لا أزال أذكر البرنامج الحواري التلفزيوني، والذي كان يتناول موضوع الهجوم الساحق للقنوات الفضائية على الشاشات العربية الصغيرة. كيف كان رد فعل الجمهور بين معارض معتدل ومعارض بشدة وبين قلة قليلة موافقة مع كثير من التحفظ، بسبب أن هذه المحطات تحمل مفاهيم مغايرة لواقعنا العربي الإسلامي الذي نعيشه وأنه يجب ألا تنخرط أفكار أبنائنا بنوع البرامج التي يتم عرضها، إضافة إلى مجموعة من المعللات والأسباب التي لا تسعفني ذاكرتي أن أسردها كلها.
لكن كانت مداخلة بسيطة لشاب في العشرينيات كان جالساً ضمن الحضور والهدوء والسكينة يخيمان على ملامح وجهه، فقد أخذ جوابه صدى كبيراً عند أغلب الحضور بشكل عام ومقدّم البرنامج بشكل خاص؛ عندما قال بصوت هادئ: «اعذروني على صراحتي المكللة ببعض الوقاحة ربما؟! فأنا لا أجد أي داعٍ لإقامة هذه الحلقة الحوارية والمناقشة في هذا الموضوع أساساً. فمن السهل جداً إذا صادفك برنامج تلفزيوني لا يتناسب مع اعتبارات الثقافة الخاصة بك وأهل بيتك؛ فمن السهل جداً وبالضغط على مفتاح واحد في الريموت كونترول أن تقلب المحطة. اقلب المحطة وتخلص من وجع الرأس الذي ممكن أن يعتريك، وفوق هذا يمكنك أن تضع قفلاً على المحطات المحظورة مشاهدتها. هذا كل ما في الأمر، فلا أسهل ولا أسرع من حل جذري لهذا النقاش القائم حالياً والذي استغرق ما يزيد عن 90 دقيقة، كان بالإمكان أن ننجز بها الكثير أو الاستمتاع بمواضيع شيقة أكثر».
صدق هذا الشاب؛ كم من السهل أن نقلب المحطة، هذا الأمر الذي نقوم فيه بحياتنا اليومية بدل المرة ألفاً، فالمشاهد متداخلة ومتناقضة في واقعنا العربي الذي نعيشه، حتى إنه مرات يعجز علينا ترجمتها ولا نعلم بأي لغة يتم سردها. فحالنا غير مفهوم ومواقفنا غير ثابتة، ترانا نتأثر ويأخذ عقلنا وتفكيرنا برنامج ينقل حفلات الزفاف في إحدى الدول العربية ونقول في أنفسنا «هذه الحياة والا بلاش»، ونفكر في الطريق التي نسلكها لكي نعيش مباهج الحياة المزيفة، وخلال الفاصل الإعلاني ممكن أن يستوقفنا مشهد المجازر والعنف الذي يقع على أحد شعوب الدول الشقيقة، يحرك المشهد فينا نزعة الانتفاضة الداخلية لما يجري ونثور لما نرى، ونقول «لاااا» في جدارنا الداخلي، هذا ظلم وعدوان، وتكون ثورتنا متزامنة مع دقائق المشهد الذي نشاهده، محاولين أن نغض نظرنا عن الشريط الإعلاني الذي يمر في أسفل الشاشة للنداءات الإنسانية بطلب المساعدة ولو بالقليل، ونعزي أنفسنا بعدم المشاركة أو الإرسال أن العالم لن يقف على مساعدتك الزهيدة، وأنها لا تغير في الواقع شيئاً يذكر، وأنه يوجد كثيرون غيرك سوف يقدمون المساعدات المرجوة. ومن ثم ننتبه أن الوقت يداهمنا؛ فلابد أن نقلب المحطة على البرنامج الذي يستقطب انتباه آلاف الجماهير، وأنه لابد من إرسال الرسائل النصية التي تسهم في فوز مشتركك المفضل في أحد برامج الهواة.
من وجهة نظرنا، الصوت هنا له قيمة ولابد من تكثيف التصويت والعمل في تحفيز الأهل والخلان والجيران وكل قريب وبعيد للمشاركة. كم هو سهل أن تتبدل مواقفنا بين محطة وأخرى.. فما نقوم به على شاشة التلفاز هو نفسه الذي نقوم به في حياتنا كل يوم.
