كتبنا في السابق عن «الشيزوفرينيا» و«انفصام الشخصية» التي تعاني منها الوفاق، وهو كما يبدو مرض مزمن لن تتشافى منه الجمعية أو من يقودها أو حتى من يوجهها بأوامره.
مشكلة الوفاق أنها قطعت بل حرقت كل ورقة كانت تمتلكها في السابق تجعل بعض الناس يتعاطون إيجابياً مع طرحها، خاصة وأننا لا ننكر بأن كثيراً من الملفات التي تتحدث عن هموم الناس ومعاناتهم ومطالبهم كنا نتلاقى فيها ونتفق عليها، لكن الاختلاف كان وسيكون دوماً في عملية استغلال هذه المطالب لتكون حقاً يراد به باطل.
عودة لحالة «الشيزوفرينيا» الوفاقية، إذ كارثة الوفاق أنها حينما تصدر «سطرين خجولين» لتدين فيه أي عملية إرهابية (وطبعاً ذلك بعد انتظار ردات فعل دولية تتصدرها واشنطن) تقوم باستغلال هذه الإدانة و«تذل» الناس عليها، فترى أتباعها يخرجون في كل «رواق إلكتروني» ليقولوا ويصرخوا: «الوفاق دانت، الوفاق شجبت، الوفاق لا تدعم الإرهاب»، لكن بعد ذلك تقوم الوفاق (وطبعاً بعد صدور شتم وسباب على مواقع إلكترونية لمن يدعون أنهم المفجرون الحقيقيون لانقلاب 14 فبراير) تقوم الوفاق بعملية «تغيير الجلد» كالعادة، فتناقض الإدانة بتصريح فيه التشكيك الصريح والواضح.
في محاولة للتنصل من المسؤولية، أقلها في جانب التحريض وتوفير غطاء للإرهاب عبر التبرير له و«نذر النفس» للدفاع عمن يقبض عليه بالقانون، تصدر الوفاق بيانات خجولة لتدين، بعدها تبدأ بمناقضة البيان عبر التشكيك فيما حصل وتحميل المسؤولية للدولة، وكأن من يقومون بهذه العمليات الإرهابية ومن يرمون المولوتوفات ويواجهون الشرطة إنما يقومون ذلك تحت تأثير «تنويم مغناطيسي» نومتهم الدولة به.
الوفاق بعد الإدانة حاولت التشكيك، وخرج أمينها العام علي سلمان في الإعلام الخارجي ليقول بأن المسجد الذي فجرت السيارة قربه لا تقام فيه الصلاة، رغم أن هناك مواطنين وبعضهم مسؤولين ونواب كانوا يؤدون الصلاة فيه، في تبرير وادعاء غريب، إذ ما العلاقة هنا؟! إذ لو كان مسجداً لا تقام فيه الصلاة أهو بالتالي يغير شيئاً في واقع أن تفجيراً إرهابياً وقع في المنطقة؟!
بعد مرحلة التشكيك جاءت مرحلة «الفبركة» ببيان يصدر من الوفاق يتم فيها اتهام الدولة بأنها صنعت مسرحية لتوهم الناس بأن هناك من يريد إشاعة أجواء الفوضى والإرهاب واتهام «السلميين» بذلك!
المفارقة هنا، أن الوفاق لو كانت على قناعة برفض الإرهاب وإدانته (كما ادعت في البيان الأول) لم تغير خطابها وتحور اتجاه القضية وتتهم الدولة صراحة بأنها التي قامت بالعملية الإرهابية؟!
البيان الأول الذي صدر جاء بعد صدور عديد من ردات الفعل الدولية، واشنطن، لندن، برلين، الأمم المتحدة وغيرها، بالتالي تسجيل الموقف في البداية مهم جداً حتى يقال بأن الوفاق التي تقود المعارضة «أدانت» الإرهاب، بالتالي يفترض إزالتها من قائمة «المشتبه بهم» سواء من ناحية التحريض أو حتى التنفيذ.
حتى مرجع الوفاق عيسى قاسم ناقض تصريحاته في أقل من 48 ساعة فقط، إذ بعد دعوته للعنف تحت مسمى الشهادة والموت قال في خطبة الجمعة إنه لم يدع للعنف، ونشرت الوفاق تغريدات بهذا المضمون، وفي هذا «فبركة» لحقيقة أن قاسم صدرت منه جملاً وكلمات في خطب كانت تحرض على العنف وتدعو لسحق رجال الشرطة وتحث الناس على العمل السياسي بأسلوب «جهادي» وبهدف «الشهادة».
الوفاق تعاني من هذه المشكلة «الشيزوفرينية» والتي بسببها ينفر منها كثير من الناس خاصة من تريد استمالتهم وكسب تعاطفهم من مكونات المجتمع الأخرى، إذ يصعب أن تكسب الوفاق ثقة هؤلاء الناس بينما يرون تناقضات أقوالها بأفعالها، وبينما يرون خطابها المتقلب بشأن الإرهاب وكأنهم يروجون له ويباركونه ويوفرون الحماية لمرتكبي هذه الأفعال المرفوضة.
الوفاق تقول إن هدفها مصلحة الوطن، وتحاول أن تصل للمختلفين معها بأسلوب عاطفي حينما يقول لهم علي سلمان «أحبتي»، وتحاول أن تنفي عنها حقيقة أنها دعمت «إسقاط النظام»، هي تعمل بأسلوب يهدف لخلق حالة «نسيان» لدى من وقفوا منها موقف الضد، لكن كل ذلك مآله الفشل بسبب حالة الانفصام التي تعيشها، تخرج لتدين الإرهاب على مضض وبكل «خجل»، ثم بعدها بسويعات تتهم الدولة وتحملها مسؤولية الفعل الذي لم يحرض عليه سوى مرجعها الديني.
مثلما تفترض الوفاق أنها مسرحية، يحق لآخرين الافتراض بأن الإدانة الأولى كانت بسبب «ضغط» دولي لربما استخدمه الممثل الأمريكي في البحرين، لربما! والافتراض بأن «التشكيك» و«الفبركة» في البيان الثاني كانت بسبب «ضغط» من لا يمكن المغامرة «بزعله» من جانب الولي الفقيه!