السؤال أعلاه يفتح لنا باباً واسعاً من التأمل بأعمال العنف الذي تتعرض له مملكة البحرين الوديعة، هذه الدولة التي تمتلك حضارة تاريخية تمتد لخمسة آلاف عام، وكانت تعرف بحضارة (دلمون) التي امتدت وشائجها إلى حضارة سومر في «مملكة أور» بجنوب العراق، والتي أنجبت عميد شعراء البشرية، ونعني به صاحب الأسطورة الملحمية «جلجامش»؛ الذي فاضت شاعريته على وادي الرافدين لتصنع نهراً يصل ما بين دلمون (البحرين ) وسومر (العراق).
إن هذه اللمحة التاريخية إنما هي للتذكير فقط بعمق حضارة البحرين التي امتدت خارج حدودها لتلد على أرض أور ملك الشاعرية «جلجامش»، وإن دل هذا على شيء إنما يدل على رقة أهل هذه المملكة الذين عرفوا ببرودة أعصابهم وسكينتهم وطيب معشرهم وندرة العنف في أوساطهم السياسية والاجتماعية عبر التاريخ.
من هنا؛ فحين نأتي لقراءة ما يحدث اليوم من أعمال إرهابية على أرض هذه المملكة الوديعة نجد أن هذه الأعمال ظاهرة شاذة في المجتمع البحريني لكونها تتعارض مع قيم وعادات وخلق وسماحة هذا المجتمع، لهذا فإن الباحث عندما يتتبع عوامل هذه الظاهرة لا يرى لها صلة جذرية بثقافة وسلوك الشعب البحريني، ومنها تشتد الحاجة لمعرفة الأسباب أو العوامل التي تدفع ببعض المغرر بهم للقيام بالأعمال الإرهابية؟.
لا شك أن لكل قاعدة (مهما كان نوعها) شذوذاً، ولكن هذا الشذوذ لا يحدث اعتباطاً، وإنما يحدث بسبب عوامل معينة؛ إما ثقافية أو فكرية أو سياسية، وإذا ما استبعدنا العامل الثقافي كون العنف والإرهاب ظاهرة غير مألوفة ثقافياً في المجتمع البحريني، فإذن تبقى الحالة محصورة بين أمرين؛ إما فكرياً وإما سياسياً وإما الاثنين معاً، وهنا يتوجب البحث عن آلية معالجة هذه الظاهرة أو استئصالها، وباعتقادي أن ذلك لا يتم إلا بالطرق والوسائل ذاتها التي أوجدت ظاهرة الإرهاب.
ومن يتابع الأسلوب والآليات التي لجأت إليها الحكومة والسلطات المعنية في البحرين لمعالجة ظاهرة الإرهاب خلال السنوات الثلاث الماضية يجدها أنها قد اعتمدت بشكل كبير على الآلية السياسية، فيما أهملت إلى حد ما دور العامل الفكري، وهذا يترك المعالجة ناقصة، خصوصاً إذا ما علمنا أن الإرهاب الذي نواجهه يغذى بعوامل مزدوجة؛ أيديولوجياً وسياسياً.
وعليه فإن عملية مواجهة ظاهرة هذا النوع من الإرهاب الذي يغذى من الخارج عبر حبل سري، تمثل الأيديولوجية أحد عناصر نشوئه الأساسية، يجب أن لا تكون ناقصة، وأن يكون المسار السياسي في معالجة هذه الظاهرة مترافقاً مع المعالجة الفكرية التي تتمثل أولاً بإلزام المؤسسات والجمعيات الثقافية والسياسة، التابعة للطرف الذي يوفر الحاضنة البيئية والاجتماعية للإرهابيين، بضرورة إعادة صياغة مناهجها الثقافية والفكرية، وأن يتم هذا تحت إشراف الهيئات والمؤسسات المعنية كالأوقاف والثقافة والعدل.
ثانياً؛ محاسبة الجهة أو المؤسسة التي تؤمن عبر نشاطاتها، الإعلامية أو السياسية أو الثقافية، دعماً وغطاء مادياً ومعنوياً للإرهابيين.
