على عكس ما يقال عن الوزراء العرب فإن عدداً غير قليل منهم أقدم في السنوات الأخيرة على تقديم استقالته لسبب أو لآخر. بالتأكيد لا يمكن مقارنة عدد الوزراء الذين يستقيلون من مناصبهم في البلاد العربية بزملائهم الذين يستقيلون في الشرق والغرب لكن الأكيد أيضاً أن الأحوال تغيرت وصار من الوزراء العرب من «يقرر» أحياناً أن يستقيل، وإن كان في الأغلب الأعم تتم إقالته ولكن ينشر الخبر على أنه استقال حفاظاً على ماء وجهه!
أدبياً يعتبر الوزير مسؤولاً عن كل خطأ كبير يحدث في الوزارة الموكلة له، وتكون مسؤولية الوزير أكبر لو كان الخطأ أكبر أو زادت الأخطاء، لذا فإن البعض يرى أن المخرج الأنسب لاستلاله من المشكلة وحلها هو دفعه لتقديم استقالته. هذا يعني أن الوزير يستقيل أو يقال إن فشل في مهمته أو تبين أن ثوب الوزارة «يخب عليه» فيطلب منه تقديم استقالته أو يتم إقالته كي «لا يعته الثوب» ويحرج الحكومة.
لكن إذا كان منطقياً أن يستقيل بعض الوزراء من مناصبهم نتيجة تسببهم في خلق أزمة ما أو مشكلة سياسية كبيرة مع دولة أخرى أو طائفة، فإن تقديم وزراء آخرين استقالتهم نتيجة وقوع أخطاء يمكن أن تحدث يومياً وفي عهد أي وزير يبدو غير منطقي. من هؤلاء وزراء الصحة وحقوق الإنسان والتربية والتعليم لأنه في كل يوم يمكن أن يقع خطأ طبي أو يتعرض إنسان لانتهاك حقوقه أو تحدث مشاجرة في مدرسة.
ليس منطقياً أن يقدم وزير الصحة استقالته لأن من سيخلفه لن يستطيع أن يوقف الأخطاء الطبية، ولن يستطيع أن يمنع عن المرضى الموت لأن الموت والحياة بيد الله. كما إنه ليس منطقياً أن يقدم وزير شؤون حقوق الإنسان استقالته لأنه لم يستطع لسبب أو لآخر أن يقنع بعض المنظمات والدول بتحسن الملف الحقوقي في بلاده، وبديله لا يستطيع أن يمنع حدوث انتهاكات، ففي ظل العلاقة بين البشر تحدث أخطاء قد ترقى إلى حد تصنيفها انتهاكاً لحقوق الإنسان.
حدوث الأخطاء أمر وارد، لكن دفع الوزير المعني إلى الاستقالة فقط لأن تلك الأخطاء حدثت أمر غير منطقي خصوصاً في الوزارات القابلة دائماً لحدوث أخطاء فيها. لنتصور أن يطالب وزير التربية والتعليم بالاستقالة لأن مشاجرة حدثت بين بعض الطلبة في الفسحة أو «الهدة» أدت إلى إصابات، أليس مثل هذه المشاجرات والاختلافات يمكن أن تحدث يومياً في مجتمع المدرسة؟
لا بأس لو وصل الوزير إلى قناعة بتقديم استقالته بنفسه خصوصاً في حالات حدوث الأخطاء الكبيرة، ولكن الضغط على الوزراء كي يستقيلوا بسبب أخطاء يرتكبها منسوبون لوزاراتهم أمر غير منطقي لأن الخطأ نفسه وربما أكبر منه يمكن أن يقع في فترة الوزراء البدلاء. ربما الأولى من دفع الوزير إلى تقديم استقالته هو دعمه ومساعدته على حل مشكلات وزارته وتوفير احتياجاته البشرية والمادية.
منصب الوزير هو في كل الأحوال منصب سياسي والدليل أن وزراء غير متخصصين في مجال وزاراتهم يعينون في هذه المناصب وينجحون، ولدينا هنا في البحرين أمثلة عديدة لعل أبرزها نائب رئيس الوزراء جواد العريض الذي كان أفضل من ضبط وزارة الصحة في السنوات التي عهدت إليه مسؤوليتها، ولم يكن طبيباً.
