هذا المجرم اليوم يرقص على جثة الوطن ودماء المخلصين فيه.
حفظ الله البحرين بفضله ثم بتوفيقه لجهود المخلصين من أبنائها على رأسهم قادة ورجال الأمن، هؤلاء الذين عاشوا أياماً عصيبة لحماية البحرين والتصدي لإرهاب مازال مستمراً، هؤلاء الذين سقط في صفوفهم العديد من الشهداء والجرحى والمصابين ومازالوا يسقطون.
لكن رغم محاولات قتل رجال الشرطة، ورغم التنفيذ الواضح لفتوى «اسحقوهم»، إلا أن استهداف رجال الأمن باختلافهم أصبح هدفاً اليوم للانقلابيين من خلال رفع الدعاوى القضائية الكيدية ومحاولة الانتقام منهم بهذا الأسلوب، ولن يقتصر الأمر بالتأكيد على رجال الواجب بل سيطال كل مخلص دافع عن وطنه، وكأنك تدفع ضريبة كونك وطنياً ولرفضك الاصطفاف مع من اصطف مع الانقلابيين!
هنا نستغرب قبول الجهات المعنية في البلد رفع هكذا دعوات بعضها كما الكتاب يتضح من عنوانه، هدفها النيل من المخلصين والشرفاء، نستغرب التعاطي السريع في قبول هذه الدعوات إن قام محامون -سخروا جهودهم للدفاع عمن انقلب على البحرين- بتقديمها ورفعها.
هل وصلنا بالفعل لمرحلة نجد فيها من حمى البلد ودافع عنها مستهدفاً، في مقابل ذلك من ضرب البلد وخانها ومن مازال يفعل الأفاعيل فيها طليقاً حراً دون حتى مساءلة؟! للأسف هذا واقع معاش.
إن كان من عتب أيضاً فهو على تخاذل بعض المحامين الوطنيين في التداعي للدفاع عن المخلصين، في وقت نرى فيه استماتة من محامي الأطراف المعارضة للدفاع عنهم وتحويل الاهتمام في المقابل لاستهداف المخلصين في جهة أخرى.
في أي بلد سيشهد ما شهدته البحرين من محاولات انقلابية صريحة لا نصدق أن ينقلب الحال ليكون الخائن والإرهابي والمحرض طليقاً دون مساءلة، بينما الوطنيون المخلصون حامو البلد هم من يواجهون المساءلة القانونية كمتهمين! في أي بلد يتحول الإرهابي والمحرض والانقلابي لصاحب حق في رفع القضايا على من وقفوا ضده ليكفوا البلد شر إرهابه ويصدوا انقلابه؟!
إن كان استهداف المخلصين سيتواصل بهذه الصورة، وإن كان إرخاء الحبل للخونة ليستهدفوهم بهذه الطريقة، فأخشى أن يأتي علينا يوم يكرر فيه التاريخ نفسه دون أن يهب المخلصون للدفاع باستماتة مشابهة لما حصل في 2011، إذ أبعد حماية البلد والذود عنها يحاكمون لأن الخائن ادعى عليهم كيداً وكذباً وتلفيقاً؟!
اللهم احفظ البحرين ورجالها المخلصين واحمهم من كل كيد وشر.