قبل أن نخوض في الموضوع، فقط نسترعي انتباه الجهة المعنية بتطبيق توصيات المجلس الوطني بشأن محاسبة المحرضين والداعين لكراهية الدولـــة بحســب القانون، فما صــدر عن الوفاقي خليل مرزوق مؤخراً لا يخرج عن كونه تحريضاً صريحاً ضد النظام في البحرين حينما عمد لوصف عائلة آل خليفة بـ«الغزاة» وكررها أكثر من مرة، باعتبار أنه هو وجماعته من تم غزوهم منذ قرنين!
هذا التوصيف الذي استخدمه مرزوق يتطابق تماماً مع توصيفات سعيد الشهابي في لندن باعتباره النظام البحرينـــي «محتل» وأن المعارضة تريد «تحرير» البحرين، طبعاً تحريرها لصالح المستعمر الإيراني الذي مازال يرمي بأمواله على من يقطنون لندن وينفذون أجندته.
كلام مرزوق يأتي بعدما تردد عن وجود محاولة من علي سلمان لوقف هجوم جماعة سعيد الشهابي عليه بسبب ما اعتبـــروه «تخاذلاً» من الوفـــاق ســـواء بدخول الحوار أو دعم «تمرد» فقط بالكلام والتغريدات.
المشكلــة أن عناصـــر الوفـــاق حينمـــا يصعدون لمنصات للحديث تعتريهم نوبة «تلبس» من قبل شبح الشهابي، فهم إن تحدثوا عن مقاربة مع الدولة أو تقـــدم فــي الحـــوار، انهـــال أتبــاع الشهابي ومن يمارسون العنف ويرمون المولوتــوف علــى سلمـــان وجماعتـــه بالشتائم والسباب والاتهام ببيع ما أسموه بـ«الثورة»، وإن قام متحدثوهم بمحاولــة «تقليــد» خطابــات الشهابـي بغية كسب ثقة شارعهم الذي انفض كثير منه من حولهم هم يقومون بحرق مراكب العودة مع الدولة.
ما قاله مرزوق يعتبر تحريضاً على الدولة بسعيه ووصفه النظام بـ«الغازي» و«المحتل» وهذا توصيف يفرض تطبيق القانون عليه بتهمة التحريض، بالتالي ننتظر ونرى.
في جانب آخر يتعين على الوفاق أن تحدد موقفها بصراحة، يكفيها تقلباً يمنة ويسرة، أقلها الشهابي ومشيمع ومن معهما حددوا موقفهم بصراحة مـن البحريــن، اعتبروا النظام «محتـــل» وأنهم يحاربون ضده ولا يعتبرون الخليج العربي «عربياً» ولا يريدون «بقاء للعائلة الحاكمة».
المشكلة في تحول هذه المنابر إلى أشبه بمنصة استعراض برنامج «عرب آيدول» بفارق أنها منصة استعراض لـ«عملاء إيران آيدول»، أعطهم المايكرفون واستمع لـ«التخبيص»، بين كل جملة وأخرى تناقض صارخ وفاضح، واضح تماماً رغبة الوفاق في كسب ود الدولة مع رغبتها عدم خسران المزيد من شارعها، وهذه رغبة مستحيلة التحقق، فكلا الطرفين ليسا مغفلين، الوفاق تريد أن تلعبها بمزاجها، فكانت النتيجة أن ذهبت للتذلل لسعيد الشهابي الذي يتكفل بمبعوث الوفاق في لندن علي الأسود.
الوفاق لم تعد لاعباً مهماً في تحريك الشارع اليوم، ما يخدمها كونها فقط جمعية سياسية مرخصة، بينما أمرها مرغمة من أنفها يأتي بيد من يحركهم الشهابي والشايب وغيرهما بتوجيه إرهابي هنا وهناك. جمعية عيسى قاسم فـي «أرذل» العمـــر السياســـي اليـــوم، وبالتالي مناكفتهم في جلسات الحـــــوار ليست سوى مناورة لتأخير واقع سيتحقق عاجلاً أم آجلاً، فإما القبول بأن يستمعوا لغالبية الشعب عبر ممثليه من جهات عدة ويقروا بأنهم ليسوا سوى فئة من فئات عديدة في هذا المجتمع، أو التعنت وبالتالي خسران كل شيء.
الوفاق تدرك بأن الدولة مازالت تمارس معها طولة البال وتمنحها فرصاً للعودة، لكنه الغرور والتكبر والعناد يضاف إلى الخوف من هجوم شارعهم عليهم، هذا الشارع الذي انقاد وراءهم وكان هو الخاسر الوحيد، فلا عضو وفاقي مقبوض عليه ويحاكم ولا أحد من أبنائهم خسر وظيفته، وهم يسافرون إلى أي مكان يريدون، ومن هم في الخارج يعيشون أفضل حتى من وزراء داخل البحرين.
اتجاه معاكس:
لن نعلق بتفصيل علـــى ما نشرتـــه الصحافة نقلاً عن وثائق «ويكيليكس» بشأن قرب منح السفير الأمريكي جنسية بلاده وحق اللجوء لأحد النواب المتخندقين مع الوفاق والانقلابيين، لن نقول بأن هذا تدخل صارخ وفاضح من السفير، ولن نطالب الدولة بمحاسبة السفير الأمريكي «الصديق».
فقط سنقول لو تكرم سعادة السفير بمنح جنسية بلاده لمجموعة أخرى ممن يفديهم صاحبه بصدره ودمه، خذهم للولايات المتحدة هناك وليتك تحرص على إيصالهم بسلام وتنسى قطع تذكرة عودة للبحرين.
لك كل الشكر يا سيد كراجيسكي على مساعيك لتنظيف البحرين.