في كلمته الافتتاحية بمؤتمر «التغيير الديمقراطي في البحرين.. الديمقراطية حق وإرادة شعب» الذي نظمته جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الأسبوع الماضي بنادي العروبة وشاركت فيه قوى المعارضة الوطنية، قال نائب أمين الوفاق حسين الديهي إن «إقامة مثل هذه الفعاليات العلمية والفكرية والثقافية والسياسية ذات قيمة عليا وأهمية كبرى.. وهي تسير جنباً إلى جنب مع الفعاليات الميدانية ولا تقل أهمية عنها». وهو كلام مهم، صحيح في بعضه، ولكنه غير صحيح في بعضه الآخر. فالقول إن هذه الفعاليات ذات قيمة عليا وأهمية كبرى قول صحيح مائة في المائة ولا يمكن لأحد أن يختلف معه فيه، فالفعاليات من هذا النوع مطلوبة في كل حين وهي سبيل جميل ليسمع الطرف الآخر ما يدور في نفس وفكر هذا الطرف، لذا كان يفترض من جمعية الوفاق أن تدعو الآخر للحضور والمشاركة لتسمع منه أيضاً، وفي كل الأحوال لا بأس من الاختلاف في أمور علمية وفكرية وثقافية وسياسية.
أما غير الصحيح في كلام الديهي فهو قوله إن الفعاليات الميدانية هي الأخرى مهمة وأنه ينبغي السير في المسارين في آن، لأن هذا الكلام يشبه جملة حسينوه الشهيرة «هل كيف» حيث «هـل» خربـــت على «كيف»! وإذا كان مقبولاً في بعض الأحيان تسيير مظاهرة هنا أو هناك تحت ظل القانون والتزاماً بالنظام فإنه غير مقبول أبداً تشجيع الممارسات الميدانية التي يتم تنفيذها يومياً، وتتسبب في تعطيل الحياة، بل كان يفترض من الديهي أن يدينها في كلمته ويبين موقف الوفاق وموقف قوى المعارضة الوطنية منها، فلا يكفي الإشارة في البيان الختامي إلى أن هذه القوى ضد العنف ومع السلمية لأن ما يجري في الميدان من عمليات قطع للشوارع واختطاف حياة من يسير فيها لبعض الوقت وتعريضهم للخطر يستوجب اتخاذ موقف واضح وصريح منه، والأمر نفسه ينطبق على نهايات الفعاليات الميدانية التي تنظمها جمعية الوفاق حيث يتسبب بعض المشاركين في إحداث مواجهات مع رجال الأمن.
لا أحد ضد إقامة الندوات، بل لعل الإكثار منها مطلوب في هذه الفترة، ولكن الجميع ضد القول إنه «ينبغي أن تسير جنباً إلى جنب مع الفعاليات الميدانية»، فالأولى مساحة مناسبة يتحرك فيها العقل والثانية مساحة يتحرك فيها الشيطان المتمثل فيما صار يعرف بـ «إئتلاف شباب فبراير» الذي لا تملك قوى المعارضة الوطنية السيطرة عليه وتصفيده.
هذه الحال تجر إلى السؤال المهم والذي يجــب أن تجيــب عنـــه قـــوى المعارضـــة الوطنية، هل هي مع الفعاليات الميدانية التي ينظمها هذا الائتلاف أم ضده؟ إن كانت ضده فعليها أن تعلم أن ما يقوم به الائتلاف لا يكفيه القول إن قوى المعارضة الوطنية ضد العنف ومع السلمية لأنه بالفعل يتطلب موقفاً واضحاً.. قولاً وعملاً. إدانة واضحة ووقوفاً في الوجه لوضع حد لما تقوم به من فعاليات وعمليات بعيدة عن أخلاق شعب البحرين. أما الموقف اللين منها وغير الصريح أو الموقف بالقول فقط وإن كان صريحاً فلا قيمة له وضرره يعود على الجمعيات السياسية قبل غيرها لأن عدم اتخاذ موقف من الائتلاف يعني أن هذه الجمعيات تؤيده وتدعم أفعاله التي هي في كل الأحوال عنيفة وليست سلمية.
لم يكن الديهي موفقاً في هذه الجزئية من كلمته إلا إن كان كلامه عبارة عن إعلان بأن جمعية الوفاق جزء أساس من «ائتلاف فبراير» وأنهما يتبادلان الأدوار، ذلك أن قوله إن هذه الفعاليات «الندوات» تسير جنباً إلى جنب مع الفعاليات الميدانية يفهـم منه أن «ائتلاف فبراير» الذي ينفـــذ الفعاليات الميدانية عبارة عن الجناح العسكري للوفاق!