في مارس 2011، حين كانت البحرين تشهد أحداث 14 فبراير الإرهابية دخل الخوف واليأس قلوبنا بعد أن أحكمت عناصر 14 فبراير حصارها الدولي علينا، وبدأت الدولة تضعف وتضمحل حتى ظننا أنها ستسقط، ودب الذعر بعد أن فقد الأمن وصارت ميليشيا 14 فبراير الإرهابية تجوب المدن والشوارع وتعتدي على منازلنا دون حسيب أو رقيب، إلى أن أعلن الملك عبدالله بن عبدالعزيز الانحياز «للدولة» البحرينية، فدفعت دول الخليج العربي بقوات درع الجزيرة دعماً لصمود «الدولة» ومؤسساتها ومساعدتها على الثبات وحمايتها من الانهيار.
المشهد ذاته يتكرر في مفارقة دالة مع مصر؛ فبعد أن أحكم التنظيم الدولي للإخوان إطباق قبضته الدولية على مصر، ورفعت أمريكا وفرنسا الحالة المصرية لمجلس الأمن، وبعد أن أعلنت معظم الدول الأوروبية قطع معوناتها الاقتصادية عن مصر، وبعد أن أشهر عناصر جماعة الإخوان، معززين بحلفائهم من الجماعات المتطرفة، السلاح علانية في وجه المصريين وانطلقوا في الشوارع يحرقون مؤسسات الدولة، ودب اليأس في قلوب المصريين من صعوبة السيطرة على الوضع الأمني في مصر، يخرج الملك عبدالله بن عبدالعزيز ليعلن دعم السعودية «للدولة» المصرية، ويدعو الجميع لمساندة مصر ضد الإرهاب الذي تواجهه، فتتداعى الدول العربية تباعاً لفك الحصار الدولي عن مصر ولدعم «الدولة» المصرية ومساندتها أمام المؤامرة الدولية التي تحاك ضدها.
كلمة الملك عبدالله كانت تنم عن متابعة ووعي حثيثين لأحداث مصر، فقد وصف ما يحدث فيها بالإرهاب والضلالة والفتنة والذي يقوده مضللون لبسطاء المصريين. وهذا الوصف يخرج تلك الأعمال من الدفاع عن الشرعية والشريعة التي يتنطع بها الإخوان وحلفاؤهم، إذ ليس من الشرع قتل الأقباط وحرق كنائسهم، وهم من أوصى بهم رسول الله خيراً، وليس من الشرعية التحريض السافر على الجيش المصري الذي أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ووصفه بخير أجناد الأرض.
كما تضمنت الكلمة التحذير الصريح من زعزعة «الدولة» المصرية العريقة وتهديد وحدتها واستقرارها، وتلك هي جوهر مشكلة الحكم الإخواني السابق لمصر الذي جاء بفكر يعادي مفهوم «الدولة» حين تصادم مع مؤسسات الدولة من قضاء وإعلام وثقافة ونقابات وطالب بتطهيرها، وحين ضخم من خطر فلول النظام السابق وطالب بعزلهم دون تمييز، وروج لخرافة الدولة العميقة سعياً لتنفيذ مشروع الأخونة وهدم أسس الدولة المصرية الأعرق والأقدم في التاريخ البشري التي تمتد في عصرها الحديث إلى محمد علي باشا وفي عصورها الأقدم إلى ما قبل 7 آلاف سنة، واليوم ها هم الإخوان يحرقون مؤسسات الدولة ويعملون، جهاراً أمام جميع وسائل الإعلام، على ضرب البنية التحتية «للدولة» المصرية.
وعبرت الكلمة عن إدراك حصيف لأهمية التفاف المنظومة العربية والإسلامية الفكرية منها والسياسية مع مصر ضد المؤامرة التي تتعرض لها في مواجهة الالتفاف العالمي الذي يقوده تنظيم الإخوان الدولي وزعماء الصهاينة أمثال جون ماكين ضد «الدولة» المصرية.
الإخوان ينفثون آخر جرائمهم ضد مصر بممارستهم الإرهاب الذي يمثل ركناً أساسياً في تاريخهم الذي يؤكدون ثباتهم عليه كل عقدين تقريباً ابتداء من اغتيال الخزندار والنقراشي باشا في عهد الملك فاروق، ومحاولات اغتيال عبدالناصر ومحاولات الانقلاب ضده ونجاحهم في اغتيال أنور السادات وما تبعه من الأعمال الإرهابية في الثمانينات والتسعينات، وانتهاءً بالمظاهر المفزعة من قتل وحرق وحمل الأسلحة ورفع علم القاعدة، التي لا يحاربون بها الحكومة المصرية أو جيش مصر فحسب، بل يحاربون بها الشعب المصري بكافة مكوناته.
حين تشتد الأزمات والمحن يثبت لنا الملك عبدالله أنه زعيم المواقف الحاسمة، وحامل رمانة الميزان التي تقلب حسابات أصحاب المشاريع الخاصة وغير الوطنية. ونحن نعلن عن تأييدنا «للدولة» المصرية العريقة المتماسكة التي صدّرت للعالم مفهوم «الدولة» والحضارة والمواطنة، ونفخر بدعمنا لجيش مصر العظيم الذي خاض معارك الكرامة طوال تاريخه ضد أعداء الأمة من المغول والتتار والصليبيين والفرنسيين والبريطانيين والصهاينة، وهو اليوم يخوض معارك تاريخية ضد قوى التكفير والظلام وقطع الرؤوس التي كانت تعد الزحف من سيناء وليبيا إلى مدن مصر العريقة، وندعم قرار الشعب المصري في إكمال ثورته واستعادتها ممن قفز عليها وسرقها لحساب تنظيمه الخاص، ونؤيد حقه في وضع خارطة طريق سياسية ترضيه دون تدخل من أحد أو وصاية من دعي أو عميل ودون هرطقة وشعارات فارغة.