لم تتمكن الدهشة من اقتناص ذرة من مشاعري وأنا أستمع إلى سلسلة التصريحات التي أطلقها مسؤولون رفيعو المستوى في مملكة البحرين بخصوص حزب الله، تزامناً مع المجازر التي يرتكبها النظام الأسدي مدعوماً بمليشيات حزب الله وتوابعها العراقية والإيرانية والحوثية.
سبب عدم دهشتي عائد في المقام الأول إلى حالة الاعتياد المزمن الذي يصاحب صحافياً قضى جل عمره بين الأخبار، وأصبح بمجرد سماع أول 3 جمل من الخبر يرسم تصوراً سريعاً لحيثياته وكواليسه، وهذا بالضبط ما حدث عندما سمعت منذ أشهر اعتزام البحرين إدراج حزب الله ضمن المنظمات الإرهابية، وبسرعة البرق لمعت ثلة من التساؤلات المنطقية التي بقيت حائرة لا تجيب عليها كل التصريحات التي أطلقها المسؤولون أو تطوع بإطلاقها مناصرو القرار من نواب وصحافيين وفعاليات سياسية وشعبية.
1- هل سبق وأدرجت البحرين أي منظمة على قوائم الإرهاب؟ وما هو الأثر القانوني والسياسي المترتب على إدراج أي كان على هذه القوائم؟
2- كيف ستتعامل الحكومة البحرينية مع وزراء حزب الله ونوابهم والمحسوبين عليهم داخل منظومة الدولة اللبنانية، وهذا الأمر فطن له حزب الله منذ 2006 وأصبح متشبثاً تشبثاً حتمياً كمناورة لإحراج كل من يحاول عزله.
3- ما هو الأثر الفعلي لهذه الخطوة في ظل التعامل المحدود بين مملكة البحرين والجمهورية اللبنانية؟ حيث إن من نافلة القول التذكير بأن البحرين التي لها تاريخ طويل في التعامل مع الحركات العنيفة التي اتخذت من بيروت وضاحيتها الجنوبية معقلاً وتأثرت بشكل حزب الله وهياكله وتدريباته وخطابه واستقوت به في أكثر من محطة سياسية وأمنية، ومع ذلك لا توجد سفارة بحرينية في بيروت ولا وجود مؤثراً للدولة أو للفعاليات الثقافية والاقتصادية فيها؛ فما هو الأثر المرجو من مثل هذا الإعلان؟
كان من البديهي أن يحمل المؤتمر الذي عقده أمين عام دول مجلس التعاون الدكتور عبداللطيف الزياني ووزير الدولة للشؤون الخارجية سعادة غانم البوعينين أجوبة لهذه التساؤلات وغيرها، لكن المؤتمر للأسف الشديد كان مفتقراً إلى الإدارة الإعلامية وأتى مفرغاً من مضامينه؛ حيث لم يجب على سؤال ولم يطرح جديداً.
وفي نفس الإطار ورغم الارتياح النوعي الذي بعثه تصريح معالي وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، والذي عكس موقف المملكة الواضح إزاء المجازر التي يتعرض لها الشعب السوري وحول وجوب إيقاف إرهاب حسن نصرالله؛ إلا أن الواقع على الأرض لم يخدم هذا التصريح، فحتى هذه اللحظة لم توقف مملكة البحرين، وضمن دستورها ومنظومة قوانينها التي تجرم التحريض على الكراهية وبث العنصرية والتحريض على القتل، أشخاصاً أدنى وأقل مكانة من حسن نصرالله لا يكفون عن الدعوة الصريحة للإرهاب عياناً بياناً وعلى منابر الجمعة.
ولعل أفضل نصيحة توجه للمسؤولين في مملكة البحرين وفي هذا الظرف التاريخي بالغ الحساسية والتعقيد هي التوقف عن التصريح وتحويل مكاتبهم إلى ورش عمل حقيقية تدرس القرارات قبل الإعلان عنها، وتوفر لها السند والغطاء الدستوري والقانوني والسياسي وتستوفي شرحها والتباحث بشأنها مع الشركاء الخليجيين قبل أن توأد بمجرد الإعلان عنها أو تطلقها تائهة باحثة عن مظلة لتخرج سليمة قوية مستوفية لكل شروط التنفيذ حتى تكون البحرين دائماً «قول وفعل».
.. وللحديث صلة
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}