انتقاد العديد من الكتاب السنة في الصحافة البحرينية أو الخليجية أو العربية لجماعة «الإخوان المسلمين» بأريحية تامة رغم شراسة ردة الفعل ظاهرة تستحق أن نتمعن فيها لا لأريحيتها إنما لمقارنتها التي تفرض نفسها حين تجهد بالمقابل في البحث بالملقط عن كتاب شيعة على مستوى الكتابة البحثية أو على مستوى الكتابة الصحافية تملك جرأة انتقاد جماعة «الولي الفقيه» أينما وجدت هذه الجماعة سواء في البحرين أو لبنان أو العراق أو الكويت، وهاتان جماعتان خاضتا المعترك السياسي من ذات المنطلق الديني، بمعنى أن الخصومة معهما ستطال المصداقية الإيمانية والسياسية لمن يقف في مواجهتهما.
ورغم أن الخصم السني لجماعة الإخوان المسلمين لا يجد مساندة من المؤسسات الدينية أو من علماء الدين السنة يحمي ظهره في حال خصومته مع جماعة «الإخوان» كما هو الحال في الجانب الشيعي مع جماعة «الولي الفقيه»، إذ يقف المخالف لجماعة «الإخوان» مكشوف الظهر مرجعياً دينياً، إذ بالكاد بدأ الأزهر ينتفض ويعود للحياة بعد أن تم نحره من قبل جماعة الإخوان على مدى 50 عاماً، وكسر أجنحته، وتركه مثخن بالجراح لم يسلم موقع من جسده من طعنات الإخوان لا القائمون عليه ولا خريجوه ولا شيوخه، فلا يجد خصم جماعة الإخوان سنداً فقهياً يعاونه كما هو الطرف الشيعي، حيث يتصدى علماء كبار ومرجعيات من الوزن الثقيل وآيات لله لتيار الولي الفقيه من أمثال قامات بحجم شريعتمداري، وعلي الأمين، وحسن فضل الله وشمس الدين، وشريعيتي وصبحي الطفيلي، ..و .. إلا أن الصف الثاني من الشيعة من باحثين وأكاديميين ومفكرين وكتاب وإعلاميين عرب يتقاعسون تقاعساً ملحوظاً عن المواجهة وعرض الاختلاف العلني رغم وجوده.
الكل يعرف أن الجماعتين تعدان من الحصون المنيعة التي لا تقبل النقد العلني أو التقييم العام، سواء من داخل دائرتها أو من خارجها، فما حدث لأعضاء من داخل البيت الإخواني أو من داخل البيت الولائي كان عبرة لمن لا يعتبر، فقد تم إقصاؤهم، ومحاربتهم وفي إيران تحديداً حيث السلطة الأمنية في يد مرجعيات التيار تم إعدام المعارضين والحجر على آخرين ومنع السفر والتحرك ومنع التعبير عند البعض الآخر، والاثنان يسقطان ويحاربان من ينتقدهما بمعاداة الدين ومعاداة الله ورسوله وتلك تهمة في مجتمعاتنا الإسلامية عظيمة وتبعاتها خسائر فادحة، لا تقل عن (قتيلنا في الجنة وقتيلهم في النار)!
الخلاصة أنه في كلتا الحالتين ليس من السهل مخالفتهما أو التصدي لهما، ومن يفعل عليه أن يحسب حساب قدرتهما وإمكانيات تحمله تبعات الدخول في هذه المعارك التي لا تبقي ولا تذر معها.
لهذا فإن الفضل يعود على كسر التابو الديني السني لشجاعة مقتحمي هذه الحصون، ولا يعود الفضل لأن التابو الديني السني سهل الكسر أو أن تبعات هذه العملية سهلة، بل إنه حتى التصدي للفتاوى الشاذة، والغارقة في الخرافة، والأسطورة، والتي تضع رموز هذه الجماعات في مرتبة الأنبياء يتم التصدي لها علناً ومن كل الشرائح والفئات السنية دونما تردد.
(الميد) على الطرف الثاني الذي يعتقد أنه يتشمت الآن ولكنه هو الذي يستحق الشفقة، هذا الطرف الذي وصل إلى مرتبات علمية عالية ويملك المساحة والقدرة للتعبير لكنه يختار طوعاً ألا يرى ولا يسمع و لا يتكلم وبعضهم أكاديميون متخصصون في دراسات ونقد الجماعات الدينية فتجده أسداً ضرغاماً على الجماعات السنية وثعلباً مكاراً على الجماعات الشيعية.
إنها ظاهرة تستحق الغوص فيها بشكل أعمق تبحث عن مكنون المكون الثقافي وانعكاس المخزون التراثي في البنية الفكرية للتيارات وللجماعات السنية والشيعية أبرزت هذا الفارق الكبير، وأترك هذه العملية للمختصين .. إنما أتصور أنهم يتفقون معي أن الفارق موجود وأنه يستحق أن يدرس.
أخيراً:
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة التوحيد والقدرة على كسر الأصنام و تحطيمها .