دائماً ما تكون المناسبات الدينية فرصة ملهمة للبحث عن السلام النفسي داخل ذواتنا، فهو الغاية التي ينشدها الناس في مشارق الأرض ومغاربها، لأنه يؤدي بهم إلى الصحة النفسية والتصالح مع الذات، ولقد عرفت هيئة الصحة العالمية الصحة النفسية بأنها: «تكيف الأفراد مع أنفسهم والعالم عموماً، مع حد أقصى من النجاح والرضا والانشراح والسلوك الاجتماعي السليم والقدرة على مواجهة حقائق الحياة وقبولها».
من المسلم به أن الإسلام ركز على أهمية السلام بشكل عام؛ سلام النفس والجسد والعقل، السلام الداخلي والخارجي، ويرى كثير من علماء الدين والاجتماع والسياسة أن الإنسان هو منطلق العالم نحو السلام، وأن سلام العالم إنما يبدأ من النفس الإنسانية، فإذا عاشت هذه النفس سلاماً داخلياً أثمر ذلك سيادة روح السلام في حياة المجتمع والدولة، وإذا افتقدته افتقد العالم السلام الخارجي، ومن هنا نرى كيف أن كثيراً من المجتمعات فقَدت السلام في حياتها، فالإنسان الحائر المضطرب الفاقد مشاعر السكينة والاطمئنان الروحي هو أبعد ما يكون عن إقامة مبادئ السلام في الحياة.
وإذا ما بحثنا في واقع الأزمة التي تشهدها البحرين نجد أن قادة التأزيم يلعبون على هذا الوتر بشكل كبير، فيعملون على زرع مفاهيم وقناعات داخل أتباعهم تقوم على أنهم مظلومون ومستهدفون ومحرومون ومبتلون وأن ليس لديهم في أوطانهم أمان ولا نصيب، وأن سبيلهم للخلاص هو الخروج على الدولة وقوانينها ونظامها والجنوح للعنف والتخريب وابتزاز باقي المكونات، وهذه ورقة تلعبها «المعارضة» بشكل ممنهج ومدروس وتعمل على استغلال حوادث في التاريخ الإسلامي كي تسقطها على الواقع، وتعطي هالة من القدسية لما تقوم به من سعي دائم إلى إبعاد أتباعها عن السلام النفسي والرضا الداخلي والتصالح مع الذات، لأنها تعلم أنه بغياب ذلك السلام والتصالح لا يمكن لهؤلاء أن يتصالحوا مع محيطهم الخارجي (المجتمع، الدولة، النظام، شركائهم في الوطن وما إلى ذلك).
نستطيع أن نلحظ ذلك دون عناء، ويكفي متابعة تصريحات وتغريدات وخطب وخطابات وندوات المعارضة لتجد أنها تزرع ذلك في نفوس أتباعها بشكل مستمر، وتحاول أن تجير وتستغل أي حادثة تقع من أجل أن تأخذها لهذا المنحنى، سواء كانت خاصة أو عامة، وسواء كانت تتعلق بالالتزام بقوانين البلد أو حتى بتقصير أو فشل يقع هنا أو هناك في المؤسسات التنفيذية أو التشريعية أو المشاريع الحكومية، هي دائماً تستغل ذلك لا لكي تصلح الخلل في الأداء بل لتوظفه في إيصال الرسالة الدائمة لأتباعها بأنهم مستهدفون ومحرومون، فمثلاً هي تزرع لديهم أنهم فقط المحرمون من الخدمات الطبية الجيدة وأن طلباتهم الإسكانية لا تحظى بنفس اهتمام الطلبات الإسكانية لباقي شرائح المجتمع وأن فرصهم في التوظيف والبعثات الدراسية أقل، وهكذا تسعى دائماً لكي تزرع بداخلهم إحساساً بالظلم وعدم الرضى والقهر، وبالتالي السخط والحنق على المجتمع ومن فيه، بما يسهل لها التحكم بهم واستغلالهم لتحقيق أهدافها الساسية!!
