لم تكن الدعوة إلى ما سمي بـ«تمرد 14 أغسطس» إلا حلقة في مسلسل طويل من صفقات الاستيراد التي تؤمن أن الحل للمشكل البحريني يكمن في استيراد حركة من هذا البلد أو ذاك، وهي عملية استيراد لم تتوقف خلال عشرية الإصلاح، وأعلم أن كل ما يقال في الصحف ووسائل الإعلام، الجيدة منها والرديئة، لن يغير كثيراً في فكر الحاصلين ترخيص استيراد مفتوح، ولذا فمن غير المجدي التوجه إليهم بأي خطاب، لأن هؤلاء بحاجة لمختصين تفوق قدراتهم بكثير قدرات الفقير لله الذي لا يملك إلا قلماً صحافياً يعبر به عن رأيه.
وبنفس القدر من التواضع؛ لا يوجد عندي ما يمكن أن أقوله للطرف الثاني، والذي أصبح همه الأوحد التأهب والاستعداد في انتظار الفعل ليقدم ردود فعل آنية ضعيفة تفتقد إلى بعد الرؤية، وتعتمد على الصراخ الجماعي الذي ينتهي بمجرد انتهاء الحدث، ودون البحث عن حلول تعتمد على امتلاك زمام المبادرة والإبداع، وهو للأمانة لا يختلف كثيراً عن الطرف الأول في شهوة الاستيراد، وهو ما جعل خيالات مزعجة تراودني حول إمكانية استيراد هذا الطرف لبضاعة «تجرد» المصرية المنتجة في مصانع الجماعة الإسلامية، ودهقانها المهندس عاصم عبدالماجد، رداً على بضاعة «تمرد» المصرية هي الأخرى، ولكن الله سلم وتوقفت حركة الاستيراد على كميات محدودة من المصطلحات منها تردد كلمة «شرعية» ببغائية هنا وهناك دون مناسبة.
لكن وبصدق؛ فإن أسوأ ما في الأمر هو أن عقليتين منحتا نفسيهما الحق في اتخاذ قرارات تخص حياة آلاف البشر دون تخويل، إحداهما هي الجهة التي تقف وراء تخطيط وتنفيذ حركة 14 فبراير، التي لا يمكن إنكار أنها حصلت على بعض التعاطف الإقليمي والدولي مدعوماً بما أحرزه الربيع العربي من تغيرات في دول تطلعت شعوبها إلى الديمقراطية في حينه، ولكنها وخلال عامين من الأداء الرديء سطرت اسمها في قوائم الفشل والإخفاق مدعومة مرة أخرى بانفضاح الكثير من ملابسات الربيع العربي وكواليسه بل وشخوصه، فأتت هذه الجهة لتعيد الكرة مرة أخرى من خلال ما سمي بحركة «تمرد 14 أغسطس» دون أن تعي أن تكرار سيناريو 14 فبراير أصبح في حكم المستحيل.
وثانيها جهة هلامية لزجة تتكون من مجموعة من الأطراف، أفراداً ومؤسسات، يجمعها هدف الصراع من أجل البقاء، ولا يؤثر اختلافها الفكري والعرقي والثقافي واللغوي في أسلوبها لعدم قدرتها على العيش خارج أجواء الأزمات، حيث إنها تقتات على الاحتقان السياسي والطائفي، ما يجعلها في حال ترقب انتظاراً لبوادر أزمة تساعد على سريان الدماء في عروقها وعودتها إلى الواجهة بخطابات منفرة تتخذ شكل التزلف والمديح المثير للتقزز مرة، والمعتمد على رمي التهم جزافاً واختراع القصص والأحداث والوقائع عبر سيناريوهات تفوح منها رائحة الكذب الرخيص.
أخطر ما تقوم به هذه الجهة هو أنها تعمل بكل قوتها على منع أي توافق أو تقارب أو تهدئة قد تقضي عليها وعلى مشاريعها المعتمدة بالأساس على التأزيم، والذي بنت من خلاله اقتصاداً متيناً يزداد عدد المنتفعين منه يوماً بعد آخر، وهذه الزيادة المضطردة في أعداد المنتفعين من التأزيم سيجعلهم قوة ضاربة تقضي على كل فرصة لبناء بحرين مستقرة، وستعمل هذه الجماعة اللزجة على إعادة إنتاج شعارات تؤمن لها الاستمرار والبقاء، وقودها شعب غاضب على الطرفين، ويبقى الحل الأوحد لهذه الأزمة هو سحب مقاعد الحوار وإطفاء فلاشات الكاميرات عن المتطرفين، والبحث عن طرف عاقل يستحق أن يكون شريكاً في عملية سياسية تكتب الفصل الأخير من الأزمة، ليبدأ صفحة جديدة عنوانها «العقل» تقول للمؤزمين والمستوردين والمكبلين بردود الفعل وللمسترزقين على الأزمات عودوا إلى بيوتكم.. و«سعيكم مشكور!!».
