تغيــرت الكثير من الأنظمة في الدولــة، ولكن مازالــت هناك حاجة لمزيد مــن تطويـر هذه الأنظمة في المجــالات الاقتصاديـــة والتعليميـة والإسكانيـــة والقضائية والإدارية. من حسن الطالع أن معظم المسؤولين في الدولة يتفقون على ضرورة إصلاح الأنظمة، ولكن من النادر أن نجد اتفاقــاً عاماً على ضـــــــرورة تغييــــــر المناصــــــب، وتغييـــر الشخــوص التــي تتولــى هــذه المناصب، وسبب ذلك أن المسؤولين لا يرغبون في تغيير أنفسهم، ولكنهـــم لا يمانعون في تغيير الأنظمة وتطويرها مادامت لا تسبب لهم أي تغيير وتحافظ على مكتسباتهم ومكانتهم الاجتماعية والمادية. نظريــاً الفكرة جيدة أن تكون هنــاك رغبة مشتركة لدى الجميع في تطوير الأنظمة ومعالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصاديـة وغيرهــا فــي المجتمـــع، ولكن من الناحية العملية فإن تطوير أي نظام لن يحدث بشكل حقيقي وفعال إذا لم يكن هناك تغيير على مستوى المؤسسات، فكم خطــة واستراتيجيـــة أعدت بكفاءة واحتراف ولكنها اصطدمت بالبيروقراطية لاحقاً، وانتهت حبيسة الأدراج أو لأغراض الاستهلاك الإعلامي. لسنا بحاجة لتغيير راديكالي في المسؤولين، ولكننا بحاجة إلـــى تغييـــر واسع وسريع من شأنه أن يحدث تغييراً حقيقياً على مستوى المجتمــع. بعـــض المسؤولين تتكرر أخطاءهم، وتتم محاسبتهم سريعاً، ولكن الخطأ يتكرر لاحقاً مرة أخرى ويزيد استياء الرأي العام وإحباطه.خلال العقد الماضي صار الرأي والرأي الآخر وضــرورة النقــد وقبولــه شعــاراً يستهلكــــه العديد من المسؤوليـــن، ولكــن مــن الناحية العملية، فإن قليلاً منهم من يستفيد مـن النقـــد نفســـه، والسواد الأعظم يعتبر النقد استهدافاً شخصياً يجب إيقافه بشتى الوسائل، وإن كلفه ذلك الكثيـر مـــن المـــال أو اللجــوء للقضاء كوسيلة ضغط وليــس وسيلة احتكام قانونية منصفة. أيضاً في السيـــاق نفسه ظهرت ظاهـــرة جديدة خلال السنوات الثلاث الماضية، وهـي ظاهرة الوسطاء الذين يتدخلــون لمعالجة المشاكل ولوقف ما يسمى بـ«الاستهداف» وهو نقد يجب أن يتم التعامل معه بمهنية وموضوعية إذا كان انتقاداً بناءً، لا أن يتم التعامـــل معــه علــى أنــه حملـــة «تشويـــه سمعة وتشهير». ما يدفع فئة الوسطاء للتدخل والقيام بالوساطة الرغبة الشديدة في الانتفاع الشخصي أو البحث عن النفوذ، وهو ما ساهـم في تحويل هؤلاء من أفراد عاديين إلى أصحاب ثروات ومصالح شخصية واسعة. يتعقــــــد المشهـــــد أكثــــر فأكثـــر عندمــا يستخدم القانون كأداة تهديد وضغط لإيقـــاف النقـــــد الشخصــــــي، رغـــــــم أن القانون تم تشريعه من أجل معالجة المشاكل وتنظيم العلاقات بين الأفراد والمؤسسـات، والمؤسســـات بعضهـــا بعضاً من جهة أخرى. الخلاصة أن الوضع لا يمكن أن يتغير أو يتطور إذا لم تكن هناك قناعة بضرورة تغيير المسؤولين أو تدويرهم لضمـــان انشغالهم بتنفيذ مسؤولياتهم وليس انشغالهم بالحفاظ على مناصبهم.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90