أنت لست قادراً على تغيير الآخرين بقدر ما تستطيع تغيير نفسك؛ تغيير قناعاتك، والبرمجة الفكرية والنفسية التي برمجك فيها الآخرون أو برمجت بها نفسك. وأغلب الذين مروا بتجارب قاسية وصلت عند بعضهم إلى محاولة الانتحار، لكن الله أنقذهم، والله أخرجهم من المرارة التي يعيشون، كلهم يعرفون ذلك، وليس أدل من ذلك القصة الواقعية المعبرة والتي رواها الداعية الإسلامي عمرو خالد على صفحته في الفيسبوك..
الدكتور أشرف طبيب مصري حكى قصة حقيقة حدثت له؛ وهي أنه كان يعالج سيدة من مرض السكر، وذات مرة ذهب إليها وأصرت أن يقوم ابنها بتوصيله بسيارته ودار حديث بينهما، واكتشف الدكتور أشرف أن الابن لا يؤمن بوجود الله ويستهزئ بالحساب والجنة والنار!!
شعر الدكتور أشرف بضيق شديد لم يمكنه حتى من الدخول معه في جدال، وطلب منه أن ينزل لأنه لم يعد قادراً على تحمل هذا الكلام، وظل يردد في نفسه: «أنا لم أستحمل هذا الكلام، فسبحان الله ربنا مستحمله ويطعمه ويشربه».
وتدور الأيام وتتصل هذه السيدة بالدكتور أشرف لحدوث وعكة صحية لها، وبعدما فرغ من الكشف، قالت له: «انتظر لكي يوصلك ابني»، فقال على الفور: «لا شكراً جزيلاً»، فألحت عليه وقالت له: «انتظر ابني بيصلي العشاء وسيأتي بعد دقيقتين ليوصلك»، فاندهش الدكتور أشرف، وعندما جاء الشاب قال له: «ما الذي حدث؟ ألم تتذكر حديثك معي من قبل..؟!».
فقال الشاب: «لقد نجاني الله كثيراً، وحدث التغيير في حياتي عندما التحقت في شركة سياحية، ونظراً لظروف البلد الحالية أصبح الشغل في معظمه يرتكز على رحلات الحج والعمرة، فسافرت مع فوج عمرة، ووصلت لجدة، وقلت للفوج: شكراً لن أكمل معكم، وأخذت أضحك واستهزئ بملابس الإحرام، وفجأة وأنا جالس وحدي في الفندق جاءتني فكرة بأن أذهب وألبس ما يلبسون، وبالقدر كان أول أيام شعبان، يوم غسيل الكعبة، وعندما دخلت الحرم انتابني شعور شديد من هيبة المكان، وشعرت بزلزال في مشاعري وجوارحي، فوجدت نفسي أمام باب الكعبة، وإذا بأحد أفراد عائلة بني شيبة المسؤولين عن دخول المعتمرين ينادي عليّ ويقول: تعال أنت شكلك نفسك تدخل الكعبة، ووجدت نفسي بداخل بيت ربنا، وحسيت أن ربنا اللي جايبني.. أنا في أطهر مكان في الدنيا وبكيت بشدة، وشعرت بأن الله حليم قوي، وأحببت الله وقلت في نفسي أنا مؤمن بالله الحليم».
إن التغيير لا يأتي من الخارج بقدر ما يأتي من الداخل، لا يمكن أن تتعرف على حلاوة الإيمان إن لم تكن تعرف المرارة التي يعيشها من لا يعرفون الإيمان، الذي لا يريد أن يقتنع بالجيد من الأمور فهذا شأنه، ولكن إن كان منفتحاً على الحياة سنراه يهرع بعد فترة لارتشاف الحلاوة، واكتشاف السر الذي من أجله ضحى الآباء والأجداد من أجل الحفاظ عليه ونشره بين الناس أجمعين.
وعلينا كمحبين لديننا، محترمين لكل الأديان الأخرى، بكل ما يملك هذا الاحترام من معنى، أن نعي أن لكل شيء أوانه، وأن القلب، مهما كان قاسياً في مرحلة صباه ورعونته، والإنسان كيفما كانت أفكاره وقناعاته، فإنه سوف يخرج من خانة الغيّ إلى الرشد. ما علينا إلا أن نطلب الهداية له من الله الذي هو وحده يهدي من يشاء.