مشكلة الانقلابيين في البحرين تكمن في عشقهم لـ «التقليد الأعمى» ظناً منهم بأنه هكذا «يصفون» أنفسهم مع الآخرين ويمنحون أنفسهم «مصداقية» ويلفتون لهم الأنظار.
حاولوا باستماتة أن يضعوا أنفسهم ضمن مصاف «ثورات الربيع العربي»، فإذا بالصفعة تأتيهم من مساعد وزير الخارجية الأمريكي مايكل بوسنر في لجنة الاستماع في الكونجرس الأمريكي العام الماضي بحضور أحد عناصر الوفاق الهاربين وذلك حينما قال: لا يمكن اعتبار البحرين ضمن دول الربيع العربي لأن هناك أعداد ضخمة رفضت ما حصل وليس كل الناس طالبوا بإسقاط النظام.
الناس ليسوا مغفلين، بالأخص أهل الثورات «الأصلية» في دول الربيع العربي، وأيضاً من يراقب المشهد العربي بتفاصيله بدقة وعناية يعلمون تماماً أنه في تلك الدول تحركت الشعوب باختلاف طوائفها وانتماءاتها ضد الظلم والجور ولأجل المطالبة بحقوقها المسلوبة، لكن في البحرين عرف العالم أن من تحركوا يمثلون فئات «فاحت» رائحة طائفيتها بقوة، حاولت سرقة صوت الشيعة والسنة «غصباً»، بل كذبت في إدعائها القول بأن «الشعب يريد» رغم التطورات العديدة التي شهدتها البحرين على الصعيد الديمقراطي والإنساني والمجتمعي.
ثورات الربيع العربي لم تكن أبداً طائفية، لكن انقلابيي البحرين حراكهم طائفي عنصري لا يمثل انعكاساً إلا للنظام الذي يمجدونه ويرفعون رموزه كتيجان على رؤوسهم، ونعني النظام الإيراني الذي لا يجرؤ من يدعون دفاعهم عن حقوق الإنسان لدينا هنا أن ينطقوا بحرف ضد جرائمه الإنسانية وشنقه المعارضين وقمعه الأبرياء، لا يجرأون على انتقاد إبادة إيران لشعبها من المذاهب الأخرى، لا ينبسون بحرف إزاء تدخلها السافر لقتل الشعب السوري.
اليوم يتحرك «المقلدون» على خلفية ما حصل في مصر، ولا تلوموهم، فهم يبحثون في كل بقعة على هذا الكوكب عن شيء «يلصقون» أنفسهم بهم، مثلما فعلوا في احتلال الدوار بأسلوب حزب الله اللبناني.
اليوم يدعون لحركة تحت اسم «تمرد» بزعم مطابقتها لحركة «تمرد» المصرية التي حشدت الملايين ونتيجة لذلك تدخل الجيش وتم عزل الرئيس محمد مرسي.
ما حصل في مصر بالنسبة لهم -وتحديداً التحشيد ضد رأس النظام بغض النظر عن النقاش في هذا الموضوع الذي يطول بالنسبة لمصر- إنما يمثل لانقلابيي البحرين «حلماً» قديماً متجدداً، يحلمون بأن ينقلبوا على النظام البحريني وإبداله بنظام ولائي مذهبي عنصري يحكمه الولي الفقيه المعمد إيرانياً.
ما حصل هز مشاعرهم وجعل «قرائحهم» تتفتق كون أول «المنتشين» هو الوفاقي علي سلمان الذي في خطابه «تقلب» كعادته بين محاولة حذرة لعدم الخوض بوضوح في مسألة «صندوق الانتخابات» في حالة مرسي، وبين رغبته العارمة في تغيير نظام الحكم في البحرين وتفصيله حسب «مزاجه الطائفي»، وأوصلته نشوته فتطاول على ملك البحرين وكذلك على رئيس الوزراء.
الأصوات بدأت على مواقع التواصل الاجتماعي لتدعو إلى حركة «تمرد» في البحرين وبتاريخ 14 أغسطس القادم، وطبعاً ستجدون من يقفون وراء حركة 14 فبراير -بالأخص من محرضي لندن الذين يتكفل المرشد الإيراني عبر خادمه المقيم في عاصمة الضباب بمصاريف إقامتهم ومعيشتهم- ستجدونهم داعمين بقوة للدعوة لمثل هذه الحركة «عل وعسى» يحصل ما «يحلمون» به كل ليلة بشأن إسقاط النظام البحريني.
الوفاق ستركب الموجة بشكل أوضح في القادم من الأيام، كما فعلت في الدوار حتى لا تخسر ظهور صورتها في «برواز البطولة»، وسيبدأ استخدام اسم حركة «تمرد» مثلما استخدموا مسمى «الربيع العربي»، والمخجل أنهم سيسيئون لحركة «تمرد» المصرية والمصريين الذين تجمعوا في ميدان التحرير حينما سيحاولون أن يلتصقوا بهم ويدعوا أنهم يحاكون ما فعلوه، وهنا يا لقبح من يلتصق إذ لن يكون سوى طائفي ولائي عنصري يدين بالعبودية والتبعية المطلقة لخامنائي إيران، بخلاف المصريين أهل العروبة.
المفارقة المضحكة بالنسبة لمناضلي «التقليد الأعمى» في البحرين، أنهم سيحاولون محاكاة ما فعلته حركة «تمرد» في مصر، لكن ستواجههم مشكلة مفصلية هنا، إذ حتى يحققوا ما حققه المصريون سيحتاجون بالتالي لتدخل الجيش! طبعاً، الجيش في البحرين حاله كحال الجيش المصري، جيش وطني يدافع عن عروبة بلده واستقلالها ولا يقبل بتدخل الأجنبي فيها، بالتالي كيف ستكتمل مسرحية «تمرد» البحرينية بدون تدخل الجيش البحريني الذي من المستحيل أن «ينقلب» مثلما انقلب الخونة ضد بلادهم وطعنوها في ظهرها؟!
هو تقليد اعتدناه بأسلوب «الكوبي بيست» ومن «الجنون» أن يكتمل، إلا إن كان «المتمردون» الانقلابيون يعولون على تدخل «جيشهم الأصلي»، أي جيش الخامنائي الإيراني ليكمل فصول «حركتهم المتمردة» الطائفية ضد البحرين والمخلصين من شعبها!
أخوتنا المصريون «امسحوها في وجوهنا»، إذ ندرك أنها إهانة لكم حينما يحاول انقلابيون طائفيون مذهبيون عنصريون التشبه بكم والالتصاق بحراككم، لكنكم مثلنا تعرفون كيف يعمل «عملاء إيران».