مرونة النظام السياسي الإيراني الجديد هو الإيحاء الذي يريد الرئيس الإيراني حسن روحاني له أن يصبح استنتاجاً في النهاية بأروقة الحكم الغربية. فكان أن أطلق سلسلة من تلميحات حسن النوايا عبر دبلوماسية المرونة التي يبشر بها وزير خارجيته جواد ظريف والدالة على سعي طهران الجديدة للتوصل إلى «تسوية» في المفاوضات الخاصة ببرنامجها النووي أسوة بـ«التسوية الكيمائية السورية» فنحن بوجود أوباما في البيت الأبيض في زمن التسويات. فكيف تروج طهران لنهجها الجديد داخلياً وخارجياً؟ وفي نهاية الأمر ماذا يعني ذلك لدول مجلس التعاون؟
مراهناً على قدرته في توصيف مدخلات الضعف في نظام نجاد الذي زج به طهران في خندق العزلة الدبلوماسية والحصار الاقتصادي راح فريق الحكومة الجديدة يسوق بضاعة التسوية على صعيدين داخلي وخارجي. ففي البازار والجامعة والشارع الإيراني أشاع أن ما يطلبه الغرب في موضوع الملف النووي هو لصالح الشعب الإيراني من منطقين:
-1 إن الاطمئنان من سلمية البرنامج النووي هو هدف للمواطن البسيط الذي مل الحروب والقتل والدمار وحصد تحامل العالم على كل ما هو إيراني.
-2 التعنت في موضوع الشفافية يحرم الوطن من صناعة التخصيب النووي الإيرانية ذات الدخل الكبير الذي يمكن بيعه لدول الجوار.
كما دفع النظام للتعجل في التخلي عن العناد النووي قيد زمني هو قرب انطلاق انتخابات مجلس الشورى الإسلامي، التي ستطلق معها - كحال الانتخابات بكل مكان - حركة التطرف السياسي وارتفاع الاعتزاز بالوطنية حتى ولو كانت مدمرة. كما عجل بها احتمال تغيير الظروف الراهنة فقد يتشدد الغرب بعد أن يولي مزاج التسويات القائم حالياً، وعليه قام روحاني بالخطوات التالية:
- نقل الملف النووي من المسؤولين المحافظين في الجيش إلى وزارة الخارجية وتولي منظمة الطاقة الذرية الإيرانية مسؤولية المحادثات مع الوكالة الدولية في 27 سبتمبر 2013 فالقضايا الخلافية تقنية وقانونية.
- دعم روحاني ذلك بتصريحات عدة ففي مقابلة مع قناة «إن بي سي» الأمريكية ومقال في «واشنطن بوست» الأمريكية قال الرئيس الإيراني إن «بلاده لن تطور أبداً أسلحة نووية»، رغم أنه لم يشر إلى التخلي عنه.
- كمؤشر إصلاحي تقرأه الدول الغربية بعناية، أفرجت طهران عن سجناء سياسيين ومنهم الناشطة السياسية نسرين ستوده.
- تبادل رسائل مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وإشادة المسؤولين الإيرانيين بـ»المرونة» في العلاقات ما يؤكد تغير موقفهم السابق من الشيطان الأكبر.
ولن تسلم من النقد والتحليل الاستدارة الاستراتيجية التي تتشكل حالياً مظهرة إيران كبلد متصالح مع عصره. فقد راحت الإيماءات الرمزية «الروحانية» في التحول في ذهن المراقب الخليجي إلى أسئلة واضحة. فهل طهران جادة في طي ملفها النووي أم إنها تخاتلنا كالعادة لكسب الوقت لإنجاز مشروعها العسكري؟ ومتى سنشاهد تطابق أفعال روحاني مع تصريحاته كأن يعلن - كما فعلت ليبيا وكوريا الشمالية - إلغاء برنامجه النووي برمته.
