جملة مبدعة سطرها سياسي من الذين اختاروا العيش في الخارج في تغريدة نشرها علـــى «تويتر» تثير الضحك. يقول السياسي في بداية تغريدته المبدعة «تآمر النظام على الثورة»، ما يعني أنه مستغرب كيف أن النظام الذي سعوا إلى إسقاطه دافع عن نفسه فـ«تآمر على الثورة»، وكأن المطلوب من أي نظام أن يقف مكتوف اليدين ويتلقى الضربات والطعنات من كل حدب وصوب وألا يحرك ساكناً كي لا يتهم بالتآمر ضد من يريد إسقاطه!
أليــس من حــق النظــام -أي نظام- أن يدافع عن نفسه ويبذل كل ما يستطيع من جهد ويوظف كل ما لديه من أدوات كي لا يسقط؟ ألا يحق للنظام أن يقف في وجه من يريد به سوءاً؟ هل المطلوب من الأنظمة أن تستجيب لرغبات من «يشتهي» إسقاطها وألا «تكسر خاطره»؟!
ببساطة، كما إن من حق أي مجموعة أن تطالب بالإصلاح أو حتى بإسقاط النظام كذلك فإن من حق النظام أن يدافع عن نفسه ويمنع من يسعى لإسقاطه من تحقيق غايته، من هنا فإن القول إن «النظام يتآمر ضد الثورة» قول مضحك بل مضحك جداً ومثير للشفقة، فالنظام -وأي نظام في العالم- من حقه أن يدافع عن نفسه وأن ينتصر على من يريد إسقاطه وإلا فإنه لا يستحق أن يستمر!
مثل هذه التصريحات إنما تعبر عن قلة معرفة وخبرة من اختاروا «إسقاط النظام»، حيث الأنظمة تختلف عن برامـــج ما يطلبه المستمعون أو المشاهـــدون والتي تستجيب لرغباتهم في الاستماع إلى الأغاني أو مشاهدتها!
إن «معارضـة» بهذا المستوى من التفكير لا يمكن الركون إليها والثقة فيها، فعندما تعبر المعارضة عن دهشتهــا من سعي النظام إلى الدفاع عن نفسه وتعتبر ذلك «تآمراً على الثورة» فهذا يعني أن المنتمين إليها قد اختاروا المساحة الخطأ.
لا يوجد في العالم نظام مهما شعر بالضعف يمكن أن يسلم إلى الآخر مهما كانت الأسباب، ولا يوجد في العالم نظام يتوقف عن الدفاع عن نفسه و«التآمر» على من يريد الإطاحة به، لذا فإن ما قاله ذلك «السياسي المحنك» قـول يستوجــب بالضرورة السخرية منه.
كــان الأولــى بهــؤلاء الذيـــن يطرحــون أنفسهم بديلاً للنظام وهم لا يعرفون «كوعهم من بوعهم» أن يتعاونوا مــع النظام في إصلاح ما يرون أنه يحتاج إلى إصلاح، خصوصاً وأن النظام هنا لم ينكر وجود أحوال تحتاج إلى إصلاح، وما طرح جلالة الملك لمشروعه الإصلاحي إلا دليل على اعتراف الدولة بأن هناك ما يستوجب الإصلاح والتعديل.
طريق الإصلاح هو الطريق الصحيح للخروج من كل المشكلات التي تواجهنا، والحوار هو الطريق الذي لابد أن نسلكه لأنه لا يوجد أمامنا طريق آخر نسلكه، فالحوار هو الحل لمشكلاتنا، والإصلاح هو برنامجنا لترقية حياتنا وضمان مستقبل أبنائنا. أما خيار إسقاط النظام فلاشك أنه خيار خاطئ ولا يمكن أن يتحقق خصوصـــاً وأن نظام البحرين من القوة والمتانة ما يمنع من بلوغ من يريد إسقاطه مبتغاه حتى وإن حصل على مزيد من الدعم الذي يحصل عليه حالياً من جهات لم يعد ينفـع إنكار حصولها عليه منها.
لنختصر الطريق وندعم الحــوار الــذي من خلاله يمكن التوصل إلى ما يرضي كافة الأطراف ذات العلاقة والتفرغ لبناء هذا الوطن، وليبتعد عن تلك الأعمال أولئــك الذين زينت لهم مراهقتهم الفكرية أعمالهم فظنوا أن بإمكانهم تسلم القيادة ببساطة بل عبروا عن دهشتهم من تحرك النظام للدفاع عن نفسه!
إسقاط النظام أمر غير ممكن، ولا طريق أمامنا للخروج من مشكلاتنا سوى الحوار واعتماد المشروعات الإصلاحية.