الضربة العسكرية على سوريا، وإن جاءت متأخرة جداً بعد أن قُتل أكثر من 100 ألف من أبناء الشعب السوري، إلا أننا نتمنى أن تكون القاصمة لنظام بشار الأسد، الذي تجرد من الإنسانية حين لجأ إلى استخدام السلاح الكيماوي ضد الأبرياء من أهل الغوطة، والذين قضوا في لحظات وأغلبهم من الأطفال والنساء بلا أي ذنب، أخيراً تحرك الضمير العالمي، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية التي بكى رئيسها باراك أوباما عند مشاهدته فيلم «كبير الخدم»، وهو الفيلم الذي يجسد شخصية رجل أمريكي من أصول أفريقية كان خادماً لرؤساء الولايات المتحدة، وهو ما حرك مشاعر أوباما وذرف الدموع لمدى العنصرية ضد أبناء جلدته، في حين أنه للتو تحركت مشاعره بعد ثلاث سنوات أو أكثر من ذبح وقتل أطفال سوريا لتتصدر بلاده توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري.
بلا شك أن الولايات المتحدة والدول الغربية في تحركها العسكري ضد النظام السوري جاء بعد أن استنفذت السيناريوهات والخطط لسوريا، فهم يريدونها أن تكون علوية نصيرية ليكتمل الهلال الشيعي بدءاً من إيران الحاضنة للثورة الخمينية والعراق الذي تسيطر عليه إيران بعد أن جاء الأمريكان بنظام موالٍ لإيران وعلى رأسه المالكي ليقتل أبناء الطائفة السنية، وعلى مرأى من العالم وهو ما سيتكرر في سوريا بعد القضاء على نظام الأسد، كما فعلوا مع صدام حسين، وكلها لعبة دولية بقيادة أمريكا التي لا هم لها ولا هدف سوى حماية إسرائيل من أي خطر، وهو ما تتعهد به شهاراً جهاراً، وبالتالي فإن هناك مثلث صد يحمي الإسرائيليين من أي تهديدات بعد أن يتم السيطرة على سوريا ووضع نظام مشابه لما هو في العراق، وستكون الأيام المقبلة كفيلة بأن تكشف اللعبة الخبيثة التي تحاك ضد دولنا.
مع استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي، الذي قالت الو?يات المتحدة أنه يشكل خطراً على الأمن القومي الأمريكي، وبالتالي فإن توجيه ضربة عسكرية للنظام لم تأتِ من أجل الدفاع عن الشعب السوري الأعزل؛ إنما من أجل مصلحة أمن أمريكا وإسرائيل التي تعتبر الطفل المدلل لواشنطن، ومن هنا فقد ارتكب النظام الأسدي غلطة كبيرة في ضرب المدنيين في منطقة الغوطة بالكيماوي، والذي سيكون القشة التي ستقصم ظهر النظام الذي يتهاوى يوماً بعد يوم، حتى أن هناك أخباراً تفيد بهروب بشار وأهله إلى إيران التي نفت بدورها ذلك.
نتساءل بعد انهيار النظام السوري وسقوطه؛ هل سيكون البديل نظاماً إسلامياً سنياً بقيادة الجماعات الإسلامية التي نراها تقاتل على الأرض؛ أم أن الو?يات المتحدة الأمريكية تسعى لضرب عصفورين بحجر والتخلص من نظام الأسد ومعه الجيش الحر وباقي المقاتلين، لتكون سوريا عراقاً آخر، و? ندري من هي الدولة التي سيأتي عليها الدور بعد سوريا، في الحقيقة ما نراه من بعيد ما يسمى بـ «الربيع العربي»؛ هي الفوضى والدمار والقتل باسم التحرر من الأنظمة الحاكمة الفاسدة، ولكننا نرى أن الدول التي شهدت الثورات لم يستقر فيها الأمن، وهي في دوامة عدم ا?ستقرار حتى اليوم.
حتى دول الخليج ليست ببعيدة من الاستهداف ومحاولة التدخل فيها وتقسيمها إلى دويلات ومحميات، وما حدث إبان أزمة فبراير 2011 وموقف واشنطن منه، وكأنها موافقة ضمنياً على أن تكون البحرين هي المدخل للخليج، شاهد على ذلك، إ? أن حنكة جلالة الملك وفي توقيت مناسب بعثر الأوراق الأمريكية ودخلت قوات درع الجزيرة، بشهادة أحد المسؤولين الكبار في الإدارة الأمريكية.
همسة..
يا ترى؛ ما هو موقف المعارضة، وعلى رأسها الوفاق، التي لم تستنكر مجازر النظام السوري طوال ثلاث سنوات، بعد سقوط نظام الأسد الذي يدعمه حزب الله ومن خلفهم إيران؟