طوال الفترة الممتدة من الخمسينات حتى سبعينات القرن العشرين سيطرت التيارات اليسارية على البحرين والدول العربية الأخرى. وبعدها تزايد نفوذ الإسلاميين باتجاهاتهم السنية والشيعية، ووصل الأمر إلى حالة من الصراع.. اليوم نجدها أكثر وضوحاً في كل من سوريا والعراق، حيث تصل مراتب الصراع إلى حالة دامية.
إذا طرحنا السيناريو الافتراضي الآتي: عندما يسقط حكم الإسلاميين في كل من مصر، وتونس، وإيران، والعراق، من هي القوى السياسية التي يمكن أن تملأ الفراغ السياسي المتوقع؟
هل سيعود اليسار مرة أخرى؟ أم ستظهر قوى جديدة من بينها قوى سياسية شابة؟ أم يكون خيار الانقلابات العسكرية هو الحل؟
يبدو أن هناك اتجاهاً شعبياً عاماً في العديد من الدول العربية لا يرى جدوى لسيطرة إحدى التيارات السياسية بقدر ما يهمه أن يرى عودة الأمن والاستقرار بدلاً من الفوضى التي عمت المنطقة لنحو أكثر من عامين. ولذلك نجده غير مهتم كثيراً بالبدائل المطلوبة لحالة ملء الفراغ السياسي فيما لو حدث تغيير سياسي جديد.
تبقى الخيارات المتاحة تتركز بين القوى السياسية التي ليست مسؤولة كثيراً بملء الفراغ السياسي بقدر اهتمامها بالحفاظ على نفوذها السياسي وزيادته داخل الأنظمة السياسية العربية. ولذلك لن تكون أولوية بالنسبة لها إعادة الأمن والاستقرار، بقدر حماية مصالحها ومكتسباتها، ومعطيات العامين الماضيين أثبتت ذلك بشكل لا مراء فيه.
في ظل هذا المشهد، فإن الخيار الأكثر احتمالاً هو ظهور تنظيمات سياسية جديدة يمكنها قيادة تفاعلات الأنظمة السياسية بشكل مختلف عما كان عليه الوضع سائداً من قبل. وليس معروفاً ما هي القوى السياسية الجديدة؟
هل ستكون قوى سياسية شابة غامضة الأجندة ومحدودة الخبرة السياسية؟ أم ستظهر ائتلافات بين القوى السياسية الحالية لتتنافس في بيئة غير مستقرة سياسياً وأمنياً؟
خياران واردان، الثاني منهما يشير إلى استمرار الوضع على ما هو عليه، أما الخيار الأول فهو خيار جديد وغير مجرب كثيراً على المستوى العربي، وإن كانت له تجارب أوروبية على وجه الخصوص.
لا أعتقد أن الدول العربية بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي تملك خططاً لمعالجة الفراغ السياسي وما يمكن أن يترتب عليه، خاصة أن له ارتباطات وثيقة بالمشهد السياسي في داخل هذه الدول، فإذا كان الفراغ مرتبطاً بتنظيمات مثل السلف أو الإخوان، فإنه بلاشك له تأثير مباشر على الوضع السياسي الخليجي.
ودول مجلس التعاون الخليجي ليست بحاجة لفترة انتظار أكثر حتى تعد خططاً بديلة للتعامل مع الفراغ الذي يمكن أن يظهر في الدول العربية، أو تداعياته الخليجية.