عزيزي أوباما لدي أخبار لك .. لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية و تاريخ الشرق الأوسط .. لا أحد ينتظر خطابك بخصوص مصر!! للمرة الأولى لدينا أخبار للولايات المتحدة الأمريكية، سابقاً كنا نتسمر أمام شاشات التلفزيون بانتظار سماع موقف الدولة العظمى مما يجري عندنا لنعرف ماذا قررت الولايات المتحدة لنا.
أما بعد الذي حدث في مصر فقد تضاءل حجم تأثيرها في المنطقة إلى الدرجـــة التـي جعلت انتظار ردة فعلها من عدمه واحداً، وهذه لم تحدث طوال التاريخ الأمريكي.
خطأ الحسابات والتأخر من الإفاقة من صدمة المفاجأة سحب بساط القرار من تحت أقدام الأمريكان.
فللمرة الثالثة وجدت الولايات المتحدة الأمريكية واقعاً يتجاوزها وتؤخذ فيه على حين غرة وتبدو كالأبله الذي يتخبطه الشيطان، المرة الأولى كانت بيرل هاربر والثانية كانت أحداث 11 سبتمبر 2001 أما الثالثة فصحوة الشعوب العربية وتمردها على مشروع الشرق الأوسط الجديد.
فبعـــد أن قارب هذا المشروع على النجاح واستعــــدت أمريكا للاحتفال بتتويج الجماعات الدينية (الشيعية والسنية) على رأس السلطات في العالم العربي، وتوقعت أن لا مقاومة تذكر، أخذت على حين غرة في 30 يونيو في مصر و سقطت حساباتها كلها، وهاهي رغم مرور أكثر من عشرة أيام لم تفق بعد من الصدمة، فهل يعقل أن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية لم يقرر ماذا سيفعل حيال دولة بحجم مصر التي لها حدود مع (الإله) الإسرائيلي؟ إنه توقيت مختلف سحب بساط القرار من تحت أقدامها، وللمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط لا أحد يكترث بخطاب لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية تجاه حدث جلل كالذي جرى في مصر.
لقد دأبت الولايات المتحدة الأمريكية على التفاعل الاستباقي للحدث، فتضع السيناريو ألف والسيناريو باء لكل بقعة على كوكب الأرض قبل أن تجري عليها الأحداث.
لقد عودتنا أن تصنع الولايات المتحدة الحدث لا أن تتخذ قرارات بعد أن يحدث، بل و تتخذ قرارات خطيرة بمستوى شن حرب استباقية لفرط هوسها بحالة الاستعداد المسبق حتى لا تأخذ على حين غرة كما حدث في عام 2001 في أحداث 11 سبتمبر.
فأين تلك الحسابات، و أين الخطط باء؟ اليوم نراها تتخبط لمدة عشرة أيام تلف حول نفسها لا تعرف حقيقة ما يدور، و تتساءل من هم هؤلاء الذين خرجوا في 30 يونيو، تماماً كما سألت من هم هؤلاء الذين خرجوا في 21 فبراير في الفاتح في مملكة البحرين، و هذا سؤال طرحه أحد الجنرالات الأمريكية في السفارة الأمريكية في البحرين على أحد المتعاونين لتقديم المساعدات الفنية للسفارة، إذ تم استدعاؤه ليلاً لطرح هذا لسؤال، من هم هؤلاء الذين خرجوا في الفاتح؟!!
المفاجأة التي لم تفق منها أمريكا بعد أن الطرفين اللذين أسقطتهما من معادلتها الجديدة هما اللذان صفعاها وجعلاها تلف حول نفسها، فهي لم ترَ قوة صاعدة في المنطقة إلا الجماعات الدينية بقيادة المرشدين، إنما فوجئت باثنين تصديا لهذا الزواج المسخ بينها وبين الجماعات الدينية، الأول «الشعوب العربية» أما الثاني فهو النظام الذي ظنت أنه نظام آيل للسقوط وهي المملكة العربية السعودية.
لدي أخبار للإدارة الأمريكية فالأنظمة التي ظنت أنها آيلة للسقوط، مازال في جوفها رمق وأعادت ترتيب صفوفها، ولجأت للشقيقة الكبرى التي خلطت لكم كل الأوراق.
على الولايات المتحدة الآن أن تفيق من صدمتها سريعاً وتخرج من حالة الإنكار والإقرار بخطأ حساباتها إذا أرادت أن تبقي على ماء وجهها وتبقي على مصالحها في المنطقة، إذا أرادت أن تقلل من خسائرها وتمحو وصمة العار التي لطخت يدها في ما أحدثته من فوضى راح ضحيتها المئات، عليها أن تتصالح مع الشعوب العربية لا مع «الجماعات» عليها أن تنتبه لمحور شرق أوسطي جديد أيقظته من سباته وأسقطته من حساباتها وكانت صحوته آخر احتمال توقعته الولايات المتحدة الأمريكية أي محور (السعودية مصر)... ولنا في الغد حديث معه.