تــرى كيف ستكون أحوال البلاد لو تـــم اتخاذ مثل هذا القرار من قبل أولئك الذين يريدون أن يفرضوا رأيهم عبر أعمال الشغب؟ ولماذا لا تجرؤ «المعارضة» على اتخاذ مثل هذا القرار؟
لعل السؤال الثاني هو الأكثر أهمية على اعتبار أن من البديهي أن تهدأ الأحوال في البلاد لو اتخذ مثيرو الشغب قراراً بالتوقف عن تلك الممارسات البعيدة عن أخلاق أهل البحرين، فعندما تتوقف تلك الأعمال لن يجد رجال الأمن ما يقومون به فيعودون إلى مراكزهم، وهذا بطبيعة الحال سيعزز من حالة الهدوء الذي سيتيح للعقل مساحة أكبر ليتحرك فيها وينتج قرارات في صالح البلاد والعباد.
لكن هل بالفعل تجرؤ «المعارضة» على اتخاذ قرار بالتوقف عن أنشطتها المفضية إلى الشغب دوماً؟ هل يمكن أن يتوقف ممارسو الشغب عن ممارسة نشاطهم اليومي الممتد منذ سنتين ونيف؟ هذا السؤال ينبغي أن يوجه إلى الجمعيات السياسية كونها تعبر عن المعارضة المعترف بها رسمياً باعتبارها مؤسسات سياسية مرخصة حسب القانون. أمــــا الجواب الأكيد والمؤسف فهو أنها لا تجرؤ على ذلك لسببين، الأول هو أن مثل هذا القرار ليس بيدها وإنما بيد أطراف أخرى خارجية يوجد من يمثلها في الساحة، والثاني هو أنها دون القدرة حتى على مناقشة مثل هذه الأمور مع تلك الأطراف أو مع ممثليها إما بسبب موقفها الضعيف بعدما سلمت الراية لمن هو دونها خبرة ودراية وحكمة أو لأنها «متخادنة» مع ما صار يعرف بـ «ائتلاف فبراير».
لنتخيل أن قراراً كالمطروح في عنوان المقال قد اتخذ وأن الأطراف ذات العلاقة اتفقت على التوقف عن تلك الممارسات التي لا يمكن أن يربح منها أحد شيئاً لمدة أسبوع كامل، كيف سيكون الحال؟ وهل يمكن لو تم هذا الأمر أن يتم تمديد المدة؟
للوهلة الأولى يمكن القول إن الناس ستتنفس الصعداء وستشعر بالفارق بيـن الحالتين، حال الشغب المستمر وحال الهدوء الذي حل فجأة، بعدهــا سيتمنـــى الجميع من دون شك أن تستمــر حالــــة الهدوء وألا يسمح للشغب بالعــودة إلى هذه الساحة المسالمة دائماً. ولأن الهدوء سيتيح للجميع العيش بسلام وأمان لذا فإن المؤمل أن ينبري من بين مختلف الأطراف من يدعو إلى مثل هذا الأمر ويعزز الفكرة لعلها تجد القبول ويتم ترجمتها إلى واقع ملموس.
ليس كثيراً على البحرين وأهلها أن تحظى بمثل هذه الفرصة، وليس صعباً أن يتحقق مثل هذا الأمر لو انتبه مثيرو الشغب إلى أنهم مشمولون بالسوء أيضاً لو استمروا في خيارهم غير المعقول والمتمثل في اختطاف الشوارع وتعطيل حياة الناس وترهيبهم وجعلهم في مرمى الخطـر فــي كل ساعة وكل حين.
ليس مطلوباً من هؤلاء سوى لحظة انتباه ومراجعة لما يقومون به خصوصاً وأنه لن يوصلهم إلى شيء أبداً، فالدولة – أي دولة – لا يمكن أن تقدم تنازلات في أحوال كهذه وإلا عبرت عن ضعف وقلة حيلة لن تجد معه من يحترمها ويسمع منها .
في اعتقادي أن قراراً بالتوقف عن أعمال الشغب لبعض الوقت بغية توفير الفرصة للحوار كي يثمر ليس صعباً لو كان ممارسو تلك الأعمال يعبرون عن أنفسهم فقط وليسوا أدوات تنفذ ما تريده منهم أطراف أخرى، بل إن اتخاذهم هذا القرار هو بالنسبة إليهم فرصة قد لا تتكرر ليثبتوا أن القرار بيدهم وليس بتلك اليد التي يتهمون بها.
لننتقل من خانة الخيال والحلم والمأمول إلى خانة الواقع ولنسعى معاً إلى مثل هذا القرار الذي هو في كل الأحوال لن يضير «المعارضة» لو لم ينتج عنه ما هو مفيد خصوصاً وأنهم يرددون دائماً أن الشارع بيدهم!