ثالثاً؛ فتح مراكز وعمل دورات ثقافية واجتماعية تقوم على التعريف بمخاطر الأفكار المؤدلجة والمغذاة من جهات خارجية لها مشروع وأهداف معادية للبحرين وشعبها بكل فئاته الاجتماعية والدينية، هذا مع التأكيد على ضرورة نشر ثقافة مفهوم الأمن الاجتماعي والتعريف بأهمية التعاون بين المواطن والسلطة الأمنية لقطع دابر الإرهاب وحفظاً لسلامة الوطن والمواطن.
{{ article.visit_count }}
إن هذه اللمحة التاريخية إنما هي للتذكير فقط بعمق حضارة البحرين التي امتدت خارج حدودها لتلد على أرض أور ملك الشاعرية «جلجامش»، وإن دل هذا على شيء إنما يدل على رقة أهل هذه المملكة الذين عرفوا ببرودة أعصابهم وسكينتهم وطيب معشرهم وندرة العنف في أوساطهم السياسية والاجتماعية عبر التاريخ.
من هنا؛ فحين نأتي لقراءة ما يحدث اليوم من أعمال إرهابية على أرض هذه المملكة الوديعة نجد أن هذه الأعمال ظاهرة شاذة في المجتمع البحريني لكونها تتعارض مع قيم وعادات وخلق وسماحة هذا المجتمع، لهذا فإن الباحث عندما يتتبع عوامل هذه الظاهرة لا يرى لها صلة جذرية بثقافة وسلوك الشعب البحريني، ومنها تشتد الحاجة لمعرفة الأسباب أو العوامل التي تدفع ببعض المغرر بهم للقيام بالأعمال الإرهابية؟.
لا شك أن لكل قاعدة (مهما كان نوعها) شذوذاً، ولكن هذا الشذوذ لا يحدث اعتباطاً، وإنما يحدث بسبب عوامل معينة؛ إما ثقافية أو فكرية أو سياسية، وإذا ما استبعدنا العامل الثقافي كون العنف والإرهاب ظاهرة غير مألوفة ثقافياً في المجتمع البحريني، فإذن تبقى الحالة محصورة بين أمرين؛ إما فكرياً وإما سياسياً وإما الاثنين معاً، وهنا يتوجب البحث عن آلية معالجة هذه الظاهرة أو استئصالها، وباعتقادي أن ذلك لا يتم إلا بالطرق والوسائل ذاتها التي أوجدت ظاهرة الإرهاب.
ومن يتابع الأسلوب والآليات التي لجأت إليها الحكومة والسلطات المعنية في البحرين لمعالجة ظاهرة الإرهاب خلال السنوات الثلاث الماضية يجدها أنها قد اعتمدت بشكل كبير على الآلية السياسية، فيما أهملت إلى حد ما دور العامل الفكري، وهذا يترك المعالجة ناقصة، خصوصاً إذا ما علمنا أن الإرهاب الذي نواجهه يغذى بعوامل مزدوجة؛ أيديولوجياً وسياسياً.
وعليه فإن عملية مواجهة ظاهرة هذا النوع من الإرهاب الذي يغذى من الخارج عبر حبل سري، تمثل الأيديولوجية أحد عناصر نشوئه الأساسية، يجب أن لا تكون ناقصة، وأن يكون المسار السياسي في معالجة هذه الظاهرة مترافقاً مع المعالجة الفكرية التي تتمثل أولاً بإلزام المؤسسات والجمعيات الثقافية والسياسة، التابعة للطرف الذي يوفر الحاضنة البيئية والاجتماعية للإرهابيين، بضرورة إعادة صياغة مناهجها الثقافية والفكرية، وأن يتم هذا تحت إشراف الهيئات والمؤسسات المعنية كالأوقاف والثقافة والعدل.
ثانياً؛ محاسبة الجهة أو المؤسسة التي تؤمن عبر نشاطاتها، الإعلامية أو السياسية أو الثقافية، دعماً وغطاء مادياً ومعنوياً للإرهابيين.
ثالثاً؛ فتح مراكز وعمل دورات ثقافية واجتماعية تقوم على التعريف بمخاطر الأفكار المؤدلجة والمغذاة من جهات خارجية لها مشروع وأهداف معادية للبحرين وشعبها بكل فئاته الاجتماعية والدينية، هذا مع التأكيد على ضرورة نشر ثقافة مفهوم الأمن الاجتماعي والتعريف بأهمية التعاون بين المواطن والسلطة الأمنية لقطع دابر الإرهاب وحفظاً لسلامة الوطن والمواطن.