في مقالة بجريدة الأيام يوم 30 يوليو 2013، ذكر الكاتب والأديب يوسف الحميدان المقترح في العنوان أعلاه، موضحاً أدلته بأن الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء ساهم بإيجابية في بناء الدولة العصرية في البحرين عبر سنين رئاسته للوزراء، وأن ذلك ينبغي أن يسجل ويذكر له في تاريخ مملكة البحرين، وأن أحسن ما يمكن أن يقدم له في هذا الصدد هو إنشاء أكاديمية للعلوم السياسية والاستراتيجية، وأن هذا سوف يسد فراغها في مملكة البحرين.
الواقع أن هذه فكرة ممتازة، وللتاريخ ينبغي أن يذكر أن البحرين كانت محظوظة بأخوين منذ استقلالها وهما المغفور له بإذن الله الشيخ عيسى بن سلمان أمير البلاد صاحب الرؤية الاستراتيجية الكلية والتواضع وحب الخير، والشيخ خليفة رئيس الوزراء ذوي الخصائص القيادية وبخاصة القدرات التنفيذية الهائلة والإصرار على الدفع بعملية التنمية والتحديث قدماً للإمام، وأن الشيخين تعاونا معاً بأخوة ومودة، وتلا ذلك قيادة ملك البلاد الملك حمد بن عيسى ليسير على المسيرة العطرة لوالده المغفور له بإذن الله تعالى فظل التعاون والانسجام والتناغم رمزاً بين قيادة الدولة ورئاسة الحكومة مثلاً يقتدى به تعبيراً عن روح البحرين وطابعها التعاوني وسماحة شعبها الأبي.
ولكن في ظل عملية التطور الثقافي والتعليمي ظل جانب مهجوراً، ولا نجد لذلك تفسيراً حقيقياً مقنعاً، وربما تفسير هذه الحالة هو أن هذا الجانب سقط سهواً في العمل المزدحم رغم أنه حسب معلوماتي صدرت توصيات لجامعة البحرين من جلالة الملك المفدى بإنشاء قسم للعلوم السياسية والدراسات الدولية منذ انطلاق المشروع الإصلاحي عام 1999 وبدء التحول للملكية الدستورية ولكن مرة أخرى لم يحدث تقدم في التنفيذ، وليس هناك سبب مفهوم رغم أن عدة استعدادات تمت في جامعة البحرين عام 2002 ثم مع تغيير رئاسة الجامعة تغيرت الأمور والاهتمامات والأولويات بل إنه تم إلغاء مركز الدراسات الدولية الذي سبق إنشاؤه في عهد الدكتور محمد بن جاسم الغتم الرئيس الأسبق للجامعة، واستمر يعمل لمدة حوالي 5 سنوات رغم محدودية مساهمته في تلك الفترة .
وعندما تشرفت بالانضمام لأسرة جامعة البحرين كمستشار لرئيس الجامعة الدكتور ماجد بن علي النعيمي ونائباً لمدير مركز الدراسات الدولية آنذاك أعددت عدة دراسات واستعدادات لإنشاء قسم أو معهد للدراسات الدولية والعلوم السياسية، وذلك بالتعاون مع رئيس قسم التقويم في الجامعة آنذاك الدكتور منذر العاني وسارت المياه في اتجاه آخر، ونام المشروع أو تأجل أو ألغي فلا أعرف ماذا حدث.
ووجه الغرابة في الأمر أن مملكة البحرين التي هي أكثر سبقاً في المجال التعليمي من غيرها من دول الخليج العربية، وشعبها أكثر وعياً ونشاطاً وثقافة ودينامية، هي الوحيدة من بين شقيقاتها أعضاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي لا تدرس العلوم السياسية في جامعتها الرسمية، وإن أخذت بعض الجامعات الخاصة المبادرة مثل جامعة العلوم التطبيقية ولكن في تقديري هذا لا يعفي الجامعة الرسمية للدولة من القيام بدورها خاصة وأنه لا يظهر للقارئ أو المتابع وجود عائق واضح أمام المجتمع لغياب مثل هذه الدراسات الدولية المهمة بأسلوب ومنهج علمي أسوة بما هو في دول مجلس التعاون الخمس الأخرى.
وإن الدور النشط لمملكة البحرين في الإطار الدولي والخليجي والعربي يجعل من الضروري إنشاء مثل هذه الدراسات السياسية الأكاديمية وكذلك الدراسات الدولية ضرورة لا غنى عنها فهي تكمل التطور العلمي لجامعة البحرين وتثري العمل السياسي البحريني برافد علمي أكاديمي متميز بدلاً من أن يمارس كثير من الهواة العمل السياسي بدون خلفية علمية حقيقية ومن ثم يرتكبون أخطاء جسيمة، لأنهم لا يعرفون حقيقة العمل السياسي ولا أساس ثقافة التنشئة السياسية أو التواصل السياسي أو علم الاجتماع السياسي كما لا يعرفون استراتيجيات الحركة السياسية ناهيك عن العلوم الاستراتيجية الدولية والإقليمية، والتي هي أساساً تجمع بين المناهج المدنية والمعاهد العسكرية، فالاستراتيجية والقرار السياسي، هو قرار تتخذه القيادات المدنية استناداً لتحليلات ودراسات وتقديرات موقف تشارك فيها مختلف قطاعات المجتمع.