الحمد لله على نعمة الأمن و الأمان، فالأمن نعمة لا يشعر بها إلا من حرم منها.
الحمد لله أن تنبهنا للفخ المنصوب لهدم جميع الدول العربية عن طريق استنزاف المؤسسة الأمنية في حروب الشوارع، و عموم الفوضى فيها.
و كما يقال (الضربة اللي ما تموتك تقويك) فالحمد لله أن الضربة التي تلقتها الدولة لم تمتها إنما قوتها، ووصلت مؤسستنا العسكرية خلال عامي الاستنزاف الماضيين على مستوى عالٍ من الجاهزية، بدا واضحاً في الرابع عشر من أغسطس، لربما لم يكن ليتاح لها لولا هذا الظرف .. و عسى أن تكرهوا شيئاً و هو خير لكم.
لذلك فعلى راسي أقولها أولاً للشرطي و للشرطي أول و نائب عريف لضباط الصف عريف و رئيس عرفاء وكيل ملازم ومساعد ملازم، ثم الضباط من الملازم ثاني وملازم أول في جميع الوحدات هؤلاء الذين وقفوا في وجه المدفع وهؤلاء من دفعوا أرواحهم ودفعوا ثمناً من عافيتهم، وراحتهم وقصروا في التزاماتهم العائلية حتى في أيام العيد، والقيظ وفي رابعة النهار أقول لهم .. على راسي ما قدمتموه لنا.
واسمحوا لي أن أبدأ بهم فلا يوفيهم حقهم جمعهم بمصطلح (جميع منتسبي وزارة الداخلية) بل يجب تفنيدهم في الشكر والتقدير عرفاناً وتقديراً بدورهم، وذلك قبل أن أقول على راسي لكل نقيب ورائد ومقدم وعقيد، ولكل عميد ولكل لواء وفريق، وصولاً لمعالي الوزير «بوعبدالله» وزير الداخلية فتلك الرتب هي من تلقت الطعنات نيابة عنا، ومنهم الشهداء، ومنهم المئات الذين عولجوا من إصاباتهم... لقد خاضوا حرب شوارع نيابة عنا، ولولاهم لاندلعت حرب أهلية.
على راسي هذا التفاني وهذا الالتزام وهذا العطاء من صغيركم قبل كبيركم والذي كان السبب في أن من الله علينا بنعمة الأمن والأمان، واستقرت البحرين و نجت من الفخ، لقد دفعتم ثمناً غالياً من أجل سلامة وطنكم و شعبكم، وأنقذتم الوطن من أكبر مؤامرة وخيانة وطنية تعرض لها على مر التاريخ.
كنتم الجسر الذي كان سيمر عليه مشروع إسقاط الدولة، وإدخالنا نفق الفوضى لولا ستر الله ويقظتكم، كنتم الهدف وكنتم المرمى، كنتم قلعتنا وحصننا، لقد كان الهدف استنزافكم أرواحاً، وطاقة ومالاً وهيبة ومكانة، وهذا ما فعلوه بالحرف في كل دولة عربية مر عليها «ربيع»، استهدفت فيها المؤسسة العسكرية أولاً وبانهيارها يتم تقسيم المقسم.
لقد كان استنزافكم هو القصد وتقييدكم هو الوسيلة، ولفترة كدنا أن ننزلق للفخ ونطيعهم، فتم تقييدكم وتمت محاسبتكم على أداء واجباتكم، ظناً منا أن ذلك سيوقف مطرقة التقريع الدولية التي نزلت على رأس الدولة دون رحمة، ودون تقدير للموقف، وارتباك الدولة في سنة أولى فوضى دفعها لاتباع كل «النصائح» التي تبرع بها رعاة مشروع هدم الدولة علّ وعسى طرق تلك المطرقة يتوقف، وانسقنا وراء نصائحهم للأسف لمجرد إثبات حسن النوايا، حتى وصل الماء للحلقوم، ثم انتبهنا، وأفقنا ولله الحمد للانتباه للفخ المنصوب قبل أن يضحى بكم أكباشاً للفداء.
