يوجد فرق كبير في أن نسمع كلام الآخرين ونطبقه طاعة عمياء فقط أو في أن ننفذه محبة واحتراماً، هذه كانت أول عبارات والدتي قالتها لي عندما بدأت أفقه لما يجري من حولي من أحداث وأعرف ما المقصود بأمر وقانون، إلا أن بعض القوانين كانت محفوظة في صندوق تيجوري مكتوب عليه «نفذ ثم اعترض» مقفل بالشمع الأحمر، قوانين غير قابلة للطعن ولا يمكن إحالتها إلى الاستئناف، لا يمكننا مساسها والتدخل بها والبعض الآخر يكون قابلاً للمد والجزر وتعديله حسب ما تكون قوة الدموع والشجون التي تكون مرافقة لطلب.
تبقى في النهاية هذه قوانين وضعية؛ أصحابها يدركون تماماً آلية تنفيذها ومدى الاستجابة لها، وهي ستطبق على مجموعة صغيرة وليس على أبناء المنطقة بأسرها.
وبالطبع ما ينطبق من قوانين على الابنة أو الابن البكر ليس بالضرورة أن ينطبق على باقي الأبناء، آخذين في عين الاعتبار الفترة الزمنية التي سن بها هذا القانون أو ذاك، فجرت العادة أن تكون لكل قانون فترة بث تجريبي، يتم دراسة الأوضاع الناجمة عن تطبيقه ومدى مساهمته في تعديل الوضع الراهن، ومدركين للقاعدة الذهبية التي تقول إن أردت أن تطاع فاطلب ما هو مستطاع.
حقيقة كنت أعتقد أن ما أستلمه من رسائل نصية على جوالي ما هي إلا أفكار وتخيلات يكتبها البعض في ما يخص قانون المرور في إحدى الدول الشرق آسيوية، بالطبع ليست الدول العربية المجاورة أو البعيدة، أو أنه تصور لحال كوكب المريخ في حال تم سكنه من قبل سكان كوكب الأرض.
فكوكب لا يعتاد العيش عليه لابد أن تكون لديه قوانين غير اعتيادية ولكن أثارني موضوع الحبس أو السجن للمخالفين، في قانون المرور الذي أقره مجلس النواب مؤخراً، وانزعجت من الفكرة باعتبار أن سكان الكوكب سيكونون أناساً مثاليين؛ فلماذا عقابهم بالسجن وحجز حرياتهم بهذا الشكل الاعتباطي؟!
إلا أنه في نهاية البرودكاست مكتوب «هذا قانون مملكة البحرين الجديد للمرور»، اعتقدت بأنها مزحة أو مقلب إلا أننا لسنا في شهر أبريل للأسف.
فإن كنت كتبت واعترضت سابقاً ولا أزال على سلوكيات البعض في السياقة ضاربين بعرض الحائط شعار «السياقة فن وذوق وأخلاق»، الذي ممكن أن تراه صدفة موجوداً في ثنايا المنعطفات وقد أصداه الزمن ومحت معالمه الرياح العاتية، في المقابل لابد أن نكون منطقيين في سن القوانين ونعالج مشكلة زيادة الحوادث المرورية من جذورها حتى نصل إلى أطراف خالية من التلف، في حال أردنا تغييراً نحو الأفضل.
على سبيل المثال فكما يتم تحديد النسل في بعض البلدان لابد أن يتم تحديد عدد السيارات في كل بيت، فليس من المنطق أن تكون عائلة مؤلفة من 5 أشخاص راشدين يوجد قرب المنزل خمس سيارات وسيارة إضافية للطوارئ! لكن إذا اختزلنا عدد السيارات؛ هل من بديل آخر يليق بالشعب؟ بالطبع لا! فأنا لن أضرب أمثالاً، فكما يقول المثل «كلنا من هالقرية وكل خي يعرف خيه»، والمضحك المبكي أن يتزامن القانون الجديد للمرور مع فترة طلب الشعب لزيادة الرواتب والتي ممكن أن تتعدى قيمة الغرامات الراتب الأساسي للموظف.
فصدق الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه عندما قال:
ما أكثر العبر وما أقل الاعتبار
قول بلا عمل كالرمي بلا وتر