ليست بين طوابير السيارات -التي تعطلت لساعات حتى بعد منتصف الليل على شارع خليفة بن سلمان المتجه إلى الرفاع ومدينة حمد مساء يوم الإثنين من هذا الأسبوع- سيارة مسؤول كبير في الدولة، كي يعرف حجم الإرهاب الوفاقي الذي يواجهه المواطن البحريني كل ساعة ولحظة، ويدفع في هذه المواجهة حياته وضياع مصالحه وتشتت أفكاره، وضمور سعادته، وتنامي اليأس لديه الذي قد يخرجه من طوره حتى يفقد ثقته في العيش في دولة لا تضمن له الوصول بالسلامة إلى بيته. لقد كان عملاً إرهابياً مجرماً تتبرأ منه حتى مردة الشياطين، وذلك بوضع قنبلة في وسط أهم شوارع البحرين حيوية ويشكل عصب الوصل الرئيس بين المنامة والرفاع، الذي لو قطع هذا الشارع قطعاً بمتفجرات، لانقطعت المنامة عن الرفاع، حيث الشوارع الأخرى مقدور عليها، وذلك لأن التخطيط العمراني جعل شوارع البحرين الرئيسة محاطة بالمناطق الخاضعة لسيطرة الوفاق، كما إن المشاريع الإسكانية الحديثة ساعدت أكثر في تمدد هذه المناطق، وما قطع هذه الشوارع كل لحظة إلا دليل على أن الشوارع الرئيسة في البحرين التي تصل المنامة بالمحرق أو الرفاع صارت تحت قبضة الإرهابيين، وإذا ما أخذنا في الاعتبار سيطرة هذه المليشيات على حركة المرور من تحكمهم في الإشارات المرورية، وغيرها من مواصلات طويلة وثقيلة يمكن إغلاق الشوارع منها، وقد حصل هذا أثناء المؤامرة الانقلابية، إلا أنه مع الأسف الدولة مازالت تراهن على استرضاء عملاء إيران.
إنه لو كانت هناك سيارة أحد المسؤولين الكبار، لشعر ولو مرة بلوعة المواطن البحريني الذي يعيشها في هذا البلد الذي أصبح يسترضي الخائن، ويجلس معه، ويوجبه ويمتدحه ويمنيه ويستوصي به، هذا الخائن الذي يفتح له أذنه ويستمع إلى مشورته، ويطبقها، متجاهلاً صرخات الشرفاء الذين يدافعون عن شرعية الحكم الخليفي بدون مآرب أو مصالح حاضرة أو مستقبلية، وإنما يدافعون عنها بدافع عقيدتهم التي تأمرهم بطاعة ولي الأمر، وتحثهم بالجهاد في سبيل الله والدفاع عن الأرض والعرض، مآربهم النابعة من القلب الصافي الذي لم يرتضِ ولن يرتضي يوماً وإلى الأبد غير حكم آل خليفة حاكماً ورئيس حكومة ووزيراً، بينما عملاء إيران الذين تجالسهم الدولة وتسامرهم وتدللهم لا يرون في الحكم الخليفي إلا حكماً تجب محاربته وزواله عاجلاً أو آجلاً، واستبداله بحكومة موالية لإيران مؤقتاً، ومستقبلاً بحاكم يعينه خامنئي.
إنه لو كانت هناك سيارة أحد المسؤولين الكبار، لعرف أنه عندما يتمنى منهم الرضا والتوافق، أنهم لا يستحقون إلا النفي بل الإعدام، وهي سنة من سنن الله، وذلك عندما يمتلئ قلبه وتتأكد عيناه بأن الذي يسمع عنه من أخبار على «تويتر» ليس عملاً تخريبياً، بل هو عمل إرهابي من الدرجة الأولى، الذي لو حصل في شارع من شوارع أمريكا مرة واحدة فقط، لدكت الأحياء التي يشتبه فيها أنها تؤوي الإرهابيين، كما تفعل مع من تطلق عليهم إرهابيين في اليمن وأفغانستان والعراق، دون أن يكون معها دليل، ودون أن يقطعوا لها شارعاً، أو يقطعوا لها حتى ظفر شرطي.
