إن أسوأ ما كان بعد الثورة المصرية وفوز جماعة الإخوان المسلمين بالحكم؛ قيام الجماعة بالوقوف في وجه الإمارات العربية الشقيقة وتهديد أمنها القومي بشكل رئيس، ودول الخليج بعدها، وقيامها بالتطبيع السياسي مع إيران؛ حيث كان محمد مرسي أول رئيس مصري يزور إيران، وكان نجاد أول رئيس إيراني يزور مصر، وهذا كان سبباً كافياً لتقف دول الخليج ضد حكم الإخوان في مصر.
المشكلة تكمن في أن التيار السلفي في مصر -وهو ثاني أو ثالث أكبر قوة سياسية في مصر حالياً- تحالف بشكل كامل مع جماعة الإخوان، الأمر الذي يدل على عدم وجود عمق في العمل السياسي رغم اختلاف منهجيته بالكامل في التعامل مع دول الخليج، وبالذات المملكة العربية السعودية، بل إن هذا التيار لم يقم بدوره الكافي في انتقاد الرئيس السابق مرسي في سياساته الحساسة مع إيران ومع دول الخليج، وأخذته «العزة بالشرعية».
لقد اكتفى التيار السلفي بظواهر الأمور كون محمد مرسي ملتحياً ويصلي الجمعة في الجامع وأظهر المحجبات على الشاشة، ولكنه أغفل العديد من السياسات التي لا تتفق مع المنهج بل وتضرب الأمة في الصميم، أولها التحالف مع إيران وعدم دعم القضية السورية بالشكل المطلوب.
لقد ساهم التيار السلفي بسلبيته أمام تيار الإخوان -الذي انتهج سياسة لم تكن مدروسة بالشكل اللازم- في عدم نقدهم بشكل مباشر وإعادته إلى جادة الصواب، الأمر الذي أدى في النهاية إلى ترسيخ حالة من الصراع الإسلامي الليبرالي في مصر، واصطفاف الجماهير ضد الحكم الإسلامي وليس الإخواني فحسب، الأمر الذي كانت قد اوتعت له جيداً الولايات المتحدة الأمريكية ولعبت على الصراعات التي أنشأها الإخوان في سبيل إسقاطهم فيما بعد، وإسقاط التيار الإسلامي ككل معهم.
لقد لاحظنا العديد من العلماء وشيوخ الدين المحسوبين على النهج السلفي ينتقدون مرسي انتقادات مباشرة وكانوا أشد المعارضين لبعض سياساته، إلا أنهم كانوا ضد النزول للميادين بل مع «الشرعية».
وبكل صراحة رغم كل ما حدث، إن المليون الذين أسقطوا مبارك، كذلك لهم شرعية إسقاط مرسي. صحيح أن مرسي يحظى بـ «الشرعية» الدستورية، ولكن إسقاطه يحمل شرعية الجماهير المليونية أيضاً.
يقول السيناتور مارك كيرك، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، في كلمة معلنة له بعد الثورة المصرية الأولى؛ إن وصول التيار الإسلامي المتمثل في السلف والإخوان سيؤدي في النهاية إلى خلق مصر تكره إسرائيل وستقلص من الحريات أبرزها المرأة وكذلك حرية التعبير والحق في ممارسة الدين، وستعتبر إيران حليفة لها.. وتشكيل تهديد مباشر لاتفاقات كامب ديفد.. ويتساءل قائلاً؛ هل يعقل أن مصر هذه ستمنع الأسلحة من الوصول إلى حماس؟... كل هذا سيشكل تهديداً للأمن القومي الأمريكي في ما بعد وكذلك حليفتها الرئيسية إسرائيل.
ويطالب السيناتور كيرك الإدارة الأمريكية بوضع خطة لمراقبة هذه الانتخابات والأوضاع في مصر لكي «نتأكد أن هذه الدولة الحساسة تبقى في فك الولايات المتحدة»، وقد خسرنا أرضاً كبيرة بعد الانتخابات التي فاز فيها الإخوان المسلمين، وأصبح هناك حكومة تتحكم بقناة السويس تربطها علاقة صداقة مع حماس وإيران.
وبعد كل ما جرى في مصر يجب على التيار الإسلامي ككل، أن يراجع حساباته جيداً وأن لا يكون سبباً في سقوط «الإسلام» نتيجة عدم دراسة أوضاع المنطقة بشكل سليم، وأن يعي جيداً حجم المؤامرة التي تشن ضد العالم الإسلامي بأسره.
