أحدهم يتوق للثروة، وآخر يهمه المجد والنفوذ، وغيره لا تستهويه إلا مشاهد القتل والتعذيب ولا تغذي وحشيته إلا دماء البشر، فيما دخل إلى المعادلة التعطش للنفط جامعاً لكل الأهداف السابقة؛ فاللعاب الأمريكي الذي سال على أراضي الخليج العربي، لا يختلف كثيراً عن نظيره البكيني السائل على الأراضي الطهرانية الوحلة الملطخة بسواد النفط.وفي مستهل تناولنا لتلك العلاقات والمصالح النفعية الإيرانية - الصينية، يجدر بنا الوقوف أمام بعض النقاط المشتركة في السياسة الإيرانية في تحالفها مع كلٍ من الصين وروسيا على السواء. ففي عام «2004» وقعت إيران مع الصين اتفاقاً ضخماً وطويل الأجل للطاقة «لمدة 25 سنة»، على أن تقوم إيران بإمداد الصين بالنفط والغاز المسال؛ نظراً لاعتماد الأخيرة على النفط الإيراني كثاني مورد للطاقة بعد المملكة العربية السعودية، في مشروعها التنموي القائم على النفط المستورد. ولذلك وقعت شركة «جوهاي جينر» المملوكة للدولة الصينية عقداً مع إيران لاستيراد 110 ملايين طن غاز بيعي للمدة طويلة الأجل المذكورة أعلاه، فضلاً عن عقد آخر وقعته شركة «سينوبك» لاستيراد 150 ألف طن بترول إيراني يومياً.سبق ذلك.. إقامة شركات صينية لمحطات تكرير بترول في «تبريز» و«طهران»، إلى جانب إنشاء محطة بترول في الشمال الإيراني عام «2000»، لحقــــه في «2001» بناء رصيف نفطي ضخم في ميناء «نكا» على ضفاف بحر قزوين، من قبل «سينوبك» أيضاً، وتصليح عدد من مصافي النفط في مناطق إيرانية متفرقة. وكذلك تطوير حقل «باريس» النفطي.ولم تقتصر نقاط التلاقي في السياسة الاقتصادية الإيرانية المتبعة مع روسيا والصين على العقود طويلة الأجل وحسب، وإنما امتدت للتلاقي عند نقطة ترسيخ التعاون والتبادل الاقتصادي عبر إنشاء «اللجنة الاقتصادية الإيرانية - الصينية المشتركة». وشمل ذلك التعاون عدة أوجه، يأتي في مقدمتها التجارة والاقتصاد والسياحة والزراعة، ناهيك عن التكنولوجيا والطاقة اللذين سنفرد لهما مقالاً مستقلاً.وبالمناسبة.. فإن الصين قد أسهمت بشكل لافت في البنية التحتية الإيرانية، من خلال تنفيذ ما يربو على 100 مشروع في هذا المجال، نحو تطوير شبكات الأنفاق والسكك الحديدية وغيرها.ومع ذلك، فإن العلاقات الاقتصادية الإيرانية - الصينية ليست بجديدة؛ حيث يعود منشؤها لتاريخ طريق الحرير، لحقه تعاون تكنولوجي وعسكري ونووي.. أسهمت الصين من خلاله في تأسيس القوة العسكرية الإيرانية ودعمها لاسيما إبان حرب الخليج الأولى، وحتى يومنا الحالي.ولكن.. كل ما سبق ليس لسواد العيون الطهرانية اللعوب والتي أوقعت البعض في شباكها الذائبة، وإنما من أجل سواد النفط، ذلك النفط الذي أدمنته الصين كما أدمنته أمريكا، حتى غدا أفيون الاقتصاد والعسكر، ولتغدو جميع سياسات القوى العظمى معطرة برائحة النفط.. ذلك العطر الذي أمتع الأنوف الصينية وحقق لها الانتعاش ونشوة الثمالة مؤخراً، حتى أصبح خياراً لا مناص لها منه.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90