مقولة كثيراً ما تناقلها الناس للتعليق على حال العشاق وكيف أن العشق بينهم قد يؤدي لما لا يحمد عقباه.. موضوع اليوم عن عشق آخر ويؤدي في الغالب لنفس النتيجة، ألا وهو عشق الأهالي الزائد للأبناء. كثير من الآباء يتعلقون ببناتهم لدرجة الجنون ويرفضون تزوجيهن لأي شخص يتقدم لهن بحجة أنهم يحببنهن وأنهم لا يصبرون على مفارقتهن، وكذلك الحال مع الأم التي تنظر لأي فتاة يرغب ابنها بالارتباط بها وكأنها ضرة.
يجدر القول بأننا نحترم الأهالي جميعاً ونتفهم مدى حبهم لأبنائهم ورغبتهم الشديدة في المحافظة على أبناهم من الذئاب المسعورة والمنتشرة للأسف في المجتمع اليوم، ولكن الخوف الزائد والتطرف في الحب ليس مقبولاً أبداً، فكما هو معلوم فالتطرف مذموم في كل شيء حتى ولو كان في حب النبي عليه أفضل الصلاة والتسليم.. فما بالكم إن كان في أقل من ذلك؟
إن عدم تفهم الأهالي لرغبات الأبناء قد يجعلهم يتحملون نتائجاً وخيمة قد لا يقبلون بها، فالابن والفتاة -وإن كنتم تحبونهما أشد حب- قد وصلا لسن تحمل المسؤولية والاستقلالية ولهم رغبات يجب أن تحترم، فالابن إن لم يكن ذا عقل قد يتصرف تصرفات لا تعجب أهله أبداً، خصوصاً إذا ما كان غارقاً في بحر الحب، سواءً الشاب أو الفتاة ، فالأم بضغطها على ابنها لجعله يترك فتاة أحبها وتخويفه بعقاب الله له إن عصاها وتذكيره بفضلها عليه، قد يجعله يترك الفتاة فعلاً ولكن قد يبقى باله مشغولاً بها، وبالتالي حتى لو ارتبط بفتاة أخرى فقد يظلمها معه لعدم قناعته بها، والحال كذلك أيضاً مع الفتيات مع أولياء أمورهم. إن من أكبر الأمور التي على الأهالي الانتباه لها هي أن الابن عندما يكبر في العمر فإنه تنشأ لديه حاجات ورغبات جديدة، لا تنطفئ إلا بالزواج، ولا يمكن للأم ولا للأب أن يطفئا هذه الرغبات، ومتى ما عارض الأهالي رغبات الأبناء بدون وجه حق فإن ذلك قد يؤدي بالابن للتعب النفسي الكبير، وفيما لو لم يكن لديه رادع ديني أو قيمي، فإنه قد يشبع الرغبات هذه بطرق غير مشروعة وأساليب لا يقبل بها ديننا ولا مجتمعنا، وكم من قصة سمعنا بها وصل بالشاب والفتاة لارتكاب المحظور حتى يتزوجا غصباً وبالقانون.
عندما يعشق ابنك عزيزتي الأم وعندما تعشق ابنتك عزيزي الأب احرصوا على احتواء أبنائكم، فالصراخ أو التهكم على الأبناء لن يغير شيئاً من الواقع الذي يعيشونه، ولذا على الآباء أن يحتووا أبنائهم بالتي هي أحسن حتى يطمئن الابن لأهله ويبوح لهم بما في خاطره، الاحتواء هو أقصى ما يبحث عنه الأبناء من ذويهم، ومتى ما فقدوا هذا الشيء في منازلهم أدى بهم للانطلاق للخارج بحثاً عن ذلك لدى الغرباء.
نحن أمام حقيقة تقول بأن الجيل قد تغير.. وأن التحديات تزداد يوماً بعد يوم.. والمغريات أصبحت شائعة لحد الجنون.. ولم يعد الحرام صعباً كما كان في السابق، لا تكونوا يا أهالي عوناً للشيطان على أبنائكم، بل كونوا لهم عوناً على الشيطان .. احتووهم.. آووهم.. وثقوا بهم واسمعوهم برحابة صدر وتقبل، ولنساهم معاً في حماية أبنائنا من براثن الشيطان وشركه. أحبوا أبنائكم!! فحب الوالد لابنه حب فطري.. ولكن لا تجعلوا حبكم هذا يتجاوز الحد المعقول حتى لا يقع الفأس في الرأس، ويحدث أمر يجعلكم تعضون أصابع الندم على ما جرى بعد فوات الأوان.