قال النبي صلى الله عليه وسلم حكمة هادية لسلوك المسلم «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً»، فقال أصحابه «عرفنا كيف ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً»، فأوضح سيدنا محمد الأمر بقوله «أن تكف يده عن الظلم». للأسف فإن بعض الأصدقاء ممن ينتسبون لما يسمى بالتيارات الدينية في بعض دول الخليج العربية وقعوا فريسة لمفهوم عكس ما دعا إليه الإسلام بوضوح في حديث الرسول الكريم، كذلك ما جاء في القرآن الكريم بقوله سبحانه «يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» ( الآية 6 سورة الحجرات).
إن هؤلاء وقعوا بغير قصد فريسة عملية خداع لفرط حسن نيتهم ونتيجة قلة المعلومات الصحيحة المتوافرة لديهم، فأحياناً الصور التلفزيونية خادعة، وخاصة ما تبثه بعض القنوات الفضائية المعروفة بعدم مصداقيتها المهنية، لذلك فهي لا تعكس الحقيقة، وشعب الخليج الطيب يقع أحياناً فريسة لذلك، بل أيضاً وقع في الخطأ بعض المتعلمين في مصر.
إن تاريخ الإخوان في مصر وشعاراتها وما حدث لها أو منها سنتركه للمؤرخين، ولكن منظر قتل 25 مواطناً كانوا في سيارة مدنية في سيناء في طريقهم للعودة إلى قراهم ومدنهم بعد أن أنهوا خدمتهم الوطنية والتمثيل بجثثهم يجعلنا نتساءل؛ هل هذا إسلام أو دفاع عن الشريعة؟ ألم يدين الإسلام التمثيل بالجثث حتى للأعداء بل للحيوانات، عندما قال «إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح»، حتى لا يتألم الحيوان. إن من ارتكب هذه الجريمة النكراء يصعب قبول الادعاء بانتسابهم للإسلام الحق، وكذلك من قتلوا ضباط الشرطة في قسم شرطة كرداسة ومثلوا بجثثهم، وألم يدن القرآن قتل النفس التي حرم الله؟ هل حرق الكنائس والمتاحف من الشريعة؟ ألم ينصح الخلفاء الراشدون الجيوش المقاتلة بعدم التعرض لبيوت الله من صوامع وبيع وكنائس؟ هل حرق المتاحف والآثار من الإسلام؟ ألم يدخل عمرو بن العاص مصر ولم يمس الكنائس أو الآثار؟ ألم يذهب المسلمون وفتحوا بلاد الهند وأثارها الهندوسية والبوذية مازالت قائمة رغم أنهم حكموا الهند عدة قرون. هل نجد واقعة واحدة في تاريخ الإسلام أن المسلمين اتخذوا من الأطفال والنساء دروعاً بشرية؟
إن ما أشرت إليه هو غيض من فيض مما قيل إنه حدث من الإخوان المسلمين في مصر، إنها تساؤلات تتعلق بما ينسب من سلوكيات لبعض الإخوان في مصر، وهذا على النقيض من وضع وسلوكيات الإخوان في دول مجلس التعاون. ثابت علي القنوات الفضائية المختلفة وليس على قناة واحدة ونطق به قياداتهم مثلما ذكر صراحة البلتاجي بأنه لو أفرج عن الدكتور مرسي وأعيد للرئاسة فسوف يتوقف الإرهاب في سيناء في دقيقة واحدة، وغير ذلك من أقوالهم كثير.
أما الإخوان المسلمون في دول الخليج العربي فإنهم جزء من النظام السياسي يشاركون فيه ولا يدعون للانقلاب على حكامهم أياً كان النظام السياسي، ويسعون لتطويره مثل ما يحدث في أية دولة متحضرة، وهذا ما نلمسه، ولم نجد أية واقعة تثبت أن الإخوان المسلمين في معظم دول الخليج العربية يتآمرون مع الاستعمار ويبيعون أوطانهم، كما يحدث في سيناء بتعاون إخوان مصر مع إسرائيل. هل هذا من الإسلام؟
من هنا فأنني أتوجه لجماعات الإسلام السياسي في دول مجلس التعاون سواء من الإخوان أو السلفيين أو من الشيعة بعدم الوقوع في فخ منصوب لهم من الأكاذيب للهجوم على مصر أو شعبها أو الأزهر الشريف، الذي هو منارة إسلامية معتدلة بعيداً عن التعصب الديني أو الطائفي أو العرقي. إن القرآن واضح في تأكيده مبدأ التخصص فلا يمكن لكل شخص أن يفتي في مجالات بعيدة عن تخصصه إعمالاً لقوله تعالى «وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون» (122 سورة التوبة).
إن الإسلام دين السماحة والاعتدال والعفو ويرفض الخداع وغياب العقل والاعتداء على الحرمات، إن الدين النصيحة أيها الإخوان في دول مجلس التعاون، فالشعب المصري ثابت في إسلامه وفي إيمانه بالله قبل ظهور حركة الإخوان عام 1928م، إن الحق أحق أن يتبع وليس نصرة الأخ أو الصديق ومعاونته على الباطل، ألم ير أي متابع محايد للتطورات كيف كان جيش مصر يحمي المعتصمين في مسجد الفتح، ويُقبل الجنود رأس بعض السيدات ليقنعهن بالخروج سالمات، ويحمي المعتصمين عند خروجهم من المسجد حتى لا يفتك بهم المتظاهرون الذين كانوا يتطلعون للانتقام منهم لقيامهم بحرق محلاتهم ونهب أموالهم؟
هذا هو الإسلام في مصر، دين التسامح الذي جاء به محمد بن عبدالله عندما فتح مكة قائلاً لأعدائه «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، هذا هو شعب مصر الذي يقول للإخوان المعتصمين الذين لم تلوث أيديهم بدماء شعبهم اذهبوا وانضموا للعمل السياسي بسلمية حقيقية، وليس عبر الكلاشنكوف وقنابل المولوتوف، واتخاذ النساء والأطفال دروعاً بشرية. اذهبوا لقتال العدو الحقيقي وليس لقتال شعبكم المصري الذي سيبقى مدى الدهر مسلماً كامل الإسلام مؤمناً كامل الإيمان بعد زوال كثير من الحركات السياسية التي تتمسح بالإسلام كما زالت كل هذه الحركات الإرهابية التي تحمل اسم الإسلام، وهو منها بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب. وعاشت مصر وإخوتها مع شعب الخليج بغض النظر عن انتماءاته السياسية والفكرية والدينية.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}