لا يوجد أحد أفضل من آخر، لا يوجد إنسان ذكي وإنسان غبي، لا يوجد شخص يستحق الاحترام وشخص لا يستحق الاحترام، فكل الناس أبناء آدم، نملك نفس الروح ونفس القلب ونفس العقل ونفس الإمكانات والقدرات، الفرق بيننا أن هناك من يوظف هذه القدرات لصالحه ولصالح غيره، والبعض الآخر يعيش دون التعرف عليها، فيفقد بهذا قوة هائلة من القوى التي أعطاه الله إياها. إلا أن هناك من يحاولون الوقوف في وجه الآخرين ويتصورون أنفسهم أعلى رفعة ومكانة.
قبل فترة قصيرة قرأت قصة استوقفتني تحمل عبرة لكل من يتصور أن دمه نقي ودم الآخرين فاسد، تقول القصة..
في إحدى رحلات الطيران كانت امرأة بيضاء تجلس بجانب رجل أسود، وكانت متضايقة من هذا الوضع، لذلك استدعت المضيفة وقالت لها: من الواضح أنكِ لا تريدين الوضع الذي أنا فيه، لقد أجلستموني بجانب رجل أسود، وأنا لا أوافق أن أكون بجانب شخص مقرف، يجب أن توفروا لي مقعداً بديلاً.
قالت المضيفة «وكانت عربية الجنسية»: اهدئي يا سيدتي، كل المقاعد في هذه الرحلة ممتلئة تقريباً، لكن دعيني أبحث لكِ عن مقعد.. خالٍ!!
غابت المضيفة لعدة دقائق ثم عادت وقالت لها: سيدتي، كما قلت لكِ، لم أجد مقعداً واحداً خالياً في كل الدرجة السياحية. لذلك أبلغت الكابتن فأخبرني أنه لا يوجد أيضاً مقاعد شاغرة في درجة رجال الأعمال. لكن يوجد مقعد واحد خالٍ في الدرجة الأولى الممتازة.
وقبل أن تقول السيدة أي شيء، أكملت المضيفة كلامها: ليس من المعتاد في شركتنا أن نسمح لراكب من الدرجة السياحية أن يجلس في الدرجة الأولى الممتازة، لكن وفقاً لهذه الظروف الاستثنائية فإن الكابتن يشعر أنه من غير اللائق أن نرغم أحداً أن يجلس بجانب شخص مقرف لهذا الحد، لذلك.. والتفتت المضيفة نحو الرجل الأسود وقالت: سيدي، هل يمكنك أن تحمل حقيبتك اليدوية وتتبعني، فهناك مقعد ينتظرك في الدرجة الأولى الممتازة!!
في هذه اللحظة وقف الركاب المذهولون، والذين كانوا يتابعون الموقف من بدايته، وصفقوا بحرارة للمضيفة لتأديبها غير المباشر للسيدة البيضاء.
يقول ناقل القصة:
إننا كلنا مخلوقون من نطفة..
وأصلنا من طين..
وأرقى ثيابنا من دودة
وأشهى طعامنا من نحلة..
ومرقدنا حفرة تحت الأرض..
فلماذا نتكبر؟!
المرأة البيضاء تتصور نفسها أفضل من هذا الرجل الأسود المقرف، الرجل الذي لا تعرف شيئاً عنه سوى لون بشرته، كأنما بشرتها هي بشرة الملائكة وبشرة الآخر هي بشرة الشياطين. لكن أراد الله أن يصفع هذه المرأة ويعلمها درساً ويجعلها سخرية في وجوه الركاب، ربما تستفيد منه وربما لا تستفيد.
إن أي تقليل من شأن أي إنسان، هو في الواقع يدل على دونية من يحاول تطبيق ازدراء الآخرين. لذلك أقول انتبه لما تقوم به من أعمال سيئة، في نفس الوقت الذي أقول لأي إنسان يشعر بالغبن والظلم إن الله أعد لك مكاناً أفضل مما أنت فيه. فلا تقنط ولا تعبأ بآراء الآخرين فيك.
انتبه.. دائماً هناك ما هو أفضل لك.