لنتحدث بشأن المسيرات والمظاهرات المفترض أن تكون «مرخصة»، في بريطانيا على سبيل المثال باعتبار أن إمبراطورية الشمس المشرقة هي مضرب الأمثال في الديمقراطية بالنسبة للانقلابيين، هناك يعرفون تماماً كيف تكون آلية التعاطي مع المسيرات.
في بريطانيا عليك أن تقدم طلباً للجهات الأمنية المعنية للحصول على ترخيص، وهي صاحبة القرار بالترخيص لها أم رفض الطلب بناء على ما تقدره من مساس هذه المظاهرة بالأمن والسلم الأهلي، وما إذا كانت ستتعدى على حريات الآخرين.
إن وافقت على الطلب، ولنأخذ هنا تجمعات سعيد الشهابي وجماعته في لندن، فإنه يحدد لهم وقت زمني، في 14 أغسطس حددوا لهم ساعة زمن فقط أمام مبنى السفارة البحرينية في «بلجريفيا»، وتحديداً ليس أمام السفارة بل على الرصيف المحاذي الذي يفصله عنها الشارع الرئيس، وتقوم الشرطة بتحديد منطقة التظاهر بحيث لا يحق لأحد أن يتجاوزها، وكل ذلك في ظل وجود الشرطة لتراقب وتضمن عدم تجاوز القانون، وفي جانب آخر للتدخل إن قام أحد بخرق الشروط التي حددتها الشرطة لتوافق على الترخيص.
لأنشط ذاكرتكم، تذكرون كيف تم القبض على ابن حسن مشيمع حينما لم يلتزم بضوابط الشرطة البريطانية لترخيص المظاهرات، وضعت الشرطة وجهه على الأرض وكبلت يديه بالأصفاد وتم اقتياده لمركز الشرطة وأخذ تعهد عليه مثلما فعلوا حينما اعتلى سطح مبنى السفارة. هذا التعهد ليس مجرد ورقة يوقع عليها والسلام ثم يعود لممارسة ما يفعل، بل تتضمن قيود «ريستريكشن» بموجبها تحظر عليه المشاركة في مظاهرات أو مسيرات أو احتجاجات لمدة تحدد مثلاً بثلاثة أشهر أو ستة، بل بموجبها يحظر عليه حتى الاقتراب من مبنى السفارة لمسافة تحدد بأميال معينة، وإن قام بخرق هذا التعهد فإن العقوبة أشد، يمكن أن تصل للسجن وأن طالت المسألة يمكن أن تصل لتداعيات أقوى.
الآن لنتحدث عن قانون التجمعات والمسيرات الذي مرره البرلمان بوجود نواب الوفاق حينها، أليس في القانون ضوابط واشتراطات إن تم تجاوزها فهي تستوجب عقوبات بالقانون؟! أليس هناك قانون آخر للعقوبات تعنى بعض نصوصه بالحض على كراهية النظام وإشاعة الفوضى وممارسة التحريض والقيام بأفعال تخريبية؟!
مشكلتنا هنا، حينما يتم تجاوز كل هذه الاشتراطات ويتم إهانة القانون فإن العقوبة لا تقع، وحينما تغفل تطبيق القانون في المرة الأولى، فإن ذلك سيعقبه مرات ومرات، حينها يتحول الأمن المجتمعي إلى «خرافة» على الورق، وحينها تتحول حريات الناس والعامة إلى حقوق مستباحة وسط غابة من الفوضى وكأننا في غابة.
في بريطانيا التي يتشدقون بديمقراطيتها لو حصل تجاوز في أي مسيرة ومظاهرة، فإن العقوبة لا توقع على المتجاوز فقط، بل تصل لمن دعا ونظم وطلب الترخيص باعتبار أنه يتعهد بضبط العملية والحرص على ألا تنحرف ويتغير مسارها السلمي إلى عنف وتخريب. المنظم والداعي هو المسؤول الأول وهو من يجب أن يحاسب على عدم استيفائه بالتعهد، وحينما تتكرر الانفلاتات في فعاليات جهة معينة فإن هذه الجهة لا تمنح أي ترخيص في المستقبل بل تقابل طلباتها بالرفض.
الآن لنتساءل بشأن ما فعلته الوفاق في مسيراتها السابقة وصولاً لمسيرتها الأخيرة التي واضح أن علي سلمان أراد أن يمارس فيها عملية «ريفريش» أي تحديث لعقول أتباعه ومؤيديه خاصة بعد الفشل الذريع لفعالية التمرد، وخاصة بعد الهجوم العنيف عليه في مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تغريداته «الفانتازية» بالأخص تلك التي تحدثت عن الخمسين ألفاً الذين سافروا و»كشتوا» فيه.
المسيرة حصلت فيها تجاوزات وأسفرت عن مواجهات مع رجال الأمن وأعمال عنف وتخريب وفوضى، وعليه المسؤول يجب أن تكون الوفاق، أليس كذلك؟!
السؤال الآن، هل سيتم منع أية فعاليات أخرى للوفاق لأن التجربة أثبتت بأن الوفاق تعمد لتجميع الناس ثم تتركهم ليتقاتلوا مع أجهزة الأمن ويرموا المولوتوفات ويخربوا ويحرقوا، في وقت ينسحب فيه أعضاء الوفاق لتأديتهم الغرض، جمعوا الناس وشحنوهم ثم تركوهم ليمارسوا الإرهاب، هل سيتم منع مسيرات قادمة، رغم أننا نعلم بأن التوجيهات اقتضت بمنع المسيرات في المنامة، باعتبار أن المسألة باتت في وضع لا يسكت عليه أبداً؟!
هل سيتم استدعاء المنظمين وطالبي الترخيص للتحقيق والمحاسبة بشأن عدم قدرتهم على ضبط الحاضرين؟!
كلها أسئلة نوجهها للجهات المعنية مع التذكير بأنه لا البيانات الصحفية ولا التصريحات القوية يمكن أن يكون لها مفعول يوقف هذا الانفلات إن لم تتبع بتطبيق وأفعال.
خليفة بن سلمان
لا تهمه إلا جائزة واحدة!
الجائزة الأوروبية للشخصية العالمية في العلاقات الدولية تأتي لتضاف إلى جوائز عديدة استحقها سمو رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة حفظه الله تقديراً لدوره على مختلف الأصعدة الدولية.
خليفة بن سلمان قبل أن يكون مسؤولاً هو مواطن بحريني، أحد أبناء هذا الوطن الذي عمل طوال عمره لأجلها، وأنا أعرف تماماً بأن أي جوائز الدنيا لا تهم خليفة بن سلمان بقدر ما تهمه البحرين وأهلها، بقدر ما تهمه هذه الأرض وبقاءها عربية إسلامية وأن ينعم أهلها بالسلام والأمن وأن يتعاضدوا بسواعدهم لبنائها وتطويرها وتصحيح الأخطاء إن وجدت وتعزيز الإيجابيات والمكاسب التي تحققت.
الجوائز الدولية كلها تأتي إثباتاً لجهود كبيرة يبذلها هذا الرجل الكبير، لكن أكبر جائزة يستحقها خليفة بن سلمان عن جدارة هي حب أبناء شعبه وتقديرهم لجهوده وتعاضدهم وتكاتفهم حوله، وحول قيادة البلد على رأسها جلالة الملك ومعه سمو ولي العهد.
حفظ الله خليفة بن سلمان المواطن البحريني الأصيل المخلص لهذه الأرض وشعبها.