إنه لا يوجد حزب يستطيع أن يقود مصر منفرداً، إنها مصر، التي تمثل كل التيارات وكل التلاوين، لذلك قيادتها يجب أن تسير على النهج المصري لا أن تفرض واقعاً جديداً يؤلب الناس، حفظ الله مصر وأهلها.
مصر تقود ولا تُقاد.
{{ article.visit_count }}
المشكلة تكمن في أن التيار السلفي في مصر -وهو ثاني أو ثالث أكبر قوة سياسية في مصر حالياً- تحالف بشكل كامل مع جماعة الإخوان، الأمر الذي يدل على عدم وجود عمق في العمل السياسي رغم اختلاف منهجيته بالكامل في التعامل مع دول الخليج، وبالذات المملكة العربية السعودية، بل إن هذا التيار لم يقم بدوره الكافي في انتقاد الرئيس السابق مرسي في سياساته الحساسة مع إيران ومع دول الخليج، وأخذته «العزة بالشرعية».
لقد اكتفى التيار السلفي بظواهر الأمور كون محمد مرسي ملتحياً ويصلي الجمعة في الجامع وأظهر المحجبات على الشاشة، ولكنه أغفل العديد من السياسات التي لا تتفق مع المنهج بل وتضرب الأمة في الصميم، أولها التحالف مع إيران وعدم دعم القضية السورية بالشكل المطلوب.
لقد ساهم التيار السلفي بسلبيته أمام تيار الإخوان -الذي انتهج سياسة لم تكن مدروسة بالشكل اللازم- في عدم نقدهم بشكل مباشر وإعادته إلى جادة الصواب، الأمر الذي أدى في النهاية إلى ترسيخ حالة من الصراع الإسلامي الليبرالي في مصر، واصطفاف الجماهير ضد الحكم الإسلامي وليس الإخواني فحسب، الأمر الذي كانت قد اوتعت له جيداً الولايات المتحدة الأمريكية ولعبت على الصراعات التي أنشأها الإخوان في سبيل إسقاطهم فيما بعد، وإسقاط التيار الإسلامي ككل معهم.
لقد لاحظنا العديد من العلماء وشيوخ الدين المحسوبين على النهج السلفي ينتقدون مرسي انتقادات مباشرة وكانوا أشد المعارضين لبعض سياساته، إلا أنهم كانوا ضد النزول للميادين بل مع «الشرعية».
وبكل صراحة رغم كل ما حدث، إن المليون الذين أسقطوا مبارك، كذلك لهم شرعية إسقاط مرسي. صحيح أن مرسي يحظى بـ «الشرعية» الدستورية، ولكن إسقاطه يحمل شرعية الجماهير المليونية أيضاً.
يقول السيناتور مارك كيرك، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، في كلمة معلنة له بعد الثورة المصرية الأولى؛ إن وصول التيار الإسلامي المتمثل في السلف والإخوان سيؤدي في النهاية إلى خلق مصر تكره إسرائيل وستقلص من الحريات أبرزها المرأة وكذلك حرية التعبير والحق في ممارسة الدين، وستعتبر إيران حليفة لها.. وتشكيل تهديد مباشر لاتفاقات كامب ديفد.. ويتساءل قائلاً؛ هل يعقل أن مصر هذه ستمنع الأسلحة من الوصول إلى حماس؟... كل هذا سيشكل تهديداً للأمن القومي الأمريكي في ما بعد وكذلك حليفتها الرئيسية إسرائيل.
ويطالب السيناتور كيرك الإدارة الأمريكية بوضع خطة لمراقبة هذه الانتخابات والأوضاع في مصر لكي «نتأكد أن هذه الدولة الحساسة تبقى في فك الولايات المتحدة»، وقد خسرنا أرضاً كبيرة بعد الانتخابات التي فاز فيها الإخوان المسلمين، وأصبح هناك حكومة تتحكم بقناة السويس تربطها علاقة صداقة مع حماس وإيران.
وبعد كل ما جرى في مصر يجب على التيار الإسلامي ككل، أن يراجع حساباته جيداً وأن لا يكون سبباً في سقوط «الإسلام» نتيجة عدم دراسة أوضاع المنطقة بشكل سليم، وأن يعي جيداً حجم المؤامرة التي تشن ضد العالم الإسلامي بأسره.
إنه لا يوجد حزب يستطيع أن يقود مصر منفرداً، إنها مصر، التي تمثل كل التيارات وكل التلاوين، لذلك قيادتها يجب أن تسير على النهج المصري لا أن تفرض واقعاً جديداً يؤلب الناس، حفظ الله مصر وأهلها.
مصر تقود ولا تُقاد.