وصلت زوبعة المؤتمر القومي العربي إلى البحرين متأخرة، كالعادة، ونوقشت من جانب واحد؛ هو اشتمال البيان الختامي للمؤتمر على توصية تطالب البحرين بإطلاق سراح «المعتقلين السياسيين» كضمان لنجاح الحوار الوطني، وهذه التوصية، في حقيقة الأمر، لا تعكس موقفاً مشوشاً من قضية البحرين فحسب، بل تعكس آلية عمل (مريبة) في المؤتمر تجاهلت رأي مجموعة من ممثلي البحرين في المؤتمر القومي وتجاهلت المراسلات والأوراق الرسمية التي طرحها أعضاء الوفد، وهذه الآلية مرتبطة بحقيقة أكثر خطورة وهي أن وكلاء إيران يسيطرون على الأمانة العامة للمؤتمر وأن دورهم أصبح حاسماً في لجنة الصياغة التي أنتجت البيان الذي أثار الجدل في أكثر من دولة عربية.
الزوبعة الحقيقية التي لم تناقَش في البحرين هي خلو البيان من أي إشارة للدور الإيراني السلبي تجاه العديد من القضايا العربية مثل قضية عرب الأحواز وعروبة البحرين واستقلالها واحتلال الجزر الإماراتية والتدخلات في اليمن وفي سوريا. وكان أعضاء المؤتمر القومي من العراق قد احتجوا مراراً على عدم الإشارة للتدخلات الإيرانية في العراق من إرسالها ميليشيات طائفية تقتل العراقيين على الهوية ومن تدخلها العلني والصريح في العملية السياسية بدعم أحزاب سياسية موالية لها وتعطيل العملية الانتخابية وتوجيهها، وقد تجاهل المؤتمر كثيراً طلبات أعضائه العراقيين بإدانة إيران مما حدا بهم إلى تقليص تمثيلهم في المؤتمر وتوقف شخصيات كبيرة عن حضور المؤتمر مثل الشيخ حارث الضاري رئيس هيئة العلماء المسلمين بالعراق وابنه مثنى حارث الضاري اللذين لهما دور رئيس وثابت في قضية المقاومة العراقية.
اليوم وبعد تضخم الدور الإيراني في اليمن وسوريا نستغرب من تجاهل الإشارة لها في ظل ترؤس الأستاذ عبدالملك المخلافي (من اليمن) الأمانة العامة للمؤتمر، فقد عانت اليمن كثيراً من دور إيران في تأجيج قضية الحوثيين قبل الثورة ودعمهم بالسلاح وتدريبهم عسكرياً، ثم دعمها العسكري بعد الثورة للحراك الجنوبي المطالب بالانفصال!!، ونستغرب تجاهل البيان للتدخل العسكري الإيراني في سوريا عبر دعمها النظام السوري الديكتاتوري ودفعها بحزب الله في أتون حرب طائفية يجري الإعداد لها بحرفية عالية في تل أبيب وواشنطن!!
التحليلات تشير إلى سيطرة أعضاء من حزب الله على الأمانة العامة ولجنة الصياغة وتدخلهم في منع أي إدانة أو إشارة لإيران في البيانات المتعددة التي يصدرها المؤتمر. ولكن الخطاب القومي بشكل عام مازال متجمداً عند ثقافة الستينيات والسبعينيات الثورية التي تحارب الصهيونية والإمبريالية الأمريكية والاحتلال والاستعمار.. ومازال التوجه القومي متأخراً عن تقبل دخول أعداء جدد للعرب نتيجة الوهن والتشرذم العربي، فإيران عبر نظام الولي الفقيه تزرع وكلاءها في كل دولة عربية وتخلق أزمة هوية ومواطنة نتيجة اعتناق عناصر محلية لمبادئ تقوم على مبايعة الوالي الفقيه في إيران. وأثيوبيا اليوم تهدد الأمن المصري ببنائها سداً سيقلل من حصة مصر المائية، وأريتيريا تهدد أمن مضيق باب المندب بتأجيرها جزرها المطلة على المضيق لإيران وإسرائيل. وتركيا هي عضو في حلف النيتو وأحد أدوات تنفيذ مخططاته ولها دور سلبي في إدارة الأزمة السورية. كل هذه التحديات تستدعي من المؤتمر أن يتوسع في مفهوم الأمن القومي العربي وأن يقرأ الخارطة الجغرافية للوطن العربي قراءة جديدة تتجاوز اختزال التناقضات في وجود إسرائيل وحلفائها إلى إدراك التناقضات الجديدة التي تستبيح الجسد العربي الواهن والمثقل بالضربات والأزمات.
