ليس عربياً ولا من أهل الإسلام؛ إنه الباحث البريطاني «مارك بيتر» الذي تحدث عن أصول شعب البحرين وأهلها، وذلك في تقرير نشر على موقع «العرب»، يقول فيه إن حقيقة شعب البحرين الحالي ليس كما يبدو، فقد استجلبت البحرين الشيعة من مدينة المحمرة في الأحواز ومن جنوب العراق في عهد سلمان بن حمد الأول للعمل في الحرف اليدوية وتم تجنيسهم، وإن المسح الديموغرافي الذي أجراه الكابتن «بروكس» في البحرين يؤكد أنها عربية سنية ولم يشكل الشيعة أي رقم يذكر، وقد حاول الشيعة الانتساب للقبائل العربية؛ فلجؤوا للانتساب للقرى والمزارع البحرينية، ومنها من تسمى على سترة وسار ودمستان وبني جمرة وسماهيج وغيرها من القرى، وأن أقدم مسجد سني في البحرين بني في القرن الـ19، وأقدم مسجد شيعي بني في السبعينات من القرن الـ20، وأن معظم المآتم الحالية في البحرين ظهرت منذ 30 عاماً فقط، وأن المراجع الشيعية مثل عبدالأمير الجمري وعيسى قاسم وغيرهم قد تم تجنيسهم.
كما ذكر أيضاً أن الشيخ عبدالجليل الطبطبائي، وهو باحث من البصرة، سكن البحرين وأجرى مسحاً ديموغرافياً عام 1826، وأثبت أن البحرين جزيرة تسكنها غالبية عربية سنية وأقلية تدين بالمذهب الشيعي، وأن شيعة البحرين تقدموا بعريضة للمعتمد البريطاني في عشرينات القرن الماضي ووصفوا أنفسهم فيها بـ»الجالية»، وهنا يتساءل الباحث: «هل سمعتم عن شعب أصيل يسمي نفسه جالية؟».
وفي عهد عيسى بن علي تم استقدام الآلاف من الشيعة للعمل في الحرف اليدوية، حيث سكنوا منطقتي المحرق والمنامة، كما تم تجنيس الآلاف من الشيعة في عام 1968 من المحمرة وجنوب العراق، وتم منحهم الجنسية البحرينية على الفور وتم تسليمهم منازل سكنية في منطقة مدينة عيسى.
كما ذكر بيتر في تقريره أيضاً عن قيادات جمعية الوفاق؛ حيث يقول إن إيران اشترطت أن تضم قيادات جمعية الوفاق لـ»عجم مجنسين» أمثال جواد فيروز وخليل مرزوق انتصاراً للعنصر الفارسي، وذلك مقابل استمرار الدعم السخي لأنشطة الجمعية والتي تسير وفق الأجندات الإيرانية، وها هو تقرير نشر على شبكة النبأ المعلوماتية، وهي شبكة صفوية، يذكر أن شيعة البحرين هم من أصول فارسية ويقدر عددهم ما بين 25-30% من إجمالي السكان.
تاريخ البحرين اليوم يقرؤه المجتمع الدولي من خلالي تقارير علي سلمان والتي يبعث بها إلى المنظمات الدولية، والتي يدعي فيها أن أغلبية شعب البحرين هم الشيعة، وأن الشيعة هم أصل البحرين، وذلك بعدما دفن مركز الوثائق التاريخية مثل هذه المستندات والوثائق التي تشهد على عروبة القرى والمناطق وتثبت تاريخها مثل منطقة رأس رمان، وهي منطقة سنية خالصة تسكنها العوائل السنية، وها هو أقدم مسجد فيها، مسجد عبدالجليل الطبطبائي، الذي لا يعرف عنه أغلب شعب البحرين، حيث طمس بمسجد رأس رمان، وهو مسجد تم بناؤه في أواخر الستينات، حيث تم بناؤه في موقع استطاع أن يطمس هوية المنطقة بأكملها، كما أعيد هدمه وبناؤه على نفقة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في السنوات الأخيرة بكلفة فاقت المليون دينار.
تاريخ البحرين يجب أن يثبت على كل الجدران وأن يبنى له صرح وسط المنامة، وأن يثبت تاريخ القرى والمزارع، كما يجب أن تدرس هذه الوثائق والأبحاث التي قام بها مثل كابتن «بروكس» والشيخ عبدالجليل الطبطبائي كمواد تاريخية في الكتب المدرسية العربية والإنجليزية.
تاريخ البحرين الذي طمس في مركز الوثائق التاريخية وسكت عنه الباحثون والمؤرخون، تاريخ البحرين الذي كان على الدولة ومؤسستها الثقافية الرسمية أن تهتم به، وأن تخصص جزءاً من ميزانيتها الضخمة لكتابة تاريخ البحرين، أو أن تقوم بذلك المؤسسة الثقافية الأهلية.
تاريخ البحرين مسؤولية يتحملها الجميع، وإن طمس الحقائق هو أحد الأسباب التي ارتكزت عليه الحركة الصفوية في البحرين بمطالبتها بالسلطة، وها هو مارك بيتر، ليس بحرينياً، لكنه استطاع أن يقول ما لم تستطع قوله المؤسسة الثقافية، واستطاع أن ينشر ما لم ينشره مركز الوثائق التاريخية، ما قاله مارك بيتر يجب أن يعزز ويؤكد من الجهات الرسمية المسؤولة، وأن تبدأ الجهة الإعلامية بإعداد ملف وثائقي تقدمه على قناة البحرين، كما تقدم باقي القنوات البرامج الوثائقية عن العالم بأكمله، في الوقت التي يعجز الجهاز الإعلامي عن تقديم برنامج واحد باللغة العربية والإنجليزية فيه يكشف تزوير علي سلمان وزمرته للتاريخ، الذين استغلوا البيات الشتوي الذي تعيشه مؤسسات الدولة المسؤولة.
إن شعباً لا يعرف تاريخه لا يدري عن حاضره ولا يعلم ما سيكون عليه مستقبله، والشعوب التي لا تدرس تاريخها لا تستطيع الدفاع عن هويتها ولا عن وجودها، البحرين اليوم في أشد لحظاتها وأصعب ظروفها، وعلى الجهات الحكومية أن تتحمل مسؤوليتها كمؤسسات عليها مسؤولية وطنية تاريخية، وغير ذلك فلا فائدة ولا حاجة لهذه المؤسسات التي أصبحت عبئاً على ميزانية الدولة.