الحوار أكمل 100 يوم دون أن يبدأ المجتمعون فيه بـ «التحاور» الفعلي ومناقشة ما يتضمنه جدول الأعمال، والمشكلة أن هذا التطويل «المتعمد» والواضح من قبل «الفريق الانقلابي» بدأ ينعكس سلباً على المواطن الذي ترسخت لديه قناعة بأن أي تحريك لوضع البلد أو وضعه سيكون مرهوناً بالحوار ونتائجه!
وبالتالي ما يراه المواطن من سيناريو المناكفات والمماحكات على الطاولة بالضرورة سيدفعه للقلق بأن الوضع حتى يتحرك يحتاج إلى أيام أكثر، ولربما نذكر مناسبة بلوغ الحوار 1000 يوم دون أن يبدأ الموجودون فيه بالتحاور بشأن المضامين، لأن «الفريق الانقلابي» المشارك لا يريد إلا إسقاط النظام والانقلاب على شرعية البلد والدستور وإلغاء الآخرين، حتى وهو جالس على طاولة الحوار، وحتى وهو يتحدث لتلفزيون البلد الرسمي.
الانقلابيون يعملون وفق «بروباغندا» مفضوحة ومكشوفة؛ هم يدخلون الحوار بنية عدم الانسحاب حتى لا يحسب عليهم ذلك مثلما حصل في السابق، وحتى لا يتهمهم الغرب بأنهم هم من يفشل الحوار، خاصة أن لسان المجتمع الدولي المراقب للشأن البحريني يؤيد دعوة جلالة الملك للحوار الدائم.
لكن «أسلوب اللعب» على طاولة الحوار واضح منذ الوهلة الأولى، هذه المجموعة لا تؤمن بوجود الآخر معها على الطرف المقابل للطاولة، تريد أن تدير المسألة برمتها كما تريد، ولا تريد أن تستمتع أو تتقبل وجهات النظر المختلفة معها، هم يعملون بأسلوب «يا تسلمونا البلد» وتحققون لنا كل ما نريد أو أن يستمر الوضع على ما هو عليه؛ أي «نحرق البلد وما فيها».
«الوفاق» هي من تقود الفريق الانقلابي الذي لا يجرؤ أحد من أفراده على قول رأيه الشخصي؛ بل عليه الالتزام بما تريد الوفاق قوله، استهداف ممثل الحكومة واضح، والتطاول على المكونات الأخرى بالسباب وأقذع الألفاظ أسلوب بين بهدف دفع الأطراف الأخرى لاتخاذ موقف والانسحاب حتى يقع اللوم على الآخرين هذه المرة.
المشكلة أننا لا نعرف السقف الزمني للحوار، وهو ما يعني أن المسألة قد تطول، والمقلق أن يكون توجس الناس في محله؛ بأن العديد من الأمور لن تتحرك على مختلف الأصعدة إلا حينما يخلص الحوار إلى نتيجة.
ما يحصل على الطاولة هو «عبث» صريح من قبل من هدفهم هو اختطاف الدولة وتفصيلها كما يريدون هم، وإن لم تكن هناك نهاية لهذا العبث فإن الحوار لن يفضي لنتيجة، وسيبقى الإنجاز الوحيد هو عدم انسحاب أي من الأطراف.
يمضي الفريق الانقلابي للعب بهذا الأسلوب في الوقت الذي يضع قدمه الأخرى في الشارع، فيواصل التحريض وشحن الناس وإعادتهم لأجواء «احتلال» الدوار بغية إسقاط النظام.
بموازاة ذلك هناك جبهة خارجية متجددة تفتح مع جارة السوء إيران كلما أرادت البحرين أن تطبق القانون على أحد «عملاء» طهران، وكلما يحصل ذلك نجد استنفاراً، جهة تدافع عن بلدها البحرين وعروبتها واستقلالها، وجهة تضرب بلدها في ظهرها بخناجر مسمومة وتدافع عن الخامنائي ونظامه، ووسط المعمعة يتعب المواطن في توقع القادم، أهو أسوأ أم أفضل؟!
وهنا خيراً فعل وزير الخارجية حينما تواصل مع الجهات الخارجية لبيان حجم التدخلات الإيرانية الصريحة والتهديدات الموجهة للبحرين، وهي مسألة تثبت لمن مازال يحاول تبرئة ساحة نظام الخامنائي بأن الأطماع الإيرانية ما زالت قائمة وأنها تعتمد على طابورها الخامس بالداخل، والدليل تحويل الولي الفقيه إلى ما يشبه القديس الذي لا يجب أن يمس أو يطبق عليه القانون، في أسلوب غريب أن يصدر ممن يدعي أن يطالب بإقامة الدولة المدنية القائمة على التعددية التي يتساوى فيها المواطنون على كف المساواة.
كل ما يحصل يثبت أمراً واحداً فقط، نوايا اختطاف البلد قائمة، والمعادلة لدى الانقلابيين تكمن في استحواذهم على البلد وبالاستناد على هذا الدعم الإيراني والحصانة الخامنائية لوليهم الفقيه، وإلا البديل هو حرق البلد وإنهاك أهله الذين مازالوا يبحثون عن بلدهم الذي عرف بالأمن والأمان.