إنه لو كانت هناك في تلك الليلة سيارة أحد المسؤولين الكبار أو سيارة أحد من عوائلهم، لعرفوا حجم الكارثة التي يعيشها المواطن البحريني، الذي فقد الأمن في بلاده، وفقد الثقة في مقدرة الدولة على مواجهة الإرهاب الصفوي، وصار الإرهابي هو سيد الشارع، وهو من يفرض رأيه على الدولة، التي سعت بكل الحلول والوساطات وهي تتمنى قبول قادة الإرهاب، بما قدمت لهم من حلول وأبدت من تسامح بدءاً من تنفيذ توصيات بسيوني، حتى الجلوس معهم على طاولة الحوار، دون أن تتخذ ضدهم أي إجراء، برغم عملياتهم الإرهابية التي لم تتوقف ليلاً ولا نهاراً ولا في عيد ولا في رمضان.
وإنه لو كانت الدولة استوعبت الدرس وأعادت النظر في المشانق التي نصبت على الدوار، وقالت لأجل ماذا ومن نصبت هذه المناشق، لعرفت الحقد الهائل الذي يضمره قادة الإرهاب للدولة، الذي أعلنه راعي الإرهاب الأول علي سلمان في تهديده للدولة بقوله «زين العابدين والقذافي ومبارك لم تنفعهم جيوشهم وقواتهم، منهم من فقد حياته، ومنهم من فقد ماله وسلطانه، ومنهم من أصبح مطارداً ولاجئاً، فهل يعتبر نظامنا ممن سبقه»، إذاً كانت المشانق تعني الذي قصده علي سلمان أن نهاية النظام البحريني لن تختلف عن نهاية هؤلاء، ولكن هو حدد النهاية بالتوابيت والمشانق الـ3، فإذاً الدولة لم تستوعب الدرس، وقد لا تعرف معنى المعاناة الحقيقية في العيش مع الإرهاب في الشارع وفي كل شبر في البحرين، لأن المواطن البحريني هو الذي يكابد الألم وهو يقف بسيارته مقهوراً قد قطع الطريق أمامه ومعه أطفاله، وهو يفكر كيف أنجو بنفسي لو طالت السيارة شرارة واحدة؟، هؤلاء الإرهابيون الذين تنعاهم الوفاق وتطلق عليهم شهداء لا يستطيع أحد أن يعترض عليهم في طريق أو يأخذ حقه بأي وسيلة، وهو في شرع الله والقانون البشري حق مشروع، ألا وهو الدفاع عن النفس.
تجربة الدولة الإيرانية في محاربة «الإرهاب»
نشر تقرير بتاريخ 2 سبتمبر 2013، يقول «تمكن صناديد المالكي من قتل أكثر من نصف أعضاء مجاهدي خلق في معسكر أشرف» وأبدت طهران ارتياحها، وطلبت منهم إتمام المهمة في قتل وتصفية أكبر عدد من معارضيها من «مجاهدي خلق»، إذاً نحن نتحدث عن تجربة دولة صديقة لقادة الإرهاب في البحرين، ويا حبذا لو طلبت البحرين من المالكي استعارة صناديده للتعامل مع المعارضة الإرهابية في البحرين، ليس لتصفية معارضيها، فعقيدة الإسلام الصافي لا تؤمن بالثأر ولا الثارات، وإنما تلقنهم درساً يعرفون بعده كيف يعيشون مؤدبين كما كانوا في سنوات عكارتهم للنخيل، ويحترمون الدولة الخليفية صاحبة الفضل والمعروف عليهم وعلى أجدادهم، والذي مازال هذا الفضل والمعروف يتدفق على أبنائهم وأحفادهم.