إنها المؤسسة العسكرية التي يراد تفتيتها وتحطيمها معنوياً واستنزافها جسدياً قبل أن يصلوا لكل بيت.
و كل خائن لعب دوره بجدارة في ذلك المشروع، فالذراع السياسي والإعلامي للإرهاب المناط به هدم المؤسسة العسكرية كان أخطر وأكثر تدميراً، فقد كان دوره (ومازال يلعبه دون رادع قانوني) الترويج لمسميات تنزع عن المؤسسة العسكرية شرعيتها حين يطلق عليكم «مرتزقة النظام» وكان عليه تقديم الدفاع والدعم الإعلامي لاستخدام الأطفال والنساء حتى لبس رجاله العباءة النسائية، وكان عليه الترويج لأخبار محددة بمصطلحات متفق عليها (كالغازات السامة)، ليس هذا الدور عبثياً أوتلقائياً، بل هو مرسوم ومحدد وانتقائي المراد منه استدراج التدخل الدولي للضغط على القيادة من أجل تقييد المؤسسة العسكرية، ثم استنزافها يومياً، هذا الذراع لم يكن أقل خطورة من المليشيات التي فخخت وفجرت، وحرقت، وقتلت وأصابت رجال الأمن بعاهات، بل هو الجمرة الخبيثة الكامنة وراء تراخيص قانونية شرعت لهم العمل، والتعبير دون أن تحاسبهم على جرائمهم، وتم التغاضي عنهم أيضاً بنصائح رعاة الإرهاب، وأصحاب مشروع «الربيع».
لقد كنتم المرمى لهم واستقبلتم القصف نيابة عنا، وتحملتموه نيابة عنا، وحملتم عبئاً لا يتحمله أحد ورضيتم بصبر، وجلد حتى تطاول عليكم السفيه، والطفل المدفوع لارتكاب الفعل الإجرامي، بعد أن اختبأ المحرضون خلف جدرانهم وتحت مكيفاتهم وبين أحضان زوجاتهم، أوفي أقفاصهم الزجاجية في أحقر سلوك يفتقد الرجولة وصبرتم، وتحملتم من أجل أن يظل رأس البحرين عالياً شامخاً .. لهذا أقول لكم اليوم .. على راسي.
لقد حميتم شعب البحرين من حرب أهلية كانت ستأكل الأخضر واليابس، حميتم أهل القرى قبل أهل المدن، ولولا صمودكم لنزل المارة في الشارع لأخذ حقهم ممن قطع عليهم الطرق، ولولا تحملكم لدافع الناس عن أنفسهم، وهم يُرمون بالقاذفات، وبالمولوتوف. لقد قدمتم صدوركم نيابة عنا فعلى راسي. على راسي أنتم و أمهاتكم وزوجاتكم اللاتي تحملن الكثير حين كنّ يودعنكم وهنّ محتسبات، على راسي .. آباؤكم و أبناؤكم خاصة من ودع، ووارى تحت الثرى أعز ما لديه من أجل هذه الأرض، أو من تحمل ألم معالجة فلذات أكباده من عاهات الحرق، وقطع الأطراف والتشوهات التي لحقت بكم. لقد حفظ الله البحرين وأخرجها من بطن الحوت، وكنتم أنتم من سخركم رب العالمين لهذه المهمة الشريفة .. فعلى راسي جميع منتسبي المؤسسة العسكرية من داخلية، ومن حرس وطني، ووزارة الدفاع.
و التكريم الذي سمعتموه بالأمس من الجميع بدءاً بمن زاركم في مواقعكم بقصد النزول معكم ومشاركتكم واجبكم أي سمو رئيس الوزراء حفظه الله كان أقل ما تستحقونه وهو الرجل الحكيم الذي يعرف مقدار تضحياتكم فأبى إلا أن يقولها لكم في مواقعكم واقفاً بينكم، والتكريم الذي سمعتموه من قياداتكم الأمنية، ومن خطباء الجمعة والاحتفاء الشعبي، والإعلامي بكم كان أقل ما يمكن تقديمه لكم .. فلا أقل من أن نقول لكم .. على راسي.