هكذا قال جلالة الملك قبل حين، وهذا ما صار العالم كله يراه على أرض الواقع، ويبدو أن مثيري الشغب سواء من المنتمين إلى الجمعيات السياسية أو المحسوبين عليهم أو من المنتمين إلى أو المحسوبين على الحركات الدخيلة على العمل السياسي والتي شعرت لبعض الوقت أنها مسيطرة على الشارع وقادرة على تحريكه وإحداث الفوضى في الوقت الذي تشاء وفي المكان الذي تريد، يبدو أنهم في الطريق إلى الزوال، فاليوم يلاحظ الجميع أنهم في تناقص ويلاحظ أن أعمال التخريب قلت بدرجة كبيرة، وأن عمليات اختطاف الشوارع لم تعد تثير أحداً؛ بل صارت تعطي مردوداً عكسياً، حتى صار المتعاطفون مع منفذيها أول منتقديها، خصوصاً بعدما تبين لهم أن نارها تلامس حياتهم ويؤثر سلباً على مستقبل أبنائهم، فهذا النوع من السلوك الأكثر اعوجاجاً لا يمكن أن يوصل إلا إلى نتيجة واحدة هي انفضاض الآخرين عنها، وإن كانوا من المتعاطفين مع المخططين لها ومنفذيها.
لم يعد لتلك الممارسات عديمة القيمة أصلاً ما يمكن أن يعين منفذيها على تسجيل نقطة لصالحهم، واستمرار بعضهم في السلوك نفسه ما هو إلا تعبير عن قلة الحيلة والشعور بالهزيمة والإحساس بعدم الرضا عن الذات والمكابرة. هذه العمليات المتخلفة في كل شيء لا تحقق أي فائدة لفاعليها أو المساندين لهم سوى القول إن محاولاتهم لتحقيق مآربهم مستمرة وأنهم لا يزالون على قيد الحياة، وكل هذا لا قيمة له، فالمواطن، خصوصاً المتضرر من هكذا سلوكيات، لن يجد أمامه سوى التفكير ولو للحظة والانتباه إلى أن ما يقوم به أولئك من أعمال تخريب وفوضى يتضرر منها هو قبل غيره، والانتباه إلى أن ما يراد لوطنه ليس خيراً وإنما شر دبر بليل.
لحظة انتباه واحدة وتأمل من المواطنين، خصوصاً في القرى، تكفي لوضع ألف علامة استفهام على ما يقوم به أولئك من أعمال تخريب وفوضى، وتكفي جولة في الشوارع التي تضررت بسبب إشعال النيران في إطارات السيارات وغيرها من المخلفات لينبري ألف سؤال وسؤال يتصدرها سؤال ملخصه.. ماذ بعد؟ إلى أين يريدون بنا أن نصل؟ ذلك أن مسألة إسقاط النظام غير ممكنة إلا في أحلام أولئك الذين زين لهم البعض أهواءهم، حيث الواقع أثبت أن هذا الأمر مستحيل، وأن مسائل التغيير لا تحسم بالتمنيات ولا بأحلام اليقظة.
الواعي لتركيبة دول الخليج العربية ولما يدور في المنطقة يتبين له على الفور أن ما قام به أولئك منذ سنتين ولا يزالون مستمرين فيه يصنف في باب الجنون ويعبر عن انفصالهم عن الواقع، والدليل أن الكثيرين ممن تعاطفوا معهم أو انخدعوا بشعاراتهم لبعض الوقت راجعوا أنفسهم وصاروا ينظرون إلى الأمر بواقعية، بل يبدو أن هذا التراجع شمل حتى البعض من الذين شاركوا في تلك العمليات، والدليل تناقص تلك العمليات وتضاؤل أعداد مثيري الشغب.
للمرة المليون أقول إن هذا لا يعني أنه ليس للمواطنين مطالب واستحقاقات، وحتى الحكومة لا تقول بهذا، وكذلك القيادة، فلا أحد ينكر أن للمواطنين بعض المطالب التي هي من حقهم، والدستور يكفل لهم المطالبة بها والحصول عليها. المشكلة ليست هنا؛ لكنها في طريقة المطالبة البعيدة عن أخلاق أهل البحرين والمتجاوزة للعادات والتقاليد والمتطاولة على الدين، فليس من الدين أن تقدم المطالب ملفوفة في إطارات سيارات تحترق، وليس من الأخلاق ولا من طبيعة المجتمع البحريني أن ترفع المظالم بهذه الطريقة المتخلفة، حيث الخط الرديء ينقص من وضوح الحق.
مثيرو أعمال الشغب في تضاؤل مستمر.. والدليل مشروع «تمرد» الفارغ من كل محتوى ومعنى.. والمقلد!