الأمر الجدير بالإشارة أن هيمنة عناصر إيران على الأمانة العامة للمؤتمر القومي يستند إلى المال الإيراني الذي تدفعه طهران بسخاء بالغ لتحقيق مصالحها مشفوعاً بخطاب رومانسي عن دعم المقاومة والوقوف في خندق الممانعة ومحاربة التطبيع وتحرير فلسطين، أما الدول العربية فهي خارج هذه المعادلة، فدعمها للمؤتمر القومي العربي يكاد يكون معدوماً واعترافها بالتيارات التقدمية القومية واليسارية ليس في أحسن أحواله، وقد عملت العديد من الدول العربية على محاربة هذه الاتجاهات بدعم تيار الإسلام السياسي وتصعيد خطاب التكفير والعنصرية ضد تلك الأحزاب، واليوم تحصد الدول العربية مآزق كثيرة من تطرف الخطاب الديني والخلط بين الدين والسياسة من باب التقديس لا من باب التنافس على المشاريع والبرامج السياسية مما ترتب عليه صعود بعض الأحزاب الإسلامية وتهديد الأنظمة الحاكمة بالتنسيق مع أمريكا وأوروبا.
أينما غابت الدول العربية، وخصوصاً دول الخليج، حضرت إيران واحتلت المكان، ولن تستطيع مجموعة من المثقفين القوميين معتمدين على مواردهم الخاصة ومستعينين بسلاح القلم أن ينازلوا المال والتغلغل الإيراني. فهل ستستيقظ الدول العربية وتستعيد المؤتمر القومي العربي، أم ستتركه لإيران وعناصر حزب الله يستولون عليه ويصدرون البيانات المناسبة لهم باسم القومية العربية التي هي الهدف الأول لكل مخططات التقسيم والتفتيت الجديدة؟
الزوبعة الحقيقية التي لم تناقَش في البحرين هي خلو البيان من أي إشارة للدور الإيراني السلبي تجاه العديد من القضايا العربية مثل قضية عرب الأحواز وعروبة البحرين واستقلالها واحتلال الجزر الإماراتية والتدخلات في اليمن وفي سوريا. وكان أعضاء المؤتمر القومي من العراق قد احتجوا مراراً على عدم الإشارة للتدخلات الإيرانية في العراق من إرسالها ميليشيات طائفية تقتل العراقيين على الهوية ومن تدخلها العلني والصريح في العملية السياسية بدعم أحزاب سياسية موالية لها وتعطيل العملية الانتخابية وتوجيهها، وقد تجاهل المؤتمر كثيراً طلبات أعضائه العراقيين بإدانة إيران مما حدا بهم إلى تقليص تمثيلهم في المؤتمر وتوقف شخصيات كبيرة عن حضور المؤتمر مثل الشيخ حارث الضاري رئيس هيئة العلماء المسلمين بالعراق وابنه مثنى حارث الضاري اللذين لهما دور رئيس وثابت في قضية المقاومة العراقية.
