تعبنــا ونحــن نكــرر ونقــول بـأن حال عديد من الأمور في هذا البلد ســواء من ناحية إدارية أو إجرائية لن ينصلح طالما لا يطبق مبدأ الثواب والعقاب.
حتى هذه اللحظة لم نسمع يوماً بأمر محاسبة مسؤول أو إقالة وزير بسبب أخطاء أو تجاوزات أو تكرار لكوارث لا يدفع ثمنها إلا الوطن والمواطن.
مبدأ محاسبة المخطئ لا يطبق ولدينا في المقابل عشرة تقارير للرقابة المالية والإدارية فيها من البلاوي ما يمكن أن يطيح بوزراء من على كراسيهم وما يمكن أن يضع مسؤولين في مواجهة القضاء وأحكام بالسجن.
المال العام «المحرم» المساس به صار اللعب فيه أمراً عادياً طالما المحاسبة غائبة، ولا تطالبوني بدليل أو إثبات فقط قارنوا حجم صفحات تقرير كل عام بالذي سبقه لتروا حجم التضخم.
الأخطاء الجسيمة صار يدفع ثمنها الناس بينما كبار المسؤولين والوزراء لا يتحركون من كراسيهم، أقلها لا يعترفون بمسؤوليتهم أدبياً.
أتذكرون قبل أعوام الحريق الذي حصل في حقل الروضتين النفطي في الكويت وكيف أنه بعده بساعات قدم وزير النفط الكويتي استقالته إيماناً منه بمسؤوليته الأدبية رغم أنه لم يكن معنياً بالأمور التقنية المعقدة، لكنه الإحساس بالمسؤولية ووجود الضمير حياً. لكن لدينا كوارث وبلاوي، عدد وستتعب، في مقابلهــا الضميـــر ميت والكرسي والمنصب أعز من الروح.
سيارات تتساقط من على الجسور وناس تمـــوت، أخطـــاء طبيــة قاتلــة تزهق بسببها أرواح، مستقبل شباب معطل أكاديميـــاً بسبـــب مناكفـــات وسوء تخطيط، فساد في اللحوم، إهدار للمال العام، بذخ أرستقراطي تدفع ميزانية الدولة ضريبته، فساد إداري يهد الجبال من هوله، سفارات تدار بفشل مخجل، وكل ذلك بدون مسؤول يقال أو وزير يحاسب أو أقلها اعتراف بالتقصير، ونظل نصر ونقول بأننا نحارب الفساد ونحرص على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب!
والله ما بهــدل البلــد إلا الشعـــارات الجميلة التي لا تطبيق واقعياً لها على الأرض، لم يبهــدل البلــد إلا أشخـاص غير متخصصين وغير مؤهلين يوضعون في أماكن حساسة، أماكن ربما ينجزون فيها لكن أخطاءهم واضحة ومكلفة وجسيمة ولا يمكن معها أن تشفع السوابق عما لحقها من كوارث.
لــو كـــل مخطـــئ حاسبنـــاه بالقانون وبالعدالة لما تكرست لدينا ممارسات خاطئة وأصبحت من المسلمات، لو كل مسؤول تمت مساءلته وتعنيفه مــن الدولـــة قبـــل النـــواب «هؤلاء لوحدهم قصتهم قصة» لما تحول بعض المسؤولين لدينا لطوواويس لا يعبؤون ولا يكترثون وإن حرقت البلد عن بكرة أبيها.
اسمحــوا لنا بالقول إن لدينا قوانين وتشريعــات لم تستخـــدم قـــط إلا للبهرجة الإعلامية، لدينا ديوان رقابة لا تأثير لتقاريره سوى أخذ مساحة على الرفوف وفي الأدراج، ولدينا مسؤولون لا دم لديهم.
من يزعل مما نقول أرجو بأن يرد علينا ببيان كم مسؤولاً رفيعاً تمت محاسبته، كم فساداً تم وقفه، كم حقاً للناس تم أخذه من مسؤولين اعتبروا كرسي المسؤولية كرسياً فــي «عزبة خاصة».
نحب بلدنا ونفديها ونحرص عليها أكثر من حرص بعض الوزراء والمسؤولين، فلا يأتي أحد منهم ليزايد علينا في الحرص على مصلحة البلد. من حقنا أن نطالب بمحاسبة المخطئين ومن حقنا أن يتم فضحهم وبيان أخطائهم وسوء عملهم الذي يتضرر منه الوطن قبل المواطن.
البحرين أكبر من أي وزير أو مسؤول، ومن لا يعمل لأجلها لا يستحق أن يمثلها في أي موقع.