{{ article.visit_count }}
وبنفس القدر من التواضع؛ لا يوجد عندي ما يمكن أن أقوله للطرف الثاني، والذي أصبح همه الأوحد التأهب والاستعداد في انتظار الفعل ليقدم ردود فعل آنية ضعيفة تفتقد إلى بعد الرؤية، وتعتمد على الصراخ الجماعي الذي ينتهي بمجرد انتهاء الحدث، ودون البحث عن حلول تعتمد على امتلاك زمام المبادرة والإبداع، وهو للأمانة لا يختلف كثيراً عن الطرف الأول في شهوة الاستيراد، وهو ما جعل خيالات مزعجة تراودني حول إمكانية استيراد هذا الطرف لبضاعة «تجرد» المصرية المنتجة في مصانع الجماعة الإسلامية، ودهقانها المهندس عاصم عبدالماجد، رداً على بضاعة «تمرد» المصرية هي الأخرى، ولكن الله سلم وتوقفت حركة الاستيراد على كميات محدودة من المصطلحات منها تردد كلمة «شرعية» ببغائية هنا وهناك دون مناسبة.
لكن وبصدق؛ فإن أسوأ ما في الأمر هو أن عقليتين منحتا نفسيهما الحق في اتخاذ قرارات تخص حياة آلاف البشر دون تخويل، إحداهما هي الجهة التي تقف وراء تخطيط وتنفيذ حركة 14 فبراير، التي لا يمكن إنكار أنها حصلت على بعض التعاطف الإقليمي والدولي مدعوماً بما أحرزه الربيع العربي من تغيرات في دول تطلعت شعوبها إلى الديمقراطية في حينه، ولكنها وخلال عامين من الأداء الرديء سطرت اسمها في قوائم الفشل والإخفاق مدعومة مرة أخرى بانفضاح الكثير من ملابسات الربيع العربي وكواليسه بل وشخوصه، فأتت هذه الجهة لتعيد الكرة مرة أخرى من خلال ما سمي بحركة «تمرد 14 أغسطس» دون أن تعي أن تكرار سيناريو 14 فبراير أصبح في حكم المستحيل.
وثانيها جهة هلامية لزجة تتكون من مجموعة من الأطراف، أفراداً ومؤسسات، يجمعها هدف الصراع من أجل البقاء، ولا يؤثر اختلافها الفكري والعرقي والثقافي واللغوي في أسلوبها لعدم قدرتها على العيش خارج أجواء الأزمات، حيث إنها تقتات على الاحتقان السياسي والطائفي، ما يجعلها في حال ترقب انتظاراً لبوادر أزمة تساعد على سريان الدماء في عروقها وعودتها إلى الواجهة بخطابات منفرة تتخذ شكل التزلف والمديح المثير للتقزز مرة، والمعتمد على رمي التهم جزافاً واختراع القصص والأحداث والوقائع عبر سيناريوهات تفوح منها رائحة الكذب الرخيص.
أخطر ما تقوم به هذه الجهة هو أنها تعمل بكل قوتها على منع أي توافق أو تقارب أو تهدئة قد تقضي عليها وعلى مشاريعها المعتمدة بالأساس على التأزيم، والذي بنت من خلاله اقتصاداً متيناً يزداد عدد المنتفعين منه يوماً بعد آخر، وهذه الزيادة المضطردة في أعداد المنتفعين من التأزيم سيجعلهم قوة ضاربة تقضي على كل فرصة لبناء بحرين مستقرة، وستعمل هذه الجماعة اللزجة على إعادة إنتاج شعارات تؤمن لها الاستمرار والبقاء، وقودها شعب غاضب على الطرفين، ويبقى الحل الأوحد لهذه الأزمة هو سحب مقاعد الحوار وإطفاء فلاشات الكاميرات عن المتطرفين، والبحث عن طرف عاقل يستحق أن يكون شريكاً في عملية سياسية تكتب الفصل الأخير من الأزمة، ليبدأ صفحة جديدة عنوانها «العقل» تقول للمؤزمين والمستوردين والمكبلين بردود الفعل وللمسترزقين على الأزمات عودوا إلى بيوتكم.. و«سعيكم مشكور!!».