اليوم وبعد تضخم الدور الإيراني في اليمن وسوريا نستغرب من تجاهل الإشارة لها في ظل ترؤس الأستاذ عبدالملك المخلافي (من اليمن) الأمانة العامة للمؤتمر، فقد عانت اليمن كثيراً من دور إيران في تأجيج قضية الحوثيين قبل الثورة ودعمهم بالسلاح وتدريبهم عسكرياً، ثم دعمها العسكري بعد الثورة للحراك الجنوبي المطالب بالانفصال!!، ونستغرب تجاهل البيان للتدخل العسكري الإيراني في سوريا عبر دعمها النظام السوري الديكتاتوري ودفعها بحزب الله في أتون حرب طائفية يجري الإعداد لها بحرفية عالية في تل أبيب وواشنطن!!
التحليلات تشير إلى سيطرة أعضاء من حزب الله على الأمانة العامة ولجنة الصياغة وتدخلهم في منع أي إدانة أو إشارة لإيران في البيانات المتعددة التي يصدرها المؤتمر. ولكن الخطاب القومي بشكل عام مازال متجمداً عند ثقافة الستينيات والسبعينيات الثورية التي تحارب الصهيونية والإمبريالية الأمريكية والاحتلال والاستعمار.. ومازال التوجه القومي متأخراً عن تقبل دخول أعداء جدد للعرب نتيجة الوهن والتشرذم العربي، فإيران عبر نظام الولي الفقيه تزرع وكلاءها في كل دولة عربية وتخلق أزمة هوية ومواطنة نتيجة اعتناق عناصر محلية لمبادئ تقوم على مبايعة الوالي الفقيه في إيران. وأثيوبيا اليوم تهدد الأمن المصري ببنائها سداً سيقلل من حصة مصر المائية، وأريتيريا تهدد أمن مضيق باب المندب بتأجيرها جزرها المطلة على المضيق لإيران وإسرائيل. وتركيا هي عضو في حلف النيتو وأحد أدوات تنفيذ مخططاته ولها دور سلبي في إدارة الأزمة السورية. كل هذه التحديات تستدعي من المؤتمر أن يتوسع في مفهوم الأمن القومي العربي وأن يقرأ الخارطة الجغرافية للوطن العربي قراءة جديدة تتجاوز اختزال التناقضات في وجود إسرائيل وحلفائها إلى إدراك التناقضات الجديدة التي تستبيح الجسد العربي الواهن والمثقل بالضربات والأزمات.
الأمر الجدير بالإشارة أن هيمنة عناصر إيران على الأمانة العامة للمؤتمر القومي يستند إلى المال الإيراني الذي تدفعه طهران بسخاء بالغ لتحقيق مصالحها مشفوعاً بخطاب رومانسي عن دعم المقاومة والوقوف في خندق الممانعة ومحاربة التطبيع وتحرير فلسطين، أما الدول العربية فهي خارج هذه المعادلة، فدعمها للمؤتمر القومي العربي يكاد يكون معدوماً واعترافها بالتيارات التقدمية القومية واليسارية ليس في أحسن أحواله، وقد عملت العديد من الدول العربية على محاربة هذه الاتجاهات بدعم تيار الإسلام السياسي وتصعيد خطاب التكفير والعنصرية ضد تلك الأحزاب، واليوم تحصد الدول العربية مآزق كثيرة من تطرف الخطاب الديني والخلط بين الدين والسياسة من باب التقديس لا من باب التنافس على المشاريع والبرامج السياسية مما ترتب عليه صعود بعض الأحزاب الإسلامية وتهديد الأنظمة الحاكمة بالتنسيق مع أمريكا وأوروبا.
أينما غابت الدول العربية، وخصوصاً دول الخليج، حضرت إيران واحتلت المكان، ولن تستطيع مجموعة من المثقفين القوميين معتمدين على مواردهم الخاصة ومستعينين بسلاح القلم أن ينازلوا المال والتغلغل الإيراني. فهل ستستيقظ الدول العربية وتستعيد المؤتمر القومي العربي، أم ستتركه لإيران وعناصر حزب الله يستولون عليه ويصدرون البيانات المناسبة لهم باسم القومية العربية التي هي الهدف الأول لكل مخططات التقسيم والتفتيت الجديدة؟