ولكن ما هي قصة الطبيب الذي شال المرارة؟ إنها قصة حقيقية حدثت في إحدى الدول الأفريقية حيث تم إزالة المرارة من مريضة ثم عندما ساءت حالتها وتم عمل فحوصات جديدة لها من قبل أطباء آخرين قيل لهم إنه يجب إجراء عملية جراحية جديدة.. لإزالة المرارة!
فهل يستقيل الوزير؟!
{{ article.visit_count }}
أدبياً يعتبر الوزير مسؤولاً عن كل خطأ كبير يحدث في الوزارة الموكلة له، وتكون مسؤولية الوزير أكبر لو كان الخطأ أكبر أو زادت الأخطاء، لذا فإن البعض يرى أن المخرج الأنسب لاستلاله من المشكلة وحلها هو دفعه لتقديم استقالته. هذا يعني أن الوزير يستقيل أو يقال إن فشل في مهمته أو تبين أن ثوب الوزارة «يخب عليه» فيطلب منه تقديم استقالته أو يتم إقالته كي «لا يعته الثوب» ويحرج الحكومة.
لكن إذا كان منطقياً أن يستقيل بعض الوزراء من مناصبهم نتيجة تسببهم في خلق أزمة ما أو مشكلة سياسية كبيرة مع دولة أخرى أو طائفة، فإن تقديم وزراء آخرين استقالتهم نتيجة وقوع أخطاء يمكن أن تحدث يومياً وفي عهد أي وزير يبدو غير منطقي. من هؤلاء وزراء الصحة وحقوق الإنسان والتربية والتعليم لأنه في كل يوم يمكن أن يقع خطأ طبي أو يتعرض إنسان لانتهاك حقوقه أو تحدث مشاجرة في مدرسة.
ليس منطقياً أن يقدم وزير الصحة استقالته لأن من سيخلفه لن يستطيع أن يوقف الأخطاء الطبية، ولن يستطيع أن يمنع عن المرضى الموت لأن الموت والحياة بيد الله. كما إنه ليس منطقياً أن يقدم وزير شؤون حقوق الإنسان استقالته لأنه لم يستطع لسبب أو لآخر أن يقنع بعض المنظمات والدول بتحسن الملف الحقوقي في بلاده، وبديله لا يستطيع أن يمنع حدوث انتهاكات، ففي ظل العلاقة بين البشر تحدث أخطاء قد ترقى إلى حد تصنيفها انتهاكاً لحقوق الإنسان.
حدوث الأخطاء أمر وارد، لكن دفع الوزير المعني إلى الاستقالة فقط لأن تلك الأخطاء حدثت أمر غير منطقي خصوصاً في الوزارات القابلة دائماً لحدوث أخطاء فيها. لنتصور أن يطالب وزير التربية والتعليم بالاستقالة لأن مشاجرة حدثت بين بعض الطلبة في الفسحة أو «الهدة» أدت إلى إصابات، أليس مثل هذه المشاجرات والاختلافات يمكن أن تحدث يومياً في مجتمع المدرسة؟
لا بأس لو وصل الوزير إلى قناعة بتقديم استقالته بنفسه خصوصاً في حالات حدوث الأخطاء الكبيرة، ولكن الضغط على الوزراء كي يستقيلوا بسبب أخطاء يرتكبها منسوبون لوزاراتهم أمر غير منطقي لأن الخطأ نفسه وربما أكبر منه يمكن أن يقع في فترة الوزراء البدلاء. ربما الأولى من دفع الوزير إلى تقديم استقالته هو دعمه ومساعدته على حل مشكلات وزارته وتوفير احتياجاته البشرية والمادية.
منصب الوزير هو في كل الأحوال منصب سياسي والدليل أن وزراء غير متخصصين في مجال وزاراتهم يعينون في هذه المناصب وينجحون، ولدينا هنا في البحرين أمثلة عديدة لعل أبرزها نائب رئيس الوزراء جواد العريض الذي كان أفضل من ضبط وزارة الصحة في السنوات التي عهدت إليه مسؤوليتها، ولم يكن طبيباً.
ولكن ما هي قصة الطبيب الذي شال المرارة؟ إنها قصة حقيقية حدثت في إحدى الدول الأفريقية حيث تم إزالة المرارة من مريضة ثم عندما ساءت حالتها وتم عمل فحوصات جديدة لها من قبل أطباء آخرين قيل لهم إنه يجب إجراء عملية جراحية جديدة.. لإزالة المرارة!
فهل يستقيل الوزير؟!