من الأمور اللافتة في الساحة المحلية أن البعض «يقرر» في لحظة أن ينظم نشاطاً سياسياً ميدانياً فيدعو له ويحشد البسطاء من المواطنين ويحرضهم على تحدي السلطة وتنفيذ القرار كما ينبغي، معتبراً أن هذا حقه وأن الدستور والقانون يؤكدانه، ثم عندما تمارس الحكومة حقها حسب الدستور والقانون أيضاً فتتصدى لذلك النشاط يجأر ذلك البعض بالشكوى ويسعى إلى القول إن قوات الأمن التي تعود أن يصفها بالمرتزقة -وهي لفظة يراد منها الإساءة إلى رجال الأمن- قامت بالاعتداء على المتظاهرين وقمعتهم، وأن هذا يعني أن الحكومة كذا وكذا.. إلى آخر الكلام الذي يبدو وكأن النشاط الذي تم تنفيذه هدفه الأول والأخير هو جر وزارة الداخلية إلى التعامل معه لتتاح الفرصة لقول ذلك!
ما حدث يوم السبت الماضي عند تنفيذ ما سمي بـ «اللحظة الحاسمة» يؤكد هذا التحليل، ويؤكد أن الجمعيات السياسية «المعارضة» لم يعد لها أي تأثير في الذين استجابوا لتلك الدعوة، ولم يعد لها أي قدرة على قيادة الشارع؛ حيث صارت منقادة لذلك البعض، ولعل ما حدث في تجمع سار في اليوم السابق لهذا النشاط يؤكد أن الجمعيات السياسية وعلى رأسها الوفاق لا تملك سوى أن ترضخ لما يريده منها مجموعة الداخلين الجدد على العمل السياسي، حيث لم يجد أمين عام الوفاق بداً من اختتام كلمته بالدعوة إلى المشاركة في ذلك النشاط غير القانوني وغير ذي القيمة.. والنكهة.
لا يمكن لأي سلطة في العالم أن تقبل بفرض أي مجموعة -أياً كانت- رأيها وقرارها عليها واختطاف الاستقرار وتعطيل حياة المواطنين والمقيمين، ولا يمكن لأي سلطة في العالم أن تقبل أن تتم «المتاجرة في الأطفال» بالشكل الذي قامت وتقوم به تلك المجموعة التي تعمل تحت عنوان «ائتلاف فبراير»، والذي بات يعتمد في أنشطته بشكل كامل على الأطفال الذين لا يدركون مراميه ويسعى إلى الاستفادة منهم حتى عندما يتم حجزهم بعد القبض عليهم وهم يمارسون أفعالاً مخالفة للقانون ولا تتناسب مع أعمارهم، حيث يرفع صورهم عبر كل وسائل الإعلام ويقول ما معناه أن انظروا كيف أن السلطات في البحرين «تعتقل» الأطفال وتسجنهم وتؤذيهم، وأنها بالتالي يجب إسقاطها!
استغلال الأطفال والطفولة بهذا الشكل البشع يستدعي تحرك المعنيين بالطفولة في العالم أجمع، لأنه من غير المعقول أن أرمي بالطفل في أتون النار ثم أقول انظروا.. الحكومة لم تخرجه منها وأنها بذلك تستحق المحاسبة من العالم!
ما تقوم به هذه المجموعة التائهة وما تقوم به بعض الجمعيات السياسية باستغلالها للأطفال أمر يجب محاسبتهم عليه من قبل الدولة ومن قبل المنظمات العالمية ذات العلاقة بالطفولة، لأن ما يقوم به هؤلاء جريمة كاملة الأركان.
لو كلف أحد نفسه بمراجعة الصور التي قامت «المعارضة» نفسها بنشرها يوم السبت الماضي لتبين له أن جل المشاركين في تلك الفعالية التي اعتبروها ناجحة هم من الأطفال الذين يراد منهم أن يكونوا وقودا وحجارة.. ومادة يستفاد منها إعلامياً لتأليب العالم ضد السلطة، فهم يعلمون أن العالم لا يقبل أن يرى طفلاً محتجزاً أو متواجداً وسط كومة من دخان أبيض ويعلمون أنه لا يسأل عن أسباب احتجازه أو تواجده في ذلك المكان.
هذا واقع لا يمكن إنكاره، ومسؤوليته تقع على عاتق الجمعيات السياسية التي تساند تلك الفعاليات وتدعو إلى المشاركة فيها، خصوصاً أنها قادرة على منع حدوث هذا التجاوز وهذا الاعتداء على حق الطفل، فكما أن هذه الجمعيات استطاعت أن «تفرض» على جمهورها الالتزام ببعض آداب التجمهر والتوقف عن رفع بعض الشعارات فإنها قادرة أيضاً على عدم السماح لتلك المجموعة باختطاف الطفولة!