كل من تابع الخبر الذي «بثته» جمعية الوفاق عن تعرض مبناها لـ «هجوم إرهابي بالقنابل الحارقة من قبل إرهابيين» وصف العمل بإلإرهابي ووصف منفذيه بالإرهابيين، ذلك أن قيام شخص ما بكتابة عبارات مسيئة على جدار الجمعية ثم إلقاء زجاجات المولوتوف الحارقة داخل المبنى لا يمكن أن يطلق على ما قام به سوى أنه عمل إرهابي ولا يمكن لأحد أن يصف الفاعل بغيرالإرهابي. فالعمل الإرهابي لا يمكن إلا أن يقال عنه إنه عمل إرهابي، ومن يقوم بمثل هذا العمل - العمل الذي يعرض حياة الناس والمباني للخطر - لا يمكن إلا أن يقال عنه إنه عمل إرهابي.
هذا أمر لا يختلف عليه أحد، وهو يعني أن الممارسة نفسها التي يقوم بها أفراد من الوفاق أو المحسوبين عليها تعتبر ممارسة إرهابية ولا يمكن إلا أن يطلق عليها سوى صفة إرهابية، ولا يمكن أن يطلق على ممارس العملية سوى أنه إرهابي. ومع هذا لم يحدث أن وصفت الوفاق التي صرخت بأعلى صوتها وقالت إن «مبناها تعرض لعمل إرهابي» لمجرد رميه بزجاجتي مولوتوف وكتابة بعض العبارات على جداره، لم يحدث أن أدانت «العمليات الإرهابية» التي يمارسها «الثوار» يومياً في الشوراع بل لم تصف تلك الأعمال بهذه الصفة، ولم يحدث أن أدانت أحداً من مستخدمي المولوتوف ولم تصفه قط بالإرهابي، وإنما ظلت تدافع عن كل هؤلاء وتعتبر من يضايقهم ومن يقول عنهم إنهم إرهابيون.. إرهابياً!
والأمر نفسه ينطبق على كتابة العبارات المسيئة على الجدران حيث لم يحدث أن أصدرت الوفاق أي بيان ينتقد الذين يقومون بهذا العمل رغم أنه مخالف للشرع الإسلامي، فالكتابة على جدران البيوت اعتداء على حرمتها وهي لا تجوز من دون موافقة أصحابها وقد تعرضهم للمساءلة.
هذه مفارقة، لكنها مفارقة فاضحة وكيل بمكيالين، فالعمل الإرهابي الذي يقوم به وفاقيون أو محسوبون على الوفاق لا تصفه الوفاق بالإرهابي وهو «حلو وبارد على قلبها» بينما ترفع الصوت عالياً وتنشر آلاف التغريدات لمجرد تعرض مبناها لاعتداء يعتبر بالقياس إلى ما تتعرض له مراكز الشرطة بسيطاً خصوصاً أنه تم فجراً حيث لا أحد في حوش المبنى.
على ذكر مراكز الشرطة، ترى كم مركز شرطة تعرض لهجوم قوامه عشرات المهاجمين بمئات زجاجات المولوتوف في الشهور الثلاثة الأخيرة فقط؟ بل كم مرة تعرضت مراكز شرطة معينة لتلك الهجمات في الفترة المذكورة؟ وكم سيارة وكم شخصاً من مستخدمي الشوارع التي تقع فيها مراكز الشرطة تعرض للخطر جراء ذلك؟ ومع هذا لم يصدر ولا «نتفة» بيان من الوفاق يدين هذه الأعمال ويصفها أو يصف مرتكبيها بالإرهابي.
تعرض مبنى الوفاق لهذا الذي تعرض له ينبغي أن يكون فرصة تستغلها الوفاق لتراجع نفسها، فما لا تقبله على نفسها يجب ألا تقبله على الآخرين، فلا يمكن أن يكون هذا حراماً وذاك حلال، ولا يمكن أن يكون هذا عمل إرهابي وذاك عمل لا علاقة له بالإرهاب. ما حدث لمبنى الوفاق يمكن أخذه على أنه رسالة إلى الوفاق بأن الكأس الذي تريد للآخرين أن يتجرعوه يمكن أن تشرب منه هي أيضاً.
أما القول إن الإرهابيين كانوا يرتدون ملابس معينة فهذا لا يعتبر دليلاً على أنهم ينتمون إلى الجهة التي كانوا يرتدون ملابسها وإلا اعتبروا «نوابغ» في الغباء!
يظل سؤال، الاعتداء على مبنى الوفاق حدث كما قالت فجر يوم الأحد بينما لم تعلن عنه إلا عند العاشرة مساء، وبثت حصاد كاميراتها بعد ذلك بساعة أو ساعتين. ليش؟!