إن تخلي طهران عن عنادها النووي يعني تراجعها عن جنوحها منذ ثلاثة عقود تجاه الصدام مع دول الخليج. كما يعني تراجع خيار الضربة العسكرية لإيقاف هذا الطموح الأهوج. ويعني أيضاً تراجع فرصة الضربات الانتقامية التي ستشنها طهران على القوات الغربية الموجودة على طول الساحل الغربي للخليج وعبر خلاياها النائمة. وسوف تقل المناورات العسكرية الإيرانية المثيرة للقلق ولأسعار التأمين والتهديدات بإغلاق مضيق هرمز. لكن هناك من يرى أن ما يحدث هو إشارة من طهران إلى إمكانية تنازلها عن الجانب العسكري في مشروعها النووي، مقابل بقاء الأسد في السلطة بعد تجريده من سلاحه الاستراتيجي.لأن سقوطه يعني خصماً من رصيدها الاستراتيجي في سوريا وفي حماس وفي حزب الله. فهل يساوي كرسي الأسد مفاعل بوشهر؟
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
{{ article.visit_count }}
مراهناً على قدرته في توصيف مدخلات الضعف في نظام نجاد الذي زج به طهران في خندق العزلة الدبلوماسية والحصار الاقتصادي راح فريق الحكومة الجديدة يسوق بضاعة التسوية على صعيدين داخلي وخارجي. ففي البازار والجامعة والشارع الإيراني أشاع أن ما يطلبه الغرب في موضوع الملف النووي هو لصالح الشعب الإيراني من منطقين:
-1 إن الاطمئنان من سلمية البرنامج النووي هو هدف للمواطن البسيط الذي مل الحروب والقتل والدمار وحصد تحامل العالم على كل ما هو إيراني.
-2 التعنت في موضوع الشفافية يحرم الوطن من صناعة التخصيب النووي الإيرانية ذات الدخل الكبير الذي يمكن بيعه لدول الجوار.
كما دفع النظام للتعجل في التخلي عن العناد النووي قيد زمني هو قرب انطلاق انتخابات مجلس الشورى الإسلامي، التي ستطلق معها - كحال الانتخابات بكل مكان - حركة التطرف السياسي وارتفاع الاعتزاز بالوطنية حتى ولو كانت مدمرة. كما عجل بها احتمال تغيير الظروف الراهنة فقد يتشدد الغرب بعد أن يولي مزاج التسويات القائم حالياً، وعليه قام روحاني بالخطوات التالية:
- نقل الملف النووي من المسؤولين المحافظين في الجيش إلى وزارة الخارجية وتولي منظمة الطاقة الذرية الإيرانية مسؤولية المحادثات مع الوكالة الدولية في 27 سبتمبر 2013 فالقضايا الخلافية تقنية وقانونية.
- دعم روحاني ذلك بتصريحات عدة ففي مقابلة مع قناة «إن بي سي» الأمريكية ومقال في «واشنطن بوست» الأمريكية قال الرئيس الإيراني إن «بلاده لن تطور أبداً أسلحة نووية»، رغم أنه لم يشر إلى التخلي عنه.
- كمؤشر إصلاحي تقرأه الدول الغربية بعناية، أفرجت طهران عن سجناء سياسيين ومنهم الناشطة السياسية نسرين ستوده.
- تبادل رسائل مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وإشادة المسؤولين الإيرانيين بـ»المرونة» في العلاقات ما يؤكد تغير موقفهم السابق من الشيطان الأكبر.
ولن تسلم من النقد والتحليل الاستدارة الاستراتيجية التي تتشكل حالياً مظهرة إيران كبلد متصالح مع عصره. فقد راحت الإيماءات الرمزية «الروحانية» في التحول في ذهن المراقب الخليجي إلى أسئلة واضحة. فهل طهران جادة في طي ملفها النووي أم إنها تخاتلنا كالعادة لكسب الوقت لإنجاز مشروعها العسكري؟ ومتى سنشاهد تطابق أفعال روحاني مع تصريحاته كأن يعلن - كما فعلت ليبيا وكوريا الشمالية - إلغاء برنامجه النووي برمته.
إن تخلي طهران عن عنادها النووي يعني تراجعها عن جنوحها منذ ثلاثة عقود تجاه الصدام مع دول الخليج. كما يعني تراجع خيار الضربة العسكرية لإيقاف هذا الطموح الأهوج. ويعني أيضاً تراجع فرصة الضربات الانتقامية التي ستشنها طهران على القوات الغربية الموجودة على طول الساحل الغربي للخليج وعبر خلاياها النائمة. وسوف تقل المناورات العسكرية الإيرانية المثيرة للقلق ولأسعار التأمين والتهديدات بإغلاق مضيق هرمز. لكن هناك من يرى أن ما يحدث هو إشارة من طهران إلى إمكانية تنازلها عن الجانب العسكري في مشروعها النووي، مقابل بقاء الأسد في السلطة بعد تجريده من سلاحه الاستراتيجي.لأن سقوطه يعني خصماً من رصيدها الاستراتيجي في سوريا وفي حماس وفي حزب الله. فهل يساوي كرسي الأسد مفاعل بوشهر؟
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج