عندما نتحدث عن قضايا يعاني منها المواطن البحريني المغلوب على أمره، نتمنى أن ينظر للموضوع من جانبه الإنساني، فقضايا كثيرة تتعلق بمستقبل العائلة البحرينية تقضي بها المحاكم بأحكام أقل ما يقال عنها إنها تغاير ما يتمناه المواطن من عدالة المحكمة.
واحد من آلاف المتضررين من أبناء البلد شكى حاله والدموع لا تتوقف عن الجريان على خديه، ورغم تقدمه في السن ومحاولته أن يداري دموعه بنظارة شمسية، شعرت بحجم ما يعانيه من حرج، وكنت بمثابة ورقة أخيرة لجأ إليها من خلال تعبيراته وحديثه عن مأساة مواطن لم ينصفه القانون، بل زاد من مأساته ومعاناته لصالح البنك الذي رفع قضية ضده.
يقول «أخذت قرضاً حالي حال بقية أهل الديرة، وبعد 6 أشهر فصلت من وظيفتي تعسفياً وانشغلت بقضية الفصل ورد الاعتبار.. والحمد لله كان لي ما أردت وكسبت القضية لكنها أخذت مني بضعة سنوات، لم أستطع خلالها البحث عن وظيفة بديلة، وبعد صدور الحكم في صالحي حملت أوراق القضية للبنك طالباً إجراء حل ودي وإنساني على اعتبار أني خسرت وظيفتي تعسفياً».
طلب صاحبنا من البنك أن يجدول له مبلغ القرض، بعد أن وجد وظيفة جديدة بمرتب أقل من الوظيفة السابقة، وكان كل ما يتمناه دفع الأقساط المطلوبة بصورة لا تعرض عائلته لسؤال الآخرين، لكن العاملين في البنك صدموه عندما أخبروه أن هناك قضية مرفوعة ضده لتهربه من سداد الأقساط المستحقة.
ورغم أن صاحب الشكوى زود البنك بأوراق القضية والظروف القاهرة التي حالت دون سداده الأقساط، أجابوه «ليست بمشكلتنا.. قضيتك في المحاكم.. وعليك حل المشكلة معهم لأن البنك يريد تحصيل حقوقه بأية طريقة ودون تأخير».
استشعر المشتكي عدم التعاون من مسؤولي البنك وعدم اهتمامهم بطريقة سداد القرض «حتى لو أنط على بيوت الناس أو أرتكب جريمة المهم المبلغ يوصلهم.. منتهى الإنسانية».
وبعد مراجعاته للمحكمة صدر الحكم بسداد المبلغ المستحق، على أن يقتطع من راتبه الشهري عن طريق المحكمة «كانت قيمة القرض البنكي 30 ألف دينار والقسط 350 ديناراً شهرياً، وبعد الحكم أصبح المبلغ المستقطع من الراتب 150 ديناراً فقط».
لأكثر من 8 سنوات التزم صاحبنا بسداد الأقساط للمحكمة، ولم يتخلف يوماً عن السداد حتى في إجازاته، وكان المبلغ يصل للبنك عن طريق المحكمة قبل استلام راتبه.
بعد هذه المدة قرر المشتكي الخلاص من هذا الدين الثقيل، وطلب قرضاً من أحد البنوك وهنا كانت الطامة الكبرى «عندما ذهبت إلى البنك وبعد أن استخرجت كشفاً من المحكمة بالمبلغ المتبقي من القرض، أفرحني أنه لا يتجاوز 8 آلاف دينار، وكنت أقول بيني وبين نفسي أكيد البنك سيخفض المبلغ حال سداده كاملاً، لكن المفاجأة أن قالوا لي المبلغ المتبقي عليك يتجاوز 40 ألف دينار، قلت كيف والقرض الأساسي 30 ألفاً وأنا أسدد فيه طوال 8 سنوات وهذا الكشف من المحكمة بالفوائد كاملة، قال لي حينها مسؤول الشؤون القانونية في البنك هاي ياعزيزي المتبقي عليك من المحكمة والفوائد للدعوة المرفوعة ضدك، وأنا لو أردت الحق من المفروض ألا أشرح لك بل أعيدك للقاضي الذي حكم عليك لتتفاهم معه لكني من باب الخدمة الإنسانية أقول لك إنك كنت تسدد طوال 8 سنوات بانتظام مبلغ 150 ديناراً تقتطع من مرتبك صح، قلت له صح ونص، قال لكن احسب معاي طوال 8 سنوات كان عليك أن تدفع الـ%8 وهي ما حكم عليك القاضي لصالح البنك كأرباح مفروضة، لكنك لم تدفع منها فلساً واحداً، فتراكمت عليك طوال تلك الفترة وما كنت تدفعه هو الحكم، وإذا حسبنا الأرباح كل سنة %8 كما حكم بها القاضي لصالح البنك فإننا نطالبك الآن بمبلغ 40 ألف دينار، فإن كان باستطاعتك سدادها كاملة بإمكاني أن أعطيك براءة ذمة من الديون المتبقية عليك للبنك».