ولو نظرنا ونظروا بشكل منصف فسنجد أننا جميعاً نعاني من نفس مشكلة تكدس الطلبات الإسكانية وتعثر الدولة في إدارة هذا الملف، وهناك قصور في الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها، وكل تلك النواقص هي تحديات أمام بلد بأكمله ويعاني منها شعب برمته، ليس فصيلاً أو طائفة أو جماعة سياسية دون الأخرى، ولو صدقت النوايا كان من الممكن أن توجه الجهود المخلصة لحل تلك المشاكل والإخفاقات وغيرها مما هو موجود في أداء أي سلطة تنفيذية أو تشريعية في أي بلد وإن تفاوتت ولا شك.
كان من الممكن تحريك الأدوات البرلمانية والرقابة الشعبية والحراك السياسي وتفعيل القوانين للوقوف أمام أي تقصير أو فساد أو إخفاق ومحاسبة المتسببين به، كل ذلك متاح لو كان الهدف الأسمى هو مصلحة الوطن والحفاظ على نسيجه وتماسكه وتجنيبه الفتنة والانزلاق نحو الصراعات الأهلية والطائفية من أجل تحقيق مصالح ضيقة لفئة أرادت الانفراد بالإرادة الشعبية وكأنها تعيش لوحدها في الوطن، وعملت لتحقيق مآربها من خلال اختطاف أتباعها بوضعهم تحت ضغط الصراع الداخلي والوهم والاحتقان والبعد عن السلام النفسي، وبالتالي تسخر غضبهم وقوداً تحقق به أهدافها وإن احترقوا به!!
شريط إخباري..
على المعارضة أن تعي خطورة زرع الغضب والرفض والإحساس باليأس داخل نفوس أتباعها، وبالأخص الشباب منهم، لأنها قد تجد فيهم اليوم سبيلاً تستغله لتنفيذ مخططاتها دون الاكتراث بمستقبلهم وسلامتهم النفسية والجسدية، بل ودون اكتراث بحياتهم نفسها، لكن الأكيد أن مثل هذا الزرع الشيطاني لن تكون ثماره في مصلحة أحد، فمثل هؤلاء إذا ترسخ بداخلهم الغضب والكراهية لن يستطيع أحد التحكم بهم أو كبح جماحهم حتى المعارضة نفسها، إذ لن يرضيهم شيء ولن تشبع حاجتهم للانتقام لأنفسهم التي يجدونها مظلومة ومقهورة، وهنا ومن مثل هذه البيئة تحديداً يخرج المجرمون والمتطرفون والمخربون، لذلك لابد من التوقف الفوري عن لعبة زراعة الكراهية الخطرة هذه، وحفظ ما تبقى من المجتمع من داء الغلو والتطرف قبل أن يحترق به الجميع.
{{ article.visit_count }}
من المسلم به أن الإسلام ركز على أهمية السلام بشكل عام؛ سلام النفس والجسد والعقل، السلام الداخلي والخارجي، ويرى كثير من علماء الدين والاجتماع والسياسة أن الإنسان هو منطلق العالم نحو السلام، وأن سلام العالم إنما يبدأ من النفس الإنسانية، فإذا عاشت هذه النفس سلاماً داخلياً أثمر ذلك سيادة روح السلام في حياة المجتمع والدولة، وإذا افتقدته افتقد العالم السلام الخارجي، ومن هنا نرى كيف أن كثيراً من المجتمعات فقَدت السلام في حياتها، فالإنسان الحائر المضطرب الفاقد مشاعر السكينة والاطمئنان الروحي هو أبعد ما يكون عن إقامة مبادئ السلام في الحياة.
وإذا ما بحثنا في واقع الأزمة التي تشهدها البحرين نجد أن قادة التأزيم يلعبون على هذا الوتر بشكل كبير، فيعملون على زرع مفاهيم وقناعات داخل أتباعهم تقوم على أنهم مظلومون ومستهدفون ومحرومون ومبتلون وأن ليس لديهم في أوطانهم أمان ولا نصيب، وأن سبيلهم للخلاص هو الخروج على الدولة وقوانينها ونظامها والجنوح للعنف والتخريب وابتزاز باقي المكونات، وهذه ورقة تلعبها «المعارضة» بشكل ممنهج ومدروس وتعمل على استغلال حوادث في التاريخ الإسلامي كي تسقطها على الواقع، وتعطي هالة من القدسية لما تقوم به من سعي دائم إلى إبعاد أتباعها عن السلام النفسي والرضا الداخلي والتصالح مع الذات، لأنها تعلم أنه بغياب ذلك السلام والتصالح لا يمكن لهؤلاء أن يتصالحوا مع محيطهم الخارجي (المجتمع، الدولة، النظام، شركائهم في الوطن وما إلى ذلك).
