أرجو ممن بيده القرار ألا يترك قرار تنظيف «الزون» الخليجي من الجماعات الشيعية المتشددة في البحرين للأمريكان، خاصة في هذا الوقت، وألا يستمع لنصائحهم للتريث، فقد اخطؤوا في سوريا خطأ جسيماً وسيسحبون أخطاءهم لتمتد إلى البحرين أيضاً، وإن دفعت المنطقة نتيجة خطئهم الثمن في سوريا فإنها ليست على استعداد أن تدفعها في منطقتين.
فالمنطقة تستعد لخوض حرب لم تخترها وحاولت تجنبها قدر المستطاع، لقد استمعت لنصائح أمريكا بالتريث.. ثم للتريث.. حتى دخلت الجماعات الجهادية السنية للمنطقة ثم دعت للتريث، حتى أعلن العلماء الجهاد وغرقت المنطقة بعدها.
وها هي النصائح الأمريكية تدعو للتريث في البحرين وهي لا تقيس أو ربما تتجاهل متعمدة المستجدات التي تجري متسارعة على الأرض، فهل ننتظر أن تدخل للبحرين الجماعات الجهادية السنية مثل سوريا، ثم ننتظر الإعلان للجهاد في البحرين؟
إن الخطأ القاتل الذي ارتكبته الإدارة الأمريكية في سوريا واعتقدت أنه مجرد خطوة تكتيكية بتغاضيها عن دخول حزب الله منطقة القصير لتنظيف «الزون» العلوي من الجماعات الجهادية، بحسبان أنها قادرة على احتوائه فيما بعد، فتح باب الدعوة للجهاد في كل العالم الإسلامي وخرج الأمر من مجرد كونه اجتهادات فردية لجماعات متناثرة كـ»القاعدة» وكـ»النصرة» وغيرهم ليس لها أثر يذكر في ميادين المعارك في سوريا بشهادة كل التقارير الاستخباراتية، إلى أن أصبحت الدعوة للجهاد دعوة «رسمية» ومن أكبر منظمة إسلامية هي «منظمة العالم الإسلامي» ومن كبار علمائها، وبدأت أعداد من الجحافل من كل حدب وصوب من كل دول العالم الإسلامي لا العربية فقط لتسجل أسماءها للجهاد في سوريا، وبدلاً من معالجة الأمر مبكراً دفع العالم ثمن الغباء الأمريكي، ونتيجة لهذا الخطأ القاتل برز مصطلح «الجهاد» للواجهة من جديد بعد أن نجحت الولايات المتحدة الأمريكية عبر عمل دؤوب من الإدارات الأمريكية المتتالية على إخماده وغلقه لمدة اثني عشر عاماً منذ 2001 إلى اليوم، أي منذ بدأت حربها المعلنة على الإرهاب، أو الحرب على «الجهاد»، بدءاً من أفغانستان مروراً بباكستان وباقي دول العالم الإسلامي التي تعاونت معها بجدارة، لتقوم هذه الدارة الحالية بهذا الخطأ القاتل وبفضل غبائها وتخبطها، تمت إبادة كل تلك الجهود الأمريكية السابقة، ولتضيع هذه الإدارة في عامين ما بنته الإدارات السابقة في اثني عشر عاماً.
وها هي ذات الحسابات تكررها في البحرين وتترك ائتلافاً شيعياً رهيناً لعمامة شيعية ممثلة لإيران يعيث في أمن البحرين فساداً، وهي التي على مرمى حجر من المملكة العربية السعودية وأقرب إليها من حلب ومن القصير وتدعونا للتريث ثم للتريث لمدة عامين بدعوى أنها قادرة على احتواء الجناح المتشدد في الوفاق وعقد صفقة مع الجناح المعتدل!!
الجناح المتشدد في الوفاق بدأ يفقد توازنه وأعلن على لسان علي سلمان أن من سيقتل يعد شهيداً ومن سيجرح سنداويه وسنهتم بعائلته بأموال الخمس وأطلق نداء «اللحظة الحاسمة» بالتنسيق مع ائتلاف 14 فبراير. فماذا بقي عن إعلان الجهاد الشيعي؟
لقد تخطى هو والأمانة العامة للوفاق كل الخطوط الحمراء التي تبرر بقاءهم كحزب سياسي مشروع يلعب ضمن الأطر الدستورية المسموحة، ومتى؟ في وقت تتحرك نداءات الجهاد من علماء السنة.
فهل ننتظر إلى أن يعلن الجهاد السني في البحرين مثلاً؟ حتى تبدأ الدولة بأخذ زمام الأمور وفقاً للضوابط القانونية والدستورية؟ إذ حينها ستخرج الأمور عن السيطرة ووقتها لن تخضع اللعبة لأية أصول دستورية أو قانونية بل ستكون ناراً لا تبقي ولا تذر.
أتذكرون التحذير الذي نبهنا له قبل فترة أن البحرين ليست بعيدة عن متناول تلك الجماعات الجهادية السنية؟ مثلما هي لم تكن ببعيدة عن سوريا وقبلها العراق؟ وقتها لم يرد ذكر الجماعات الجهادية في سوريا بعد ولم نسمع عن نصرة أو غيرها، ولكننا حذرنا منها، بناء على معطيات واقعية، وحذرنا من تكرارها في البحرين، وها هي وصلت إلى سوريا، فهل ننتظر وصولها للبحرين؟ أم يعتبر هذا التحذير والتنبيه لمخاطرها دعوة لها كما صورها فطاحل الوفاق بغباء منقطع النظير، غباء لا يعرف كيف يقرأ فهل ننتظر منه أن يعرف كيف يحلل؟ إننا ننبه ونحذر من خطر ومن نار ستحرقنا مع الشيعة لا نتمنى وصولها لعقر دارنا، وما لم يحزم قرارنا السيادي المتردد أمره فإنه سيتحمل تبعات ما سيحدث في البحرين، لا التوقيت ولا الظرف يسمح بهذا العبث وهذا التردد.