صدق الشاعر عندما قال
للطـيـب طـيـب وللـمواقـف رجـاجـيل
وللـخـيل ســــرج وللــركـايـب الأشــــــدّه
والحـجـه الـلـي مـا يجـيـهـا حلاحـيـل
تـبـطي وهي هـدّه وتــــاتـــــي بــهــدّه
والـوقـت بـيـن لــي رجــال ٍ معالـيـل
بـاصـد مـنـهــا صــدتـــي والله صــــــدّه
والقـلـب لاصـــارت عـروقــه مغـالـيـل
مـــا يـنـفـعـك راعــيه لـــــــو زاد نـــــدّه
{{ article.visit_count }}
لكن كانت مداخلة بسيطة لشاب في العشرينيات كان جالساً ضمن الحضور والهدوء والسكينة يخيمان على ملامح وجهه، فقد أخذ جوابه صدى كبيراً عند أغلب الحضور بشكل عام ومقدّم البرنامج بشكل خاص؛ عندما قال بصوت هادئ: «اعذروني على صراحتي المكللة ببعض الوقاحة ربما؟! فأنا لا أجد أي داعٍ لإقامة هذه الحلقة الحوارية والمناقشة في هذا الموضوع أساساً. فمن السهل جداً إذا صادفك برنامج تلفزيوني لا يتناسب مع اعتبارات الثقافة الخاصة بك وأهل بيتك؛ فمن السهل جداً وبالضغط على مفتاح واحد في الريموت كونترول أن تقلب المحطة. اقلب المحطة وتخلص من وجع الرأس الذي ممكن أن يعتريك، وفوق هذا يمكنك أن تضع قفلاً على المحطات المحظورة مشاهدتها. هذا كل ما في الأمر، فلا أسهل ولا أسرع من حل جذري لهذا النقاش القائم حالياً والذي استغرق ما يزيد عن 90 دقيقة، كان بالإمكان أن ننجز بها الكثير أو الاستمتاع بمواضيع شيقة أكثر».
صدق هذا الشاب؛ كم من السهل أن نقلب المحطة، هذا الأمر الذي نقوم فيه بحياتنا اليومية بدل المرة ألفاً، فالمشاهد متداخلة ومتناقضة في واقعنا العربي الذي نعيشه، حتى إنه مرات يعجز علينا ترجمتها ولا نعلم بأي لغة يتم سردها. فحالنا غير مفهوم ومواقفنا غير ثابتة، ترانا نتأثر ويأخذ عقلنا وتفكيرنا برنامج ينقل حفلات الزفاف في إحدى الدول العربية ونقول في أنفسنا «هذه الحياة والا بلاش»، ونفكر في الطريق التي نسلكها لكي نعيش مباهج الحياة المزيفة، وخلال الفاصل الإعلاني ممكن أن يستوقفنا مشهد المجازر والعنف الذي يقع على أحد شعوب الدول الشقيقة، يحرك المشهد فينا نزعة الانتفاضة الداخلية لما يجري ونثور لما نرى، ونقول «لاااا» في جدارنا الداخلي، هذا ظلم وعدوان، وتكون ثورتنا متزامنة مع دقائق المشهد الذي نشاهده، محاولين أن نغض نظرنا عن الشريط الإعلاني الذي يمر في أسفل الشاشة للنداءات الإنسانية بطلب المساعدة ولو بالقليل، ونعزي أنفسنا بعدم المشاركة أو الإرسال أن العالم لن يقف على مساعدتك الزهيدة، وأنها لا تغير في الواقع شيئاً يذكر، وأنه يوجد كثيرون غيرك سوف يقدمون المساعدات المرجوة. ومن ثم ننتبه أن الوقت يداهمنا؛ فلابد أن نقلب المحطة على البرنامج الذي يستقطب انتباه آلاف الجماهير، وأنه لابد من إرسال الرسائل النصية التي تسهم في فوز مشتركك المفضل في أحد برامج الهواة.
من وجهة نظرنا، الصوت هنا له قيمة ولابد من تكثيف التصويت والعمل في تحفيز الأهل والخلان والجيران وكل قريب وبعيد للمشاركة. كم هو سهل أن تتبدل مواقفنا بين محطة وأخرى.. فما نقوم به على شاشة التلفاز هو نفسه الذي نقوم به في حياتنا كل يوم.
صدق الشاعر عندما قال
للطـيـب طـيـب وللـمواقـف رجـاجـيل
وللـخـيل ســــرج وللــركـايـب الأشــــــدّه
والحـجـه الـلـي مـا يجـيـهـا حلاحـيـل
تـبـطي وهي هـدّه وتــــاتـــــي بــهــدّه
والـوقـت بـيـن لــي رجــال ٍ معالـيـل
بـاصـد مـنـهــا صــدتـــي والله صــــــدّه
والقـلـب لاصـــارت عـروقــه مغـالـيـل
مـــا يـنـفـعـك راعــيه لـــــــو زاد نـــــدّه