قال في نفسه «ياعيني وكأني لم أدفع فلساً طوال 8 سنوات الماضية هل هذا يعقل؟ المفروض أن يعدل هذا القانون للمحكوم عليه وبمجرد أن ينتظم في السداد لا نقول أن يظلم البنك المسكين، وتالي يفلس وينهار ويضيع موظفينه لا لا حرام، لكن المسكين المواطن دمار يدمره وعائلته يموت أو يسجن أو تسحب سيارة عمره أو يهيم في الشارع بعد أن يحكم للبنك ببيع منزله، هذا إن كان يملكه هذا الحكم ليس بالمهم ولو لاعتبارات إنسانية، أقول إن المحكوم لو أنه لم ينتظم في السداد فمن حق القانون أن يدبل المبلغ في حالة رفض التعاون لكنه بلا عمل ويضاعف عليه المبلغ مرتين وعندما ينتظم في السداد يكسر ظهره بأرباح 8% لصالح البنك المسكين».
ويضيف «أتصور أن مثل هكذا قانون بحاجة إلى إعادة نظر، وعلى النواب أن يناقشوه في اجتماعاتهم، لأنه ضد المواطن المسكين ولمصلحة شركات وبنوك وظفت لها أكثر من محام لبهدلة الفقراء من أبناء الوطن وكأنهم ناقصون بهدلة، نحن لا نتجنى على القضاة فهم منزهون وينفذون قانوناً قد لا يرضي البعض، لكننا نناشد بتخفيف العقوبات وإلغاء نسبة الأرباح التي بهدلت الكثيرين، وتمنوا أن تنتهي أمورهم على خير وحطوا على دينهم ديوناً لكنهم سقطوا مغشياً عليهم بالضربة القاضية».
ويتابع صاحب الشكوى «هذا الحكم أكيد لا يرضي الله ولا خلقه، ولعلمي فإن الأحكام توضع لتخفف عن الفقير مصابه وتكون له عوناً وليس فرعوناً، وبلاوي الكثير من أهل الديرة كانت بسبب أحكام قانونية مماثلة تصب في مصلحة شركات وبنوك تصل أرباحها إلى الملايين، والمسكين ما عليه إلا يزيد قهر ومن مرض إلى مرض ومن محكمة إلى محكمة ومن توقيف إلى بيع ممتلكات، وبعدها مطلوب منك أن تربي أولادك أحسن تربية وتأكلهم خوش أكل هذا إذا عطاك الله عمراً وماعليك إلا أن تردد أغنية العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ ياسيدي أمرك أمرك ياسيدي ولجل خاطرك خاطرك ياسيدي مأقدرش أخالفك لأني عارفك تأدر تحط الحديد بأيدي أمرك أمرك ياسيدي».. والله المستعان.
الرشفة الأخيرة
قانون المرور الجديد بعقوباته «تعمه عجيب» على رأي كريستيانو رونالدو، وإذا استوقفك رجل المرور مخالفاً مالك إلا تعطيه مفتاح السيارة لأن سعرها أقل من قيمة المخالفة، والظاهر أن السجن في المرور سيتحول إلى لقاء الربع وأولهم «صنقيمة» والواضح أن العاملين في المرور توقعوا أن تقر الزيادة قاموا جهزوا نصيبهم منها يعني «برزوا الفلعة قبل الدوه».