نستطيع أن نلحظ ذلك دون عناء، ويكفي متابعة تصريحات وتغريدات وخطب وخطابات وندوات المعارضة لتجد أنها تزرع ذلك في نفوس أتباعها بشكل مستمر، وتحاول أن تجير وتستغل أي حادثة تقع من أجل أن تأخذها لهذا المنحنى، سواء كانت خاصة أو عامة، وسواء كانت تتعلق بالالتزام بقوانين البلد أو حتى بتقصير أو فشل يقع هنا أو هناك في المؤسسات التنفيذية أو التشريعية أو المشاريع الحكومية، هي دائماً تستغل ذلك لا لكي تصلح الخلل في الأداء بل لتوظفه في إيصال الرسالة الدائمة لأتباعها بأنهم مستهدفون ومحرومون، فمثلاً هي تزرع لديهم أنهم فقط المحرمون من الخدمات الطبية الجيدة وأن طلباتهم الإسكانية لا تحظى بنفس اهتمام الطلبات الإسكانية لباقي شرائح المجتمع وأن فرصهم في التوظيف والبعثات الدراسية أقل، وهكذا تسعى دائماً لكي تزرع بداخلهم إحساساً بالظلم وعدم الرضى والقهر، وبالتالي السخط والحنق على المجتمع ومن فيه، بما يسهل لها التحكم بهم واستغلالهم لتحقيق أهدافها الساسية!!
ولو نظرنا ونظروا بشكل منصف فسنجد أننا جميعاً نعاني من نفس مشكلة تكدس الطلبات الإسكانية وتعثر الدولة في إدارة هذا الملف، وهناك قصور في الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها، وكل تلك النواقص هي تحديات أمام بلد بأكمله ويعاني منها شعب برمته، ليس فصيلاً أو طائفة أو جماعة سياسية دون الأخرى، ولو صدقت النوايا كان من الممكن أن توجه الجهود المخلصة لحل تلك المشاكل والإخفاقات وغيرها مما هو موجود في أداء أي سلطة تنفيذية أو تشريعية في أي بلد وإن تفاوتت ولا شك.
كان من الممكن تحريك الأدوات البرلمانية والرقابة الشعبية والحراك السياسي وتفعيل القوانين للوقوف أمام أي تقصير أو فساد أو إخفاق ومحاسبة المتسببين به، كل ذلك متاح لو كان الهدف الأسمى هو مصلحة الوطن والحفاظ على نسيجه وتماسكه وتجنيبه الفتنة والانزلاق نحو الصراعات الأهلية والطائفية من أجل تحقيق مصالح ضيقة لفئة أرادت الانفراد بالإرادة الشعبية وكأنها تعيش لوحدها في الوطن، وعملت لتحقيق مآربها من خلال اختطاف أتباعها بوضعهم تحت ضغط الصراع الداخلي والوهم والاحتقان والبعد عن السلام النفسي، وبالتالي تسخر غضبهم وقوداً تحقق به أهدافها وإن احترقوا به!!
شريط إخباري..
على المعارضة أن تعي خطورة زرع الغضب والرفض والإحساس باليأس داخل نفوس أتباعها، وبالأخص الشباب منهم، لأنها قد تجد فيهم اليوم سبيلاً تستغله لتنفيذ مخططاتها دون الاكتراث بمستقبلهم وسلامتهم النفسية والجسدية، بل ودون اكتراث بحياتهم نفسها، لكن الأكيد أن مثل هذا الزرع الشيطاني لن تكون ثماره في مصلحة أحد، فمثل هؤلاء إذا ترسخ بداخلهم الغضب والكراهية لن يستطيع أحد التحكم بهم أو كبح جماحهم حتى المعارضة نفسها، إذ لن يرضيهم شيء ولن تشبع حاجتهم للانتقام لأنفسهم التي يجدونها مظلومة ومقهورة، وهنا ومن مثل هذه البيئة تحديداً يخرج المجرمون والمتطرفون والمخربون، لذلك لابد من التوقف الفوري عن لعبة زراعة الكراهية الخطرة هذه، وحفظ ما تبقى من المجتمع من داء الغلو والتطرف قبل أن يحترق به الجميع.