اتسمت السياسة البحرينية دائماً بالتريث وعدم التسرع في التعليق على الأحداث الخليجية والإقليمية والعالمية، وكان ذلك ينم عن بعد نظر؛ فالحدث أحياناً يأتي بعده حدث أكبر، فلا ينبغي الاندفاع باتجاه الحدث الأول بشكل سريع دون التريث لمعرفة حقيقة الأمور وتداعياتها.
ربما جزء كبير مما قاله رئيس الوزراء التركي فيما حدث في مصر كان صحيحاً، فبعيداً عن الإخوان أو من يحكم مصر، فالدول دائماً تبقى على المبدأ والثوابت، اليوم الإخوان وغداً غيرهم، فهل ما حدث مع كل الأخطاء التي ارتكبها مرسي يوافق مبادئ دولنا؟
الذي يحكم مصر اليوم هي الفوضى ومن يحتل ميدان التحرير، ماذا لو حدث ذات الذي حدث لمرسي مع الرئيس القادم على يد مليونيات إسلامية أو غيرها؟
كلها أسئلة يجب أن تشغل من لديه عقل وحكمة بعيداً عن حب أو بغض الإخوان أو غيرهم من الجماعات الإسلامية أو العلمانية أو الليبرالية.
محلياً واستنساخاً للتجربة المصرية، قلدت جماعة (14 فبراير / الوفاق) ما يحصل في مصر وأطلقوا ما يسمى بحملة «تمرد البحرين»، والتي تدعو للتمرد وللعنف وللعصيان بتاريخ 14 أغسطس، وهذا يظهر أن 14 فبراير يجر أذيال الفشل، فذهبوا إلى إطلاق حملة بتاريخ آخر يزعمون فيه أنه تاريخ الاستقلال وجلاء الإنجليز.
حين تتبع ما ينشر في التواصل الاجتماعي تجد أن نفس الأشخاص الذين كانوا يدعمون ويروجون لـ14 فبراير هم الذين يروجون لـ14 أغسطس.
غير أن السؤال الذي تجده في عيون أهل البحرين؛ إلى متى نبقى ننتظر الفوضى والإرهاب واحتلال الميادين أو التهديد بذلك والدولة تتفرج؟
لو أننا في دولة أخرى ومن بعد مضي عامين على الانقلاب الفاشل لعملت الدولة على تصحيح أخطاء كثيرة أدت إلى ما حدث في 2011، غير أننا لا نجد ذلك يحدث.
حين تترك الأمور للرعاع في الشوارع، وحين تعلم الدولة عن حسابات إلكترونية تروج وتدعو للفوضى وتترك دون محاسبة قانونية فإن من يروج للإرهاب يجد أرضية رخوة؛ فلماذا لا يفعل؟
كما إن الدولة تتساهل في من يتغيبون عن أعمالهم حين يستجيبون لدعوات التحريض ضد الدولة، والدولة تتفرج، رغم أن غيابهم عن العمل واستجابتهم للعصيان هو بمثابة خدمة لمن له عقل، فهم يوضحون حجم تواجدهم في الوزارات وتغلغلهم في أجهزتها.
على حساب «تمرد» يتم إعادة إرسال تغريدات تدعو للإطاحة بالحكم من خلال هذه الحركة، بينما لا حساب ولا عقاب.
كما كتب في حساب «تمرد» أيضاً هذا الكلام وهو جزء من تغريدة تقول: «ندعو الثوار إلى الانتشار في كل مفاصل الدولة لتحقيق مطالب الشعب والثورة».
وهذا يظهر حجم التوجه للتغلغل في أجهزة ووزارات الدولة من أجل الوصول إلى مرحلة الانقلاب الكامل، وأهمها الداخلية والجيش، وهذا أيضاً تغفل عنه الدولة وتسلم المفاتيح وتعطيها لمن لا ينوي الخير للبحرين والحكم.
إن كنا ندرك أن ما يقوم به الانقلابيون من محاولات للانقلاب إنما هي محاولات فاشلة، إلا أنه لا ينبغي الركون والتسليم والتراخي مع كل من يدعو إلى الانقلاب على الحكم أو إثارة الفوضى في المجتمع أو الوصول إلى مواجهات طائفية، كل ذلك يجب على الدولة أن تواجهه منذ الآن، وألا تقع الدولة في أخطاء التقدير كما فعلت في 14 فبراير 2011.
أيضاً نطرح؛ أين بقية المجتمع وبقية القوى السياسية من هذه الدعوات؟
فشل 14 فبراير 2013، وسيفشل 14 أغسطس، لكن لا ينبغي على الدولة أن تبقى متفرجة وتنتظر أن تقع عليها الأحداث ومن بعد ذلك تتحرك، مواجهة ذلك تتطلب سلسلة إجراءات استباقية قوية وصارمة، هذا يجب ألا يغيب عن الحسابات.
** رذاذ
- تحقق وزارة الداخلية نجاحات جيدة على مستوى مداهمة أوكار الإرهاب، وهذا يحسب للوزارة والمسؤولين، غير أن حجم ما يتم ضبطه من أسلحة في مناطق متفرقة تجعلنا نتساءل كم موقعاً تم تخزين السلاح به؟
كيف دخلت الأسلحة بهذه الكميات إلى البحرين؟
كم وكراً للإرهاب لم تتم مداهمته بعد، وتخزن به الأسلحة؟
- ظهور أسلحة رشاشة ومسدسات بكاتم صوت، تظهر أن هناك تخطيطاً لعمليات اغتيال كما حدث في العراق، كل ذلك يتطلب تحركاً من الجهات المسؤولة مواصلة البحث عن أوكار تخزين الأسلحة، وتشديد الرقابة على المياه الإقليمية.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}