لنتذكر أن السلطة التشريعية عقدت جلسة طارئة للمجلس الوطني لشعورها بأن يد القانون مكبلة عن التعامل مع «منابع» و»مكائن تفريخ» و»البيئة» التي ينبت فيها الإرهاب، وليس لمعالجة القوانين الخاصة بالإرهابيين الذين يرتكبون الجرم، وتحديداً لمعالجة النقص التشريعي في ضوابط جمع الأموال وتشكيل كيانات جماعية وتحديد مسؤولية أولياء الأمور، وضوابط المسيرات والتجمعات وجرائم التحريض.
كما -وهذا هو الأهم- جاءت الجلسة لتعبر عن اعتراض الإرادة الشعبية على التدخل السياسي المعطل لإنفاذ القانون والذي حال دون توقيع العقوبات على جهات وأفراد كان لهم دور الممول والمحرض والحاضن للإرهاب، فأوصت الجلسة الطارئة بإنفاذ القانون فوراً ودون تعطيل ضد هذه الجهات.
وفور انتهاء الجلسة قامت الحكومة بمعالجة 17 ثغرة تشريعية سدت النقص الذي كان يكبل يد القانـــون عن الوصول لمنابع وحاضني الإرهاب، عرضت كمراسيم ملكية فوراً وأقرت، وبقيت أهم التوصيات وهي تلك المتعلقة بإجراءات تطبيق العقوبات وإنفاذ القانون إن كانت إنذاراً أو غلقاً لمؤسسات، وإن كانت القبض والإحالة للأفراد للقضاء.
هذه التوصية هي التي مازالت غير نافذة إلى الآن بسبب انتظار «ضوء أخضر» لإنفاذها! وكأن القانون يحتاج لضوء أخضر أو ضوء أحمر! وهذه هي الإشكالية الكبرى التي تعاني منها البحرين.
ليس هذا فحسب بل وقعنا في إشكالية جديدة نتيجة التأخير والتأجيل والتردد في اتخاذ القرار.
فكان على وزارة العدل أن تتحرك وتتقدم باتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه جمعية الوفاق وبعض أعضاء أمانتها العامة الذين خالفوا القانون، وكذلك كان عليها أن تتخذ هي أو وزارة التنمية الاجتماعية الإجراءات القانونية مع «الكيانات» المشكلة بخلاف القانون، ومع الأفراد الذين ارتكبوا هذه المخالفات، كان لابد أن تتخذ هذه الوزارات قراراتها فور انتهاء الجلسة الاستثنائية للمجلس الوطني، خاصة وأن بعض القوانين كانت مكتملة ولم يضف لها شيء ولم تعدل وتم ارتكاب المخالفة والجريمة بوجود القانون الذي يعالج هذه المسألة، إنما شيء من هذا لم يحدث بل ترك توقيت اتخاذ القرار لوزارة الداخلية كي تحدد أو تقرر هي التوقيت المناسب لتفعيل بقية الوزارات القوانين المعطلة وفقاً لجاهزية وزارة الداخلية الأمنية، وهذا خطأ آخر.
فذلك قرار سياسي بالدرجة الأولى لا تحدده التقديرات الأمنية، وتبعات تعطيله هي الأخرى سياسة خطيرة، سيتحدد على أثرها توجه الدولة وسياستها تجاه الإرهاب ومنابعه وتجاه التحالفات الإقليمية والدولية وتجاه العمل السياسي وتأطيره الدستــــــوري وما هو مشروع وما هو مجرم في هذا الإطار، إنما الذي حصل أننا تركنا هذه الحسابات السياسية ولم نحسب لها حساباً، حتى وصلنا إلى موعد استكمال الحوار يوم 28 أغسطس فوقعت الإشكالية.
السؤال الطبيعي الآن هو كيف ستقوم وزارة العدل باتخاذ إجراء قانوني ضد هذه المخالفات، وقد يترتب على هذه الإجراءات غلق الجمعية وتقديم بعض الأعضاء للمحاكمة، وهناك دعوة ملكية للتحاور مع أعضاء هذه الجمعية؟!!
هذا إشكال حقيقي وقعت فيه السلطة ولا حل له إلا باثنتين، فإما أن ينفذ القانون فوراً دون تعطيل على الجهة والأفراد الذين ارتكبوا الجرائم، وبهذا تبقى جلسات الحوار مستمرة مع الجمعيات التي لم تجرم بعد عرض الممارسات التي ارتكبتها تلك الجمعيات الخمس على المسطرة القانونية، وإما أن يعطل إنفاذ القانون ونظل نتحاور مع مخالفي القانون ورعاة الإرهاب من خلال الدعوة الملكية.
ونريد هنا أن نسمع رأي المجلس الوطني الممثل للإرادة الشعبية